الإيثار:
وهو: أسمى درجات الكرم، وأرفع مفاهيمه، ولا يتحلى بهذه الصفة المثالية النادرة، إلا الذين جلوا بالأريحية، وبلغوا قمة السخاء، فجادوا بالعطاء، وهم بأمسّ الحاجة اليه، وآثروا بالنوال، وهم في ضنك من الحياة. وقد أشاد القرآن بفضلهم قائلاً: «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة» (الحشر: 9)
وسئُل الصادق عليه السلام: أي الصدقة أفضل، قال: جُهد المُقِل، أما سمعت اللّه تعالى يقول: «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة»(1).
ولقد كان النبي صلى اللّه عليه وآله المثل الأعلى في عظمة الايثار، وسمو الاريحية.
قال جار بن عبد اللّه: ما سُئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله شيئاً فقال لا.
وقال الصادق عليه السلام: «إن رسول اللّه أقبل الى الجِعِرانة، فقسم فيها الأموال، وجعل الناس يسألونه فيعطيهم، حتى ألجأوا الى
_____________________
(1) الوافي ج 6 ص 58 عن الفقيه.
{ 78 }
شجرة فأخذت برده، وخدشت ظهره، حتى جلوه عنها، وهم يسألونه. فقال: أيها الناس ردوا علي بردي، واللّه لو كان عندي عدد شَجَرِ تهامة نعماً لقسمته بينكم، ثم ما ألفيتموني جباناً ولا بخيلاً...»(1).
وقد كان صلى اللّه عليه وآله يؤثر على نفسه البؤساء والمعوزين، فيجود عليهم بماله وقوته، ويظل طاوياً، وربما شد حجر المجاعة على بطنه مواساة لهم.
قال الباقر عليه السلام: «ما شبع النبي من خبز بُر ثلاثة أيام متوالية، منذ بعثه اللّه إلى أن قبضه»(2).
وهكذا كان أهل بيته عليهم السلام في كرمهم وإيثارهم:
قال الصادق عليه السلام: «كان عليّ أشبه الناس برسول اللّه، كان يأكل الخبز والزيت، ويطعم الناس الخبز واللحم»(3).
وفي علي وأهل بيته الطاهرين، نزلت الآية الكريمة:
«ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً. إنما نطعمكم لوجه اللّه لا نريد منكم جزاءاً ولا شكوراً» (الدهر: 8 - 9)
فقد أجمع أولياء أهل البيت على نزولها في علي وفاطمة والحسن والحسين... وقد أخرجه جماعة من أعلام غيرهم، وإليك ما ذكره الزمخشري في تفسير
_____________________
(1) سفينة البحار ج 1 ص 607 عن علل الشرائع. والجعرانة موضع بين مكة والطائف.
(2) سفينة البحار ج 1 ص 194 عن الكافي.
(3) البحار م 9 ص 538 عن الكافي.
{ 79 }
السورة من الكشاف.
قال: «وعن ابن عباس أنّ الحسن والحسين مرضا، فعادهما رسول اللّه في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما، إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام فشفيا، وما معهم شيء، فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً، واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم اللّه من موائد الجنة، فآثروه، وباتوا ولم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صياماً، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم، وقف عليهم يتيم فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك.
فلما أصبحوا أخذ عليّ بيد الحسن والحسين وأقبلوا الى رسول اللّه، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، قال: ما أشدّ ما يسوؤني ما أرى بكم، وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها، قد التصق بطنها بظهرها، وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبرائيل وقال: خذها يا محمد هنّاك اللّه ي أهل بيتك، فأقرأه السورة»(1).
وقد زخرت أسفار السير بإيثارهم، وأريحيتهم، بما يطول ذكره في هذا البحث المجمل.
_____________________
(1) عن الكلمة الغراء - لمرحوم آية اللّه السيد عبد الحسين شرف الدين ص 29 نقل بتصرف وتلخيص.
وهو: أسمى درجات الكرم، وأرفع مفاهيمه، ولا يتحلى بهذه الصفة المثالية النادرة، إلا الذين جلوا بالأريحية، وبلغوا قمة السخاء، فجادوا بالعطاء، وهم بأمسّ الحاجة اليه، وآثروا بالنوال، وهم في ضنك من الحياة. وقد أشاد القرآن بفضلهم قائلاً: «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة» (الحشر: 9)
وسئُل الصادق عليه السلام: أي الصدقة أفضل، قال: جُهد المُقِل، أما سمعت اللّه تعالى يقول: «ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة»(1).
ولقد كان النبي صلى اللّه عليه وآله المثل الأعلى في عظمة الايثار، وسمو الاريحية.
قال جار بن عبد اللّه: ما سُئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله شيئاً فقال لا.
وقال الصادق عليه السلام: «إن رسول اللّه أقبل الى الجِعِرانة، فقسم فيها الأموال، وجعل الناس يسألونه فيعطيهم، حتى ألجأوا الى
_____________________
(1) الوافي ج 6 ص 58 عن الفقيه.
{ 78 }
شجرة فأخذت برده، وخدشت ظهره، حتى جلوه عنها، وهم يسألونه. فقال: أيها الناس ردوا علي بردي، واللّه لو كان عندي عدد شَجَرِ تهامة نعماً لقسمته بينكم، ثم ما ألفيتموني جباناً ولا بخيلاً...»(1).
وقد كان صلى اللّه عليه وآله يؤثر على نفسه البؤساء والمعوزين، فيجود عليهم بماله وقوته، ويظل طاوياً، وربما شد حجر المجاعة على بطنه مواساة لهم.
قال الباقر عليه السلام: «ما شبع النبي من خبز بُر ثلاثة أيام متوالية، منذ بعثه اللّه إلى أن قبضه»(2).
وهكذا كان أهل بيته عليهم السلام في كرمهم وإيثارهم:
قال الصادق عليه السلام: «كان عليّ أشبه الناس برسول اللّه، كان يأكل الخبز والزيت، ويطعم الناس الخبز واللحم»(3).
وفي علي وأهل بيته الطاهرين، نزلت الآية الكريمة:
«ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً. إنما نطعمكم لوجه اللّه لا نريد منكم جزاءاً ولا شكوراً» (الدهر: 8 - 9)
فقد أجمع أولياء أهل البيت على نزولها في علي وفاطمة والحسن والحسين... وقد أخرجه جماعة من أعلام غيرهم، وإليك ما ذكره الزمخشري في تفسير
_____________________
(1) سفينة البحار ج 1 ص 607 عن علل الشرائع. والجعرانة موضع بين مكة والطائف.
(2) سفينة البحار ج 1 ص 194 عن الكافي.
(3) البحار م 9 ص 538 عن الكافي.
{ 79 }
السورة من الكشاف.
قال: «وعن ابن عباس أنّ الحسن والحسين مرضا، فعادهما رسول اللّه في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما، إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام فشفيا، وما معهم شيء، فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً، واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم اللّه من موائد الجنة، فآثروه، وباتوا ولم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صياماً، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم، وقف عليهم يتيم فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك.
فلما أصبحوا أخذ عليّ بيد الحسن والحسين وأقبلوا الى رسول اللّه، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، قال: ما أشدّ ما يسوؤني ما أرى بكم، وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها، قد التصق بطنها بظهرها، وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبرائيل وقال: خذها يا محمد هنّاك اللّه ي أهل بيتك، فأقرأه السورة»(1).
وقد زخرت أسفار السير بإيثارهم، وأريحيتهم، بما يطول ذكره في هذا البحث المجمل.
_____________________
(1) عن الكلمة الغراء - لمرحوم آية اللّه السيد عبد الحسين شرف الدين ص 29 نقل بتصرف وتلخيص.