{ 3 }
«إنَّ اللّه يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالاحسَانِ وَإيتَاءِ ذي القُربى وَينَهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمنُكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلّكُم تَذَكَّرُونَ».
( القرآن الكريم)
«الَّذيِنَ يَستَمِعُونَ القَولَ فَيتَّبِعُونَ أحسَنَهُ أولئكَ الذيِنَ هَدَاهُمُ اللّهُ وَأولَئِكَ هُم أولُو الألبَابِ».
(القرآن الكريم)
{ 4 }
«إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما».
(الرسول الأعظم)
«أفاضلكم أحسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافا الذين يألفُون ويُؤلفَون وتُوطأ رحالهُم».
(الرسول الأعظم)
مُقدمَة الكِتَابَ
{ 6 }
بِسِم اللّهِ الرحَمنِ الرحيَمِ
الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. وبعد:
فإنّ علم الأخلاق هو: العلم الباحث في محاسن الأخلاق ومساوئها، والحث على التحلي بالأولى والتخلي عن الثانية.
ويحتل هذا العلم مكانة مرموقة، ومحلاً رفيعاً بين العلوم، لشرف موضوعه، وسمو غايته. فهو نظامها، وواسطة عقدها، ورمز فضائلها، ومظهر جمالها، إذ العلوم بأسرها منوطة بالخُلق الكريم، تزدان بجماله، وتحلو بآدابه، فإن خلت منه غدت هزيلة شوهاء، تثير السخط والتقزز.
ولا بدع فالأخلاق الفاضلة هي التي تحقق في الانسان معاني الانسانية الرفيعة، وتحيطه بهالة وضّاءة من الجمال والكمال، وشرف النفس والضمير، وسمو العزة والكرامة، كما تمسخه الأخلاق الذميمة، وتحطّه الى سويّ الهمج والوحوش.
وليس أثر الأخلاق مقصوراً على الأفراد فحسب، بل يسري الى الأمم والشعوب، حيث تعكس الأخلاق حياتها وخصائصها ومبلغ رقيها، أو تخلفها في مضمار الأمم.
وقد زخر التاريخ بأحداث وعبر دلّت على أنّ فساد الأخلاق وتفسخها كان معولاً هدّاماً في تقويض صروح الحضارات، وانهيار كثير من الدول والممالك:
{ 7 }
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم*** فأقم عليهم مأتماً وعويلا
وناهيك في عظمة الأخلاق، أن النبي صلّى اللّه عليه وآله أولاها عناية كبرى، وجعلها الهدف والغاية من بعثته ورسالته، فقال:
(بعثت لاُتمّم مكازم الأخلاق ).
وهذا هو ما يهدف إليه علم الأخلاق، بما يرسمه من نظم وآداب، تهذّب ضمائر الناس وتقوّم أخلاقهم، وتوجههم الى السيرة الحميدة، والسلوك الأمثل.
وتختلف مناهج الأبحاث الخلقية وأساليبها باختلاف المعنيين بدراستها من القدامى والمحدثين: بين متّزمت غال في فلسفته الخلقية، يجعلها جافة مرهقة عسرة التطبيق والتنفيذ. وبين متحكّم فيها بأهوائه، يرسمها كما اقتضت تقاليده الخاصة، ومحيطه المحدود، ونزعاته وطباعه، مما يجردها من صفة الأصالة والكمال. وهذا ما يجعل تلك المناهج مختلفة متباينة، لا تصلح أن تكون دستوراً أخلاقياً خالداً للبشرية.
والملحوظ للباحث المقارن بين تلك المناهج أنّ أفضلها وأكملها هو: النهج الاسلامي، المستمد من القرآن الكريم، وأخلاق أهل البيت عليهم السلام، الذي ازدان بالقصد والاعتدال، وأصالة المبدأ، وسمو الغاية، وحكمة التوجيه، وحسن الملائمة لمختلف العصور والأفكار.
وهو النهج الفريد الأمثل الذي يستطيع بفضل خصائصه وميزاته أن يسمو بالناس فرداً ومجتمعاً، نحو التكامل الخُلقي، والمثل الأخلاقية العليا، بأسلوب شيق محبب، يستهوي العقول والقلوب، ويحقق لهم ذلك بأقرب
{ 8 }
وقت، وأيسر طريق.
هو منهج يمثل سموّ آداب الوحي الإلهي، وبلاغة أهل البيت عليهم السلام، وحكمتهم، وهم يسيرون على ضوئه، ويستلهمون مفاهيمه، ويستقون من معينه، ليحيلوها إلى الناس حكمة بالغة، وأدباً رفيعاً، ودروساً أخلاقية فذة، تشع بنورها وطهورها على النفس، فتزكّيها وتنيرها بمفاهيمها الخيّرة وتوجيهها الهادف البنّاء.
من أجل ذلك تعشّقت هذا النهج، وصبوت إليه، وآثرت تخطيط هذه الرسالة ورسم أبحاثها على ضوئه وهداه.
ولئن اهتدى به أناس وقصر عنه آخرون، فليس ذلك بقادح في حكمته وسمو تعاليمه، وإنما هو لاختلاف طباع الناس، ونزعاتهم في تقبّل مفاهيم التوجيه والتأديب، وانتفاعهم بها، كاختلاف المرضى في انتفاعهم بالأدوية الشافية، والعقاقير الناجعة: فمنهم المنتفع بها، ومنهم من لا تجديه نفعاً.
ومما يحز في النفس، ويبعث على الأسى والأسف البالغين، أنّ المسلمين بعد أن كانوا قادة الأمم، وروّادها إلى الفضائل، ومكارم الأخلاق، قد خسروا مثاليتهم لانحرافهم عن آداب الاسلام، وأخلاقه الفذّة، ما جعلهم في حالة مزرية من التخلف والتسيب الخلقيين. لذلك كان لزاماً علهيم - إذا ما ابتغوا العزة والكرامة وطيب السمعة - أن يستعيدوا ما أغفلوه من تراثهم الأخلاقي الضخم، وينتفعوا برصيده المذخور، ليكسبوا ثقة الناس وإعجابهم من جديد، وليكونوا كما أراد اللّه تعالى لهم: (خير أمة
{ 9 }
أخرجت للناس).
وتلك أمنية غالية، لا تُنال إلا بتظافر جهود المخلصين من أعلام الأمة الإسلامية وموجهيها، على توعية المسلمين، وحثهم على التمسك بالأخلاق الإسلامية، ونشر مفاهيمها البنّاءة والإهتمام بعرضها عرضاً شيقاً جذاباً، يغري الناس بدراستها والافادة منها.
وهذا ما حداني إلى تأليف هذا الكتاب، وتخطيطه على ضوء الخصائص التالية:
(1) إن هذا الكتاب لم يستوعب علم الأخلاق، وإنما ضمَّ أهمَّ أبحاثه، وأبلغها أثراً في حياة الناس. وقد جهدت ما استطعت في تجنب المصطلحات العلمية وألفاظها الغامضة، وعرضتها بأسلوب واضح مركّز، يُمتع القارئ، ولا يرهقه بالغموض والإطناب ، الباعثين على الملل والسأم.
(2) إختيار الأحاديث والأخبار الواردة فيه من الكتب المعتبرة والمصادر الوثيقة لدى المحدثين والرواة.
(3) الإهتمام بذكر محاسن الخلق الكريم، ومساوئ الخلق الذميم، وبيان آثارهما الروحية والمادية في حياة الفرد أو المجتمع.
والجدير بالذكر: أن المقياس الخلقي في تقييم الفضائل الخلقية، وتحديد واقعها هو: التوسط والإعتدال، المبرأ من الإفراط والتفريط.
فالخلق الرضيّ هو: ما كان وسطاً بين المغالاة والإهمال، كنقطة الدائرة من محيطها، فإذا انحرف عن الوسط الى طرف الافراط أو التفريط غدى خلقاً ذميماً.
{ 10 }
فالعفة فضيلة بين رذيلتي الشر والجمود: فإن أفرط الانسان يها كان جامداً خاملاً، معرضاً عن ضرورات الحياة ولذائذها المشروعة، وإن فرّط فيها وقصّر، كان شرهاً جشعاً، منهمكاً على اللذائذ والشهوات.
والشجاعة فضيلة بين رذيلتي التهور والجبن: فإن أفرط الشجاع فيها كان متهوراً مجازفاً فيما يحسن الاحجام عنه، وإن فرَّط وقصّر كان جباناً هيّاباً محجماً عمّا يحسن الاقدام عليه.
والسخاء فضيلة بين رذيلتي التبذير والبخل: فإن أفرط فيها كان مسرفاً مبذراً سخياً على من لا يستحق البذل والسخاء، وإن فرّط فيها وقصر كان شحيحاً بخيلاً فيما يجدر الجود والسخاء فيه... وهكذا دواليك.
من أجل ذلك كان كسب الفضائل، والتحلّي بها، والثبات عليها، من الأهداف السامية التي يتبارى فيها، ويتنافس عليها، ذوو النفوس الكبيرة، والهمم العالية، ولاينالها إلا ذو خظ عظيم.
ولم أرَ أمثال الرجال تفاوتاً*** لدى المجد حتى عُد ألف بواحد
وإني لأرجو اللّه عز وجل أن يتقبل مني هذا المجهود المتواضع ويثيبني عليه، بلطفه الواسع، وكرمه الجزيل، وأن يوفقني وإخواني المؤمنين للانتفاع به، والسير على ضوئه، إنّه وليّ الهداية والتوفيق.
الكاظمية مهدي السيد علي اللصدر
{ 11 }
«إنَّ اللّه يَأمُرُ بِالعَدلِ وَالاحسَانِ وَإيتَاءِ ذي القُربى وَينَهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمنُكَرِ وَالبَغيِ يَعِظُكُم لَعَلّكُم تَذَكَّرُونَ».
( القرآن الكريم)
«الَّذيِنَ يَستَمِعُونَ القَولَ فَيتَّبِعُونَ أحسَنَهُ أولئكَ الذيِنَ هَدَاهُمُ اللّهُ وَأولَئِكَ هُم أولُو الألبَابِ».
(القرآن الكريم)
{ 4 }
«إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما».
(الرسول الأعظم)
«أفاضلكم أحسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافا الذين يألفُون ويُؤلفَون وتُوطأ رحالهُم».
(الرسول الأعظم)
مُقدمَة الكِتَابَ
{ 6 }
بِسِم اللّهِ الرحَمنِ الرحيَمِ
الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. وبعد:
فإنّ علم الأخلاق هو: العلم الباحث في محاسن الأخلاق ومساوئها، والحث على التحلي بالأولى والتخلي عن الثانية.
ويحتل هذا العلم مكانة مرموقة، ومحلاً رفيعاً بين العلوم، لشرف موضوعه، وسمو غايته. فهو نظامها، وواسطة عقدها، ورمز فضائلها، ومظهر جمالها، إذ العلوم بأسرها منوطة بالخُلق الكريم، تزدان بجماله، وتحلو بآدابه، فإن خلت منه غدت هزيلة شوهاء، تثير السخط والتقزز.
ولا بدع فالأخلاق الفاضلة هي التي تحقق في الانسان معاني الانسانية الرفيعة، وتحيطه بهالة وضّاءة من الجمال والكمال، وشرف النفس والضمير، وسمو العزة والكرامة، كما تمسخه الأخلاق الذميمة، وتحطّه الى سويّ الهمج والوحوش.
وليس أثر الأخلاق مقصوراً على الأفراد فحسب، بل يسري الى الأمم والشعوب، حيث تعكس الأخلاق حياتها وخصائصها ومبلغ رقيها، أو تخلفها في مضمار الأمم.
وقد زخر التاريخ بأحداث وعبر دلّت على أنّ فساد الأخلاق وتفسخها كان معولاً هدّاماً في تقويض صروح الحضارات، وانهيار كثير من الدول والممالك:
{ 7 }
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم*** فأقم عليهم مأتماً وعويلا
وناهيك في عظمة الأخلاق، أن النبي صلّى اللّه عليه وآله أولاها عناية كبرى، وجعلها الهدف والغاية من بعثته ورسالته، فقال:
(بعثت لاُتمّم مكازم الأخلاق ).
وهذا هو ما يهدف إليه علم الأخلاق، بما يرسمه من نظم وآداب، تهذّب ضمائر الناس وتقوّم أخلاقهم، وتوجههم الى السيرة الحميدة، والسلوك الأمثل.
وتختلف مناهج الأبحاث الخلقية وأساليبها باختلاف المعنيين بدراستها من القدامى والمحدثين: بين متّزمت غال في فلسفته الخلقية، يجعلها جافة مرهقة عسرة التطبيق والتنفيذ. وبين متحكّم فيها بأهوائه، يرسمها كما اقتضت تقاليده الخاصة، ومحيطه المحدود، ونزعاته وطباعه، مما يجردها من صفة الأصالة والكمال. وهذا ما يجعل تلك المناهج مختلفة متباينة، لا تصلح أن تكون دستوراً أخلاقياً خالداً للبشرية.
والملحوظ للباحث المقارن بين تلك المناهج أنّ أفضلها وأكملها هو: النهج الاسلامي، المستمد من القرآن الكريم، وأخلاق أهل البيت عليهم السلام، الذي ازدان بالقصد والاعتدال، وأصالة المبدأ، وسمو الغاية، وحكمة التوجيه، وحسن الملائمة لمختلف العصور والأفكار.
وهو النهج الفريد الأمثل الذي يستطيع بفضل خصائصه وميزاته أن يسمو بالناس فرداً ومجتمعاً، نحو التكامل الخُلقي، والمثل الأخلاقية العليا، بأسلوب شيق محبب، يستهوي العقول والقلوب، ويحقق لهم ذلك بأقرب
{ 8 }
وقت، وأيسر طريق.
هو منهج يمثل سموّ آداب الوحي الإلهي، وبلاغة أهل البيت عليهم السلام، وحكمتهم، وهم يسيرون على ضوئه، ويستلهمون مفاهيمه، ويستقون من معينه، ليحيلوها إلى الناس حكمة بالغة، وأدباً رفيعاً، ودروساً أخلاقية فذة، تشع بنورها وطهورها على النفس، فتزكّيها وتنيرها بمفاهيمها الخيّرة وتوجيهها الهادف البنّاء.
من أجل ذلك تعشّقت هذا النهج، وصبوت إليه، وآثرت تخطيط هذه الرسالة ورسم أبحاثها على ضوئه وهداه.
ولئن اهتدى به أناس وقصر عنه آخرون، فليس ذلك بقادح في حكمته وسمو تعاليمه، وإنما هو لاختلاف طباع الناس، ونزعاتهم في تقبّل مفاهيم التوجيه والتأديب، وانتفاعهم بها، كاختلاف المرضى في انتفاعهم بالأدوية الشافية، والعقاقير الناجعة: فمنهم المنتفع بها، ومنهم من لا تجديه نفعاً.
ومما يحز في النفس، ويبعث على الأسى والأسف البالغين، أنّ المسلمين بعد أن كانوا قادة الأمم، وروّادها إلى الفضائل، ومكارم الأخلاق، قد خسروا مثاليتهم لانحرافهم عن آداب الاسلام، وأخلاقه الفذّة، ما جعلهم في حالة مزرية من التخلف والتسيب الخلقيين. لذلك كان لزاماً علهيم - إذا ما ابتغوا العزة والكرامة وطيب السمعة - أن يستعيدوا ما أغفلوه من تراثهم الأخلاقي الضخم، وينتفعوا برصيده المذخور، ليكسبوا ثقة الناس وإعجابهم من جديد، وليكونوا كما أراد اللّه تعالى لهم: (خير أمة
{ 9 }
أخرجت للناس).
وتلك أمنية غالية، لا تُنال إلا بتظافر جهود المخلصين من أعلام الأمة الإسلامية وموجهيها، على توعية المسلمين، وحثهم على التمسك بالأخلاق الإسلامية، ونشر مفاهيمها البنّاءة والإهتمام بعرضها عرضاً شيقاً جذاباً، يغري الناس بدراستها والافادة منها.
وهذا ما حداني إلى تأليف هذا الكتاب، وتخطيطه على ضوء الخصائص التالية:
(1) إن هذا الكتاب لم يستوعب علم الأخلاق، وإنما ضمَّ أهمَّ أبحاثه، وأبلغها أثراً في حياة الناس. وقد جهدت ما استطعت في تجنب المصطلحات العلمية وألفاظها الغامضة، وعرضتها بأسلوب واضح مركّز، يُمتع القارئ، ولا يرهقه بالغموض والإطناب ، الباعثين على الملل والسأم.
(2) إختيار الأحاديث والأخبار الواردة فيه من الكتب المعتبرة والمصادر الوثيقة لدى المحدثين والرواة.
(3) الإهتمام بذكر محاسن الخلق الكريم، ومساوئ الخلق الذميم، وبيان آثارهما الروحية والمادية في حياة الفرد أو المجتمع.
والجدير بالذكر: أن المقياس الخلقي في تقييم الفضائل الخلقية، وتحديد واقعها هو: التوسط والإعتدال، المبرأ من الإفراط والتفريط.
فالخلق الرضيّ هو: ما كان وسطاً بين المغالاة والإهمال، كنقطة الدائرة من محيطها، فإذا انحرف عن الوسط الى طرف الافراط أو التفريط غدى خلقاً ذميماً.
{ 10 }
فالعفة فضيلة بين رذيلتي الشر والجمود: فإن أفرط الانسان يها كان جامداً خاملاً، معرضاً عن ضرورات الحياة ولذائذها المشروعة، وإن فرّط فيها وقصّر، كان شرهاً جشعاً، منهمكاً على اللذائذ والشهوات.
والشجاعة فضيلة بين رذيلتي التهور والجبن: فإن أفرط الشجاع فيها كان متهوراً مجازفاً فيما يحسن الاحجام عنه، وإن فرَّط وقصّر كان جباناً هيّاباً محجماً عمّا يحسن الاقدام عليه.
والسخاء فضيلة بين رذيلتي التبذير والبخل: فإن أفرط فيها كان مسرفاً مبذراً سخياً على من لا يستحق البذل والسخاء، وإن فرّط فيها وقصر كان شحيحاً بخيلاً فيما يجدر الجود والسخاء فيه... وهكذا دواليك.
من أجل ذلك كان كسب الفضائل، والتحلّي بها، والثبات عليها، من الأهداف السامية التي يتبارى فيها، ويتنافس عليها، ذوو النفوس الكبيرة، والهمم العالية، ولاينالها إلا ذو خظ عظيم.
ولم أرَ أمثال الرجال تفاوتاً*** لدى المجد حتى عُد ألف بواحد
وإني لأرجو اللّه عز وجل أن يتقبل مني هذا المجهود المتواضع ويثيبني عليه، بلطفه الواسع، وكرمه الجزيل، وأن يوفقني وإخواني المؤمنين للانتفاع به، والسير على ضوئه، إنّه وليّ الهداية والتوفيق.
الكاظمية مهدي السيد علي اللصدر
{ 11 }