- أولاً : (( الأسماء الحسنى من أعظم أسباب دخول الجنة )) :
لمن عرفها وآمن بها وأدَّى حقَّها . فعن أبي هريرة (( رضي الله عنه ))
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لله تسعةٌ وتسعون اسمًا مائة إلاَّ واحدة لا يحفظها أحدٌ إلا دخل الجنة )) . وفي رواية : (( من أحصاها دخل الجنة )).
- ثانيًا : الأسماء الحسنى تعرِّفك بالله عزَّ وجلَّ :
عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن المشركين
قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد ، انسب لنا ربك .
فأنزل الله تعالى :
{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ }.
- ثالثًا : معرفة الأسماء الحسنى أصل عبادة الله تبارك وتعالى :
قال أبو القاسم التيمي الأصبهاني في بيان أهمية معرفة الأسماء الحُسنى
قال بعض العلماء : أول فرض فرضه اللهُ على خلقه معرفته ، فإذا عرَفه الناس عبدوه ،
وقال تعالى : { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ } [ محمد : 19 ] .
فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها ، فيعظموا اللَّه حقَّ عظمته .
قال : ولو أراد رجل أن يتزوج إلى رجل أو يُزَوِّجه أو يُعامله طلب أن يعرف اسمه وكنيته ،
واسم أبيه وجدِّه ، وسأل عن صغير أمره وكبيره ، فاللَّه الذي خلقنا ورزقنا ونحن نرجو
رحمته ونخاف من سخطته – وله المثل الأعلى - أولى أن نعرف أسماءه ، ونعرف
تفسيرها .
فمثلا : من عرف أنه حييُّ كريم قوي فيه رجاؤه وازداد فيه طمعه ،
فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( إن ربكم تبارك وتعالى حَييٌّ كريم
يستحي مِن عبده إذا رفع يديه إليه أن يردَّهما صفرًا )).
- رابعًا : الأسماء الحسنى أعظم الأسباب لإجابة الدعاء :
قال تعالى : { وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا } [ الأعراف : 180 ] .
فدعاء الله بأسمائه الحسنى هو أعظم أسباب إجابة الدعوة وكشف البلوة ،
فإنه يرحم ؛ لأنه الرحمن ، الرحيم ، ويغفر ؛ لأنه الغفور ،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل اللَّه بأسمائه الحُسنى ويتوسل إليه بها ،
فكان يقول : (( أسألك بكل اسم هو لك ، سمَّيت به نفسك ، أو علَّمته أحدًا من خلقك ، أو
أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ؛ أن تجعل القرآن ربيع
قلبي ... )) .
وقد دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسجد
، فسمع رجلاً يقول : اللهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت اللَّه لا إله إلا أنت ،
الأحد الصمد الذي لم يَلد ولم يُولد ولم يكن له كفوًا أحد .
فقال : (( لقد سألت اللَّه بالاسم الذي إذا سُئِل به أعطى ، وإذا دُعي به أجاب )) .
وفي رواية فقال :
(( والذي نفسي بيده ، لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دُعِي به أجاب ،
وإذا سُئِل به أعطى )) .
وفي رواية لأحمد :
أنه سمع رجلاً يقول بعد التشهد : اللهم إني أسألك يا اللَّه الأحد الصمد ،
الذي لم يَلد ولم يُولد ولم يكن له كفوًا أحد أن تغفر لي ذنوبي ، إنك أنت الغفور الرحيم .
فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( قد غُفِرَ له ، قد غُفِرَ له )) . ثلاثًا.
- خامسًا : إن اللَّه يحب من أحب أسماءَه الحسنى :
عن عائشة رضي اللَّه عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم
بعث رجلاً على سَريَّة ، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم ، فيختم بـ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ،
فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ،
فقال : (( سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ ))
فسألوه ، فقال : (( لأنها صفة الرحمن ، وأنا أحبُّ أن أقرأ بها )) .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أخبروه أن الله يحبه )) .
وفي حديث آخر ، قال الرجل : إني أحبها . فقال : (( حُبُّك إياها أدخلك الجنة )).
- سادسًا: دعاء اللَّه بأسمائه الحسنى أعظم أسباب تفريج الكروب وزوال الهموم:
عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
أنه قال : (( ما أصاب أحدًا قط همٌ ولا حزنٌ ، فقال : اللهمَّ إني عبدك ، ابن عبدك ،
ابن أَمتك ، ناصيتي بيدك ، ماضٍ فيَّ حكُمك ، عدلٌ فيَّ قضاؤُك ،
أسألك بكل اسم هو لك ، سميَّت به نفسك ، أو علَّمته أحدًا من خلقِك ،
أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيبِ عندك ،
أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي ،
إلا أذهب اللَّه همَّه وحزنه وأبدل مكانه فرحًا ))
. فقيل : يا رسول اللَّه ، أفلا نتعلمها ؟
فقال : (( بلى ينبغي لكل من سمعها أن يتعلمها )) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب
يقول : لا إله إلا اللَّه العظيمُ الحليمُ ، لا إله إلا الله ربُّ السماواتِ والأرضِ
ورب العَرشِ العظيم .
وفي رواية للنسائي وصححها الحاكم
عن علي: لقنني رسول الله صلى الله عليه وسلم
هؤلاء الكلمات وأمرني إن نزل كرب أو شدة أن أقولها.
- سابعًا : العلم بالأسماء الحسنى أصل كل شيء :
قال تعالى : { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ } [ الحديد : 3 ] .
وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم :
(( اللهم أنت الأول ، فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ... )) .
فإن اللَّه هو الأول فلم يسبقه شيءٌ ، وكل شيء دونه
إنما هو من خلقه ومن ثمرة أفعاله ومن آثار أسمائه وصفاته .
قال ابن القيم رحمه اللَّه : وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده ، فوجود من سواه
تابع لوجوده ، تبع المفعول المخلوق لخالقه ،
فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه ،
فالعلم بأسمائه تبارك وتعالى وإحصاؤها أصل لسائر العلوم ،
فمن أحصى أسماءَه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم ؛
إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم ؛
لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها.
ومن أمثلة ذلك :
الأصل في الخلق أن اللَّه هو(( الخالق )) ، فلا يوجد خلقٌ غير خلقه ،
ولا يوجد خالق سواه .
قال تعالى : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } [ الرعد : 16 ] .
والأصل في الرزق أن اللَّه هو الرزَّاق .
قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } [ الذاريات : 58 ] .
فهو الرزَّاق ولا رازق سواه ، وكل رزق إنما هو رازقه ،
وما من عطاءٍ إلا وهو الذي أعطاه ،
قال تعالى على لسان نبيه موسى :
{ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [ طه : 50 ] .
والأصل في الرحمة
أن اللَّه تبارك وتعالى هو الرحمن والرحيم ، فكل رحمة مشتقة من رحمته ،
فها هي الرحم قد اشْتق اسمها من اسمه الرحمن ،
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى.
أنه قال : (( أنا الرحمن وهي الرحم شققت لها اسمًا من اسمي ... )) .
والأصل في المغفرة
أن اللَّه هو الغفار ، والغفور ،
قال تعالى : { وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ }[آل عمران:135].
وكل عفوٍ ومغفرة إنما يكون من مغفرة اللَّه وعفوه ،
وهو الذي علَّم عباده كيف يعفون ويغفرون .
قال تعالى: { وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبـُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ } [ النور : 22 ].
- ثامنًا: معرفة اللَّه بأسمائه وصفاته هي أصل خشيته تبارك وتعالى :
إن العلم بأسماء الله جل ثناؤه وصفاته
ومعرفة معانيها يُحْدِثُ خشية ورهبة في قلب العبد ،
فمن كان بالله أعرف فهو منه أخوف ، ومن كان به أعلم كان على شريعته أقوم ،
قال تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [ فاطر : 28 ] .
قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية :
إنما يخاف اللَّهَ فيتقي عقابه بطاعته العلماءُ بقدرته على ما يشاء من شيء
وأنه يفعل ما يريد .
وقال ابن مسعود رضي اللَّه عنه : ليس العلم عن كثرة الرواية ، ولكن العلم الخشية ،
{ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [ فاطر : 28 ] .
ولذلك فقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
أشد الناس خشية للَّه تبارك وتعالى ؛ لأنه كان أعلم الناس به ،
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أنا أعلمكم باللَّه وأشدكم له خشية )) .
وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم : (( إن أتقاكم وأعلمكم باللَّه أنا )) .
فمعرفة الله عز وجل أساس تعظيمه وخشيته وأعظم أسباب البعد عمَّا يغضبه .
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( إن اللَّه أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض وعنقه مثنية تحت العرش
وهو يقول : سبحانك ما أعظمك ربَّنا ، فيُرد عليه : لا يعلم ذلك من حلف بي كاذبًا )) .
أي : لو عَلِمَ الحالفُ باللَّه كذبًا عظمة اللَّه جل جلاله لخَشِيَه واتقاه
وما اجترأ على هذا الفعل وأمثاله .
- تاسعًا : من عرف الأسماء الحسنى كما ينبغي فقد عرف كلَّ شيء :
أيها الأحبة في اللَّه ، إن أسماء اللَّه الحسنى كلها حُسن وبركة ،
ومن حُسنها أنها تعرفك بكل شيء على حقيقته من غير إفراطٍ ولا تفريط .
فمن عرف أن اللَّه عزَّ وجلَّ هو الخالق ، عرف أن كل ما دونه مخلوق ،
قال تعالى : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ } [ الرعد : 16 ] .
ومن عرف أن اللَّه عز وجل هو الرزاق علم أن كل ما دونه مرزوق ،
قال تعالى : { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا } [ هود : 6 ] ،
وكذلك يعلم أنه لا يملك الرزق سواه ،
قال تعالى : { وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ } [ النمل : 64 ] .
ومن عرف أن اللَّه تبارك وتعالى هو الملك ، عرف أن كل ما دونه مملوك ،
قال تعالى : { وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } [ المائدة : 17 ] .
ولذلك قيل : مَن عرف ربه فقد عرف نفسه .
فمن عرف ربه بالغِنى ، عرف نفسه بالفقر .
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } [ فاطر : 15 ] .
ومن عرف ربه بالبقاء عرف نفسه بالفناء.
قال تعالى: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ}[الرحمن:26،27].
ومن عرف اللَّه بالعلم ، عرف نفسه بالجهل ،
قال تعالى : { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 216 ] .
وحين ركب الخضر مع موسى عليهما السلام السفينة ،
نظر إلى عصفور قد نقر في البحر نقرة أو نقرتين ،
فقال الخضر لموسى (( عليهما السلام )) :
(( ما علمي وعلمك من علم اللَّه إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر )) .
فمن عرف اللَّه عزَّ وجلَّ بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ، علم أنه بالكمال موصوف ،
وبالإحسان والجمال والجلال معروف ، وعرف أيضًا نفسه بكل نقص وعيب
، إلا أن يرزقه الله عز وجل كمال الإيمان وصالح الأعمال فيورث له ذلك عبودية صادقة
بالانكسار بين يدي الجبار تبارك وتعالى ، فيذل لعزته ويخضع لقوته .
وهذا هو دأب الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
فها هو رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتعبد لربه بذلك
فيقول : (( اللهم أنت ربي ، لا إله إلا أنت ، خلقتني وأنا عبدك ... )) .
فلما عرف أن اللَّه هو ربه وإلهه وخالقه ، عرف نفسه بعبوديته له ،
فقال: (( وأنا عبدك ... )) .
وقال أيضًا في دعاء الاستخارة : (( فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام
الغيوب ... )) .
- عاشرًا : حسن الظن باللَّه عز وجل :
ويُعد حسن الظن باللَّه تعالى ثمرة للفضيلة السابقة .
فمن عرف غِنى الله وفقر خلقه ، وقدرة اللَّه وعجز خلقه ، وقوة اللَّه وضعف خلقه
، عرف مقدار افتقار الخلق لغنى الله ، وضعفهم لقوته ،
وتواضعهم لعظمته ، وذلتهم لعزته ، تبارك وتعالى .
فإذا تبين له ذلك على الحقيقة فسيُعظِّم اللَّهَ وحده ويخافه ويصبح عبدًا له وحده ،
فمن دخل قلبه اليقين على قدرة اللَّه ، خرج منه اليقين على قدرة الخلق ،
ومن خشي اللَّه تبارك وتعالى خرجت من قلبه خشية مَنْ سواه ،
فورث له ذلك حسنَ ظنه باللَّه عز وجل واعتصام به دون سواه
وتوكل عليه دون غيره وسلم له في كل أمره ،
وهذا بعينه ما حدث لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصاحبه رضي الله عنه في الغار
حين أحاط بهم المشركون ،
فقال أبو بكر رضي الله عنه : لو نظر أحدهم أسفل قدميه لرآنا ،
فقال عليه الصلاة والسلام : (( ما ظنك باثنين اللَّه ثالثهما )).
- الحادية عشرة : لا يضر مع اسم اللَّه شيء :
ومن فضائل أسماء اللَّه الحُسنى أنها يُستجلب بها الخير ويستدفع بها الشر.
فاسم اللَّه يدفع الضرر ويرفعه.
فعن عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه
قال : سمعت رسول اللَّه ( عليه الصلاة والسلام ) يقول : (( ما من عبدٍ يقول في صباح
كل يوم ، ومساء كل ليلة : بسم اللَّه الذي لا يضر مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في
السماء وهو السميع العليم ، ثلاث مرات فيضره شيء )).
- الثانية عشرة : الأسماء الحسنى وأثرها في الحلال والحرام :
ولم تقتصر فضائل الأسماء الحسنى وبركتها على حياة القلوب وتفريج الكروب ،
بل وكذلك كان لها أعظم الأثر في الفقه ،
فترى أن ذكر اسم اللَّه على شيء قد يفرق بين الحلال والحرام .
فأحلّ اللَّهُ عز وجل الذبيحة التي ذُكِر اسمُه عليها ، بل وأمر بالأكل منها .
قال تعالى : { فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ } [ الأنعام : 118 ] .
وعاتب من لا يأكل مما ذكر اسم اللَّه عليه ،
قال تعالى : { وَمَا لَكُمْ أَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } [ الأنعام : 119 ] .
وعن عدي بن حاتم قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم
قلت : أُرسِلُ ****ي المعلمة ؟ قال : (( إذا أرسلتَ ****َك المعلمةَ وذكرتَ اسم اللَّه
فأمسكن فكُل )) .
وقد نهى عن أكل اللحم أو الصيد الذي لم يُذكر اسمُ اللَّه عليه ،
قال تعالى : { وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ } [ الأنعام : 121 ] .
- الثالثة عشرة : العلم بأسماء اللَّه الحسنى أعظم العلوم وأشرفها :
إن أشرف العلوم هي العلوم الشرعية ،
وأشرف العلوم الشرعية هو العلم بأسماء اللَّه الحسنى ، وصفاته العُلى ؛
لتعلقها بأشرف من يمكن التعلم عنه ؛ وهو اللَّه سبحانه وتعالى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه تعالى :
والقرآن فيه من ذكر أسماء اللَّه وصفاته وأفعاله ،
أكثر مما فيه من ذكر الأكل والشرب والنكاح في الجنة ،
والآيات المتضمنة لذكر أسماء اللَّه وصفاته أعظم قدرًا من آيات المعاد .
فأعظم آية في القرآن آية الكرسي المتضمنة لذلك - أي لأسماء الله وصفاته -
كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأُبي بن كعب :
(( أَتَدري أي آية من كتاب اللَّه معك أعظم ؟ )) .
قال : قلت : { اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } [ البقرة : 255 ] )) .
قال : فضرب في صدري وقال : (( واللَّه ليهنك العلم أبا المنذر )).
وقد ثبت في الصحيح
عنه صلى الله عليه وسلم من غير وجه أن { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } تعدل ثلث القرآن.
- الرابعة عشرة : بركة الأسماء الحسنى في المعيشة :
قال تعالى : { تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ } [ الرحمن : 78 ] .
ومن بركة الأسماء الحسنى أن الشيطان لا يقرب ما ذُكر عليه اسمُ الله
، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه
قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء )) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( قال إبليس : يا رب ، ليس أحدٌ من خلقك إلا جعلت له رزقًا ومعيشة ، فما رزقي ؟
قال : ما لم يُذكرعليه اسمي )).
- الخامسة عشرة : بركة الأسماء الحسنى تلحق الذرية :
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه ابن عباس رضي اللَّه عنهما :
(( لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال : بسم اللَّه ، اللهمَّ جنبنا الشيطان وجنب
الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إن يُقَدَّر بينهما ولدُ في ذلك لم يضره شيطان أبدًا )) .
- السادسة عشرة : أسماء اللَّه أعظم أسباب شفاء :
فإن اللَّه تبارك وتعالى هو خالق البدن ويعلم دائَه ، وبيده وحده شفاؤه ، ودواؤه ،
وخير دواء .
وأعظم شفاء هو أسماء اللَّه عز وجل ،
ولذلك حين عاد جبريل عليه السلام رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم
في مرضه لم يجد سببًا للشفاء خيرًا من أن يرقيه باسم اللَّه عز وجل .
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
أن جبريل عليه السلام أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال :
يا محمد ، أشتكيت ؟ قال : (( نعم )) . قال : (( بسم اللَّه أرقيك ، من كل شيءٍ يؤذيك ،
ومن شر كل نفس أو عين حاسد ، اللَّه يَشْفِيك ، بسم اللَّه أرقيك )) .
- السابعة عشرة : النجاة من الوسوسة :
فمن عرف الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ثبت إيمانه وصدق يقينه
، فكان لمجاهدة الشيطان أشد وعلى دفع الوساوس أقوى .
فعن أبي زميل قال : سألت ابن عباس ، فقلت : ما شيءٌ أجد في صدري؟
قال : ما هو ؟ قلت : واللَّه ما أتكلم به ، قال : فقال لي أشيءٌ من شك ؟
قال : وضحك ، قال : ما نجا من ذلك أحد .
قال حتى أنزل الله عز وجل : { فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ
الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ } الآية [ يونس : 94 ] ،
قال : فقال لي : (( إذا وجدت في نفسك شيئًا ،
فقُل : { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [ الحديد : 3 ] ))