الحسد
وهو تمني زوال نعمة المحسود، وانتقالها للحاسد، فإن لم يتمنَّ زوالها بل تمنى نظيرها، فهو غبطة، وهي ليست ذميمة.
والحسد من أبشع الرذائل وألأم الصفات، وأسوأ الانحرافات الخلقية أثراً وشراً، فالحسود لا ينفك عن الهم والعناد، ساخطاً على قضاء اللّه سبحانه في رعاية عبيده، وآلائه عليهم، حانقاً على المحسود، جاهداً في كيده، فلا يستطيع ذلك، فيعود وبال حسده عليه، ويرتد كيده في نحره.
ناهيك في ذم الحسد والحساد، وخطرها البالغ، أن اللّه تعالى أمر بالاستعاذة من الحاسد، بعد الاستعاذة من شر ما خلق قائلاً: «ومن شر حاسد إذا حسد»
(الفلق: 5)
لذلك تكاثرت النصوص في ذمه والتحذير منه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: «الحسد يأكل الحسنات، كما تأكل النار الحطب»(1).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من
_____________________
(1) البحار م 15 ج 3 عن المجازات النبوية، وجاء في الكافي عن الصادق عليه السلام «يأكل الايمان» بدل الحسنات.
{ 216 }
الحاسد، نَفَس دائم، وقلب هائم، وحزن لازم»(1).
وقال الحسن بن علي عليه السلام: «هلاك الناس في ثلاث: الكبر، والحرص، والحسد.
فالكبر: هلاك الدين وبه لُعن إبليس.
والحرص: عدو النفس، وبه أخرج آدم من الجنة.
والحسد: رائد السوء، ومنه قتل قابيل هابل»(2).
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ذات يوم لأصحابه: «ألا إنه قد دبَّ اليكم داء الامم من قبلكم وهو الحسد، ليس بحالق الشعر، لكنه حالق الدين، ويُنجي منه أن يكفَّ الانسان يده، ويخزن لسانه، ولا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن»(3).
بواعث الحسد:
للحسد أسباب وبواعث نجملها في النقاط التالية:
1 - خبث النفس:
فهناك شذّاذ طبعوا على الخُبث واللؤم، فتراهم يحزنون بمباهج الناس
_____________________
(1) البحار م 15 ج 3 ص 131 عن كنز الكراجكي.
(2) عن كشف الغمة.
(3) البحار م 15 ج 3 ص 131 عن مجالس الشيخ المفيد وأمالي ابن الشيخ الطوسي.
{ 217 }
وسعادتهم، ويُسرّون بشقائهم ومآسيهم، ومن ثم يحسدونهم على ما آتاهم اللّه من فضله، وإن لم يكن بينهم تِرة أو عداء. وذلك لخبثهم ولؤم طباعهم.
2- العداء:
وهو أقوى بواعث الحسد، وأشدها صرامة على مكايدة الحسود واستلاب نعمته.
3 - التنافس:
بين أرباب المصالح والغايات المشتركة: كتحاسد أرباب المهن المتحدة وتحاسد الأبناء في الحظوة لدى آبائهم، وتحاسد بطانة الزعماء والأمراء في الزلفى لديهم.
وهكذا تكثر بواعث الحسد بين فئات تجمعهم وحدة الأهداف والروابط، فلاتجد تحاسداً بين متباينين هدفاً واتجاهاً، فالتاجر يحسد نظيره التاجر دون المهندس والزارع.
4 - الأنانية:
وقد يستحوذ الحسد عن ذويه بدافع الأثرة والأنانية، رغبة في التفوق على الاقران، وحباً بالتفرّد والظهور.
5 - الازدراء:
وقد ينجم الحسد على ازدراء الحاسد للمحسود، مستكثراً نِعَم اللّه عليه، حاسداً له على ذلك.
وربما اجتمعت بواعث الحسد في شخص، فيغدو آنذاك بركاناً ينفجر حسداً وبغياً، يتحدى محسوده تحدياً سافراً مليئاً بالحنق واللؤم، لا يستطيع
{ 218}
كتمان ذلك، مما يجعله شريراً مجرماً خطيراً.
مساوئ الحسد:
يختص الحسد بين الأمراض الخلقية بأنّه أشدّها ضرراً، وأسوأها مغبةً في دين الحاسد ودنياه.
1 - فمن أضراره العاجلة في دنيا الحاسد، أنه يكدّر عليه صفو الحياة، ويجعله قرين الهمّ والعناء، لتبرمه بنِعَم اللّه على عباده، وهي عظيمة وفيرة، وذلك ما يشقيه، ويتقاضاه عللاً صحيحة ونفسية ماحقة.
كما يُفجعه في أنفس ذخائر الحياة: في كرامته، وسمعته، فتراه ذميماً مُحَقّراً، منبوذاً تمقته النفوس، وتنبذه الطباع.
ويفجعه كذلك في أخلاقه، فتراه لا يتحرج عن الوقيعة بمحسوده، بصنوف التهم والأكاذيب المحرّمة في شرعة الأخلاق، ولا يألو جهداً في إثارة الفتن المفرقة بينه وبين أودائه، وذوي قرباه، نكاية به وإذلالاً له.
وأكثر الناس إستهدافاً للحسد، ومعاناة لشروره وأخطاره، اللامعون المتفوقون من أرباب العلم والفضائل، لما ينفسه الحساد عليهم من سمو المنزلة، وجلالة القدر، فيسعون جاهدين في آزدرائهم واستنقاصهم، وشنّ الحملات الظالمة عليهم.
وهذا هو سر ظلامة الفضلاء، وحرمانهم من عواطف التقدير والاعزاز، وربما طاشت سهام الحسد، فأخلفت ظن الحاسد، وعادت
{ 219 }
عليه باللوعة والأسى، وعلى المحسود بالتنويه والاكبار كما قال أبو تمام:
وإذا أراد اللّه نصر فضيلة*** طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت*** ما كان يعرف طيب عَرف العود
لولا التخوف للعواقب لم يزل*** للحاسد النعمى على المسحود
ويقول الآخر:
إصبر على حسد الحسود*** فانّ صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضها*** إن لم تجد ما تأكله
2 - وأما أضرار الحسد الآجلة:
فقد عرفت ما يتذرع به الحاسد من صنوف الدس والتخريب في الوقيعة بالمحسود، وهدر كرامته. وهذا ما يعرض الحاسد لسخط اللّه تعالى وعقابه، ويأكل حسناته كما تأكل النار الحطب.
هذا الى تنمّر الحاسد، وسخطه على مشيئة اللّه سبحانه، في إغداق نعمه على عباده، وتلك جرأة صارخة تبّوئه السخط والهوان.
علاج الحسد:
واليك بعض النصائح العلاجية للحسد:
1 - تَركُ تطلع المرء الى من فوقه سعادة ورخاءً وجاهاً، والنظر الى من دونه في ذلك، ليستشعر عناية اللّه تعالى به، وآلائه عليه، فتخف بذلك نوازع الحسد وميوله الجامحة.
{ 220 }
2 - تذكّر مساوئ الحسد. وغوائله الدينية والدنيوية، وما يعانيه الحسّاد من صنوف المكاره والأزمات.
3 - مراقبة اللّه تعالى، والايمان بحكمة تدبيره لعباده، والاستسلام لقضائه، متوقياً بوادر الحسد، ومقتضياته الأثيمة من ثلب المحسود والاساءة اليه، كما قال صلى اللّه عليه وآله «ويُنجي منه أن يكفّ الانسان يده، ويخزن لسانه، ولا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن».
ولو لم يكن في نبذ الحسد الا استهجانه، والترفع عن الاتصاف بمثالبه المقيتة، لوجب نبذه ومجافاته.
وجدير بالآباء أن لا يميزوا بين أبنائهم في شمول العناية والبر. فيبذروا في نفوسهم سموم الحسد، ودوافعه الأثيمة.
وهو تمني زوال نعمة المحسود، وانتقالها للحاسد، فإن لم يتمنَّ زوالها بل تمنى نظيرها، فهو غبطة، وهي ليست ذميمة.
والحسد من أبشع الرذائل وألأم الصفات، وأسوأ الانحرافات الخلقية أثراً وشراً، فالحسود لا ينفك عن الهم والعناد، ساخطاً على قضاء اللّه سبحانه في رعاية عبيده، وآلائه عليهم، حانقاً على المحسود، جاهداً في كيده، فلا يستطيع ذلك، فيعود وبال حسده عليه، ويرتد كيده في نحره.
ناهيك في ذم الحسد والحساد، وخطرها البالغ، أن اللّه تعالى أمر بالاستعاذة من الحاسد، بعد الاستعاذة من شر ما خلق قائلاً: «ومن شر حاسد إذا حسد»
(الفلق: 5)
لذلك تكاثرت النصوص في ذمه والتحذير منه:
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: «الحسد يأكل الحسنات، كما تأكل النار الحطب»(1).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: «ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من
_____________________
(1) البحار م 15 ج 3 عن المجازات النبوية، وجاء في الكافي عن الصادق عليه السلام «يأكل الايمان» بدل الحسنات.
{ 216 }
الحاسد، نَفَس دائم، وقلب هائم، وحزن لازم»(1).
وقال الحسن بن علي عليه السلام: «هلاك الناس في ثلاث: الكبر، والحرص، والحسد.
فالكبر: هلاك الدين وبه لُعن إبليس.
والحرص: عدو النفس، وبه أخرج آدم من الجنة.
والحسد: رائد السوء، ومنه قتل قابيل هابل»(2).
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ذات يوم لأصحابه: «ألا إنه قد دبَّ اليكم داء الامم من قبلكم وهو الحسد، ليس بحالق الشعر، لكنه حالق الدين، ويُنجي منه أن يكفَّ الانسان يده، ويخزن لسانه، ولا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن»(3).
بواعث الحسد:
للحسد أسباب وبواعث نجملها في النقاط التالية:
1 - خبث النفس:
فهناك شذّاذ طبعوا على الخُبث واللؤم، فتراهم يحزنون بمباهج الناس
_____________________
(1) البحار م 15 ج 3 ص 131 عن كنز الكراجكي.
(2) عن كشف الغمة.
(3) البحار م 15 ج 3 ص 131 عن مجالس الشيخ المفيد وأمالي ابن الشيخ الطوسي.
{ 217 }
وسعادتهم، ويُسرّون بشقائهم ومآسيهم، ومن ثم يحسدونهم على ما آتاهم اللّه من فضله، وإن لم يكن بينهم تِرة أو عداء. وذلك لخبثهم ولؤم طباعهم.
2- العداء:
وهو أقوى بواعث الحسد، وأشدها صرامة على مكايدة الحسود واستلاب نعمته.
3 - التنافس:
بين أرباب المصالح والغايات المشتركة: كتحاسد أرباب المهن المتحدة وتحاسد الأبناء في الحظوة لدى آبائهم، وتحاسد بطانة الزعماء والأمراء في الزلفى لديهم.
وهكذا تكثر بواعث الحسد بين فئات تجمعهم وحدة الأهداف والروابط، فلاتجد تحاسداً بين متباينين هدفاً واتجاهاً، فالتاجر يحسد نظيره التاجر دون المهندس والزارع.
4 - الأنانية:
وقد يستحوذ الحسد عن ذويه بدافع الأثرة والأنانية، رغبة في التفوق على الاقران، وحباً بالتفرّد والظهور.
5 - الازدراء:
وقد ينجم الحسد على ازدراء الحاسد للمحسود، مستكثراً نِعَم اللّه عليه، حاسداً له على ذلك.
وربما اجتمعت بواعث الحسد في شخص، فيغدو آنذاك بركاناً ينفجر حسداً وبغياً، يتحدى محسوده تحدياً سافراً مليئاً بالحنق واللؤم، لا يستطيع
{ 218}
كتمان ذلك، مما يجعله شريراً مجرماً خطيراً.
مساوئ الحسد:
يختص الحسد بين الأمراض الخلقية بأنّه أشدّها ضرراً، وأسوأها مغبةً في دين الحاسد ودنياه.
1 - فمن أضراره العاجلة في دنيا الحاسد، أنه يكدّر عليه صفو الحياة، ويجعله قرين الهمّ والعناء، لتبرمه بنِعَم اللّه على عباده، وهي عظيمة وفيرة، وذلك ما يشقيه، ويتقاضاه عللاً صحيحة ونفسية ماحقة.
كما يُفجعه في أنفس ذخائر الحياة: في كرامته، وسمعته، فتراه ذميماً مُحَقّراً، منبوذاً تمقته النفوس، وتنبذه الطباع.
ويفجعه كذلك في أخلاقه، فتراه لا يتحرج عن الوقيعة بمحسوده، بصنوف التهم والأكاذيب المحرّمة في شرعة الأخلاق، ولا يألو جهداً في إثارة الفتن المفرقة بينه وبين أودائه، وذوي قرباه، نكاية به وإذلالاً له.
وأكثر الناس إستهدافاً للحسد، ومعاناة لشروره وأخطاره، اللامعون المتفوقون من أرباب العلم والفضائل، لما ينفسه الحساد عليهم من سمو المنزلة، وجلالة القدر، فيسعون جاهدين في آزدرائهم واستنقاصهم، وشنّ الحملات الظالمة عليهم.
وهذا هو سر ظلامة الفضلاء، وحرمانهم من عواطف التقدير والاعزاز، وربما طاشت سهام الحسد، فأخلفت ظن الحاسد، وعادت
{ 219 }
عليه باللوعة والأسى، وعلى المحسود بالتنويه والاكبار كما قال أبو تمام:
وإذا أراد اللّه نصر فضيلة*** طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت*** ما كان يعرف طيب عَرف العود
لولا التخوف للعواقب لم يزل*** للحاسد النعمى على المسحود
ويقول الآخر:
إصبر على حسد الحسود*** فانّ صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضها*** إن لم تجد ما تأكله
2 - وأما أضرار الحسد الآجلة:
فقد عرفت ما يتذرع به الحاسد من صنوف الدس والتخريب في الوقيعة بالمحسود، وهدر كرامته. وهذا ما يعرض الحاسد لسخط اللّه تعالى وعقابه، ويأكل حسناته كما تأكل النار الحطب.
هذا الى تنمّر الحاسد، وسخطه على مشيئة اللّه سبحانه، في إغداق نعمه على عباده، وتلك جرأة صارخة تبّوئه السخط والهوان.
علاج الحسد:
واليك بعض النصائح العلاجية للحسد:
1 - تَركُ تطلع المرء الى من فوقه سعادة ورخاءً وجاهاً، والنظر الى من دونه في ذلك، ليستشعر عناية اللّه تعالى به، وآلائه عليه، فتخف بذلك نوازع الحسد وميوله الجامحة.
{ 220 }
2 - تذكّر مساوئ الحسد. وغوائله الدينية والدنيوية، وما يعانيه الحسّاد من صنوف المكاره والأزمات.
3 - مراقبة اللّه تعالى، والايمان بحكمة تدبيره لعباده، والاستسلام لقضائه، متوقياً بوادر الحسد، ومقتضياته الأثيمة من ثلب المحسود والاساءة اليه، كما قال صلى اللّه عليه وآله «ويُنجي منه أن يكفّ الانسان يده، ويخزن لسانه، ولا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن».
ولو لم يكن في نبذ الحسد الا استهجانه، والترفع عن الاتصاف بمثالبه المقيتة، لوجب نبذه ومجافاته.
وجدير بالآباء أن لا يميزوا بين أبنائهم في شمول العناية والبر. فيبذروا في نفوسهم سموم الحسد، ودوافعه الأثيمة.