بسم الله الرحمن الرحيم
الأصل في هذه المسألة حديث رسول اللهr: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي"([1]) ، و الكل مسلم به إلا نه قد وقع الخلاف في فهم النص وبناء على ذلك اختلفوا في إجماعهم إلى طوائف :
الأولى : فسرت سنة الخلفاء على أنها شدة الحرص على الكتاب والسنة والاهتداء بهديهما ، وهؤلاء : منعوا العمل بإجماع الخلفاء ، يقول ابن حزم : "وأيضا فإن الرسول صلى الله عليه و سلم إذا أمر باتباع سنن الخلفاء الراشدين لا يخلو ضرورة من أحد وجهين إما أن يكون rأباح أن يسنوا سننا غير سننه فهذا ما لا يقوله مسلم ...فمن أباح أن يكون للخلفاء الراشدين سنة لم يسنها رسول الله rفقد أباح أن يحرموا شيئا كان حلالا على عهده rإلى أن مات أو أن يحلوا شيئا حرمه رسول الله r... وأما أن يكون أمر باتباعهم في اقتدائهم بسنته rفهكذا نقول"([2]) . وإلى هذا المذهب مال الغزالي([3]) و الشوكاني رحمه الله([4]) .
ويظهر ــ والله أعلم ــ أن سبب الخلاف في هذه المسألة مبني على مسألة : حجية قول الصحابي؟
الثانية : فسرت سنة الخلفاء بما أجمعوا عليه ، وهو مذهب أبي خازم من الحنفية ([5]) وهي رواية عن أحمد([6]) ، ويبنى عليه : ان ما اتفق عليه الخلفاء حجة لازمة.
الثالثة : أن اتفاقهم حجة وليس إجماعا وهو ظاهر قول أحمد([7]) .
والحق أن اتفاق الصحابة لا يعتبر إجماعا ولا حجة لأسباب :
- أننا قد بعث إلينا نبي واحد ــ كما قال الشوكاني ــ ، فإن خالف الخلفاء سنة النبي في مسألة فالحجة في قول النبي r ، لقوله تعالى :)يَٟٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِيعُوا۟ ٱلرَّسُولَ( ، والخطأ جائز على الخلفاء رحمهم الله.
-أن رسول الله r قد قال في الحديث : "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي"([8]) ، فقرن سنته بسنتهم ، وهنا حالتان : أن يخالفوا سنة رسول اللهr فالواجب هنا اتباع سنة الرسول الكريم ، أو يوافقوا سنته فنكون عاملين في الصل بسنة نبينا r .
-أن الصحابة رضي الله عنهم ما فتئوا يخالفون الخلفاء رضي الله عنهم في اجتهاداتهم([9]) .
[1]- الترمذي : برقم 2676 وقال : هذا حديث صحيح ؛ مسند أحمد برقم : 17184 ؛ صحيح ابن حبان : 1/178.
[2]- إحكام ابن حزم : 6/240.
[3]- المستصفى : 169.
[4]- إرشاد الفحول : 2/188 – 189.
[5]- البحر المحيط : 3/535.
[6]- إجمال الإصابة : 47.
[7]- البحر المحيط : 3/353 ؛ إجمال الإصابة : 47.
[8]- سبق تخريجه.
[9]- المستصفى : 169.