[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الأكراد شعب مسلم شديد التمسك بالإسلام، شديد الإخلاص له، قدَّم للإسلام والمسلمين خدمات جليلة، وخرج من بينه قادة وعلماء كبار، كشيخ الإسلام أحمد بن تيمية، والقائد الأيوبي صلاح الدين وغيرهم من الرموز الإسلامية. غير أن ألاعيب السياسة وأفعال الساسة شرَّدت هذا الشعب ومزقت أحلامه، ثم جاء الاستعمار فبذر بذور العصبية للعرق، ونادى بالقومية الكردية.
وما زلت المشكلة الكردية قائمة حتى اليوم والحلول مُوزَّعة بين أكثر من أربع دول، والشعب الكردي بينهم لا حيلة له ولا قوة.
الموقع الجغرافي
كردستان تعني أرض الكرد، وهذه المنطقة تتضمن أجزاء من شمال العراق وشمال غرب إيران وشمال شرق سوريا وجنوب شرق تركيا، ويتواجد الأكراد -إضافةً إلى هذه المناطق- بأعداد قليلة في جنوب غرب أرمينيا وبعض مناطق أذربيجان ولبنان.
تم تقسيم إقليم كردستان إلی أربع دول قسرًا في اتفاقية "لوزان" المبرمة بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولی.
عدد الأكراد
قدَّرت الإحصاءات عددهم بحوالي 55 مليون نسمة، وتزداد كثافتهم في تركيا وإيران وسوريا والعراق، كذلك يوجد عدد منهم في دول كثيرة في أوربا وأمريكا الشمالية وأستراليا وإفريقيا.
أصل الكرد
يكتنف الغموض أصل الكرد، لكن أغلب الباحثين متفقون على أنهم ينتمون إلى المجموعة الهندوأوربية، وأنهم أحفاد قبائل الميديين التي هاجرت في مطلع الألف الثانية قبل الميلاد، واستطاعت أن تنشر نفوذها بين السكان الأقدمين، وربما استطاعت إذابتهم لتتشكل تركيبة سكانية جديدة عرفت فيما بعدُ بالكرد[1].
دخول الأكراد في الإسلام
قبل مجيء الإسلام كان الأكراد يعيشون في ظل الدولة الفارسية، وما أن جاء الإسلام وبدأت الدعوة الإسلامية في الظهور حتى دخل الأكراد في دين الله أفواجًا، وذلك بحلول عام 21هـ. ومنذ ذلك الوقت أصبح الأكراد جزءًا لا يتجزأ من كيان الدولة الإسلامية، وصاروا إخوة لباقي المسلمين على اختلاف عرقياتهم وأصولهم، وشاركوهم في الحروب والفتوحات.
ويدين الغالبية العظمى من الأكراد بالإسلام على المذهب السني الشافعي، مع وجود قلة من الشيعة في جنوب كردستان. كذلك يوجد بين الكرد عدد من الأقليات الدينية الأخرى، وعددهم قليل جدًّا كالنصارى بشمال كردستان، وكبعض الملل المارقة عن الإسلام كالكاكائيَّة، وطائفة أهل الحق في الجزء الجنوبي.
الدولة الأيوبية والدور التاريخي للأكراد
برز الأكراد في التاريخ الإسلامي من خلال دولة كبرى كانوا هم مؤسسيها، وقامت هذه الدولة بجهود كبيرة في توحيد مصر والشام بينما كانت الخلافة العباسية في حالة ضعفٍ شديد، وتصدت هذه الدولة للصليبيين في مصر والشام، وتمكنت من الانتصار عليهم في معارك عظيمة في "حطين" و"المنصورة"، واستمرت الدولة ما يقرب من مائة عام من 569هـ إلى 661هـ.
هذه الدولة هي الدولة الأيوبية التي أسسها القائد المسلم الكردي الفذُّ صلاح الدين الأيوبي -الذي ربما لا يعلم الكثيرون أنه كان كرديًّا- وقد نشأ هذا البطل في تكريت بالعراق، وجاء مصر مع عمه أسد الدين شيركوه، وتمكن من إسقاط الدولة العبيدية الإسماعيلية وإقامة دولة سنية، ثم تمكن من توحيد مصر والشام في دولةٍ قوية انتصرت على الصليبيين، وتولت أسرته الكردية الحكم من بعده حتى نهاية الدولة، وقيام دولة المماليك[2].
بداية المشكلة وضياع الحلول
وفي العصور المتأخرة عاش الأكراد في إقليم كردستان وكان كيانًا واحدًا في ظل إمارات مستقلة، لكن نظرًا لاختلاف المعتقد بين الشاه إسماعيل الصفوي المطبق على حكم الإقليم وبين الشعب الكردي السني حدثت الفُرقة، ودخل الأكراد في متاهة لم يخرجوا منها حتى الآن.
وقد سعى الأكراد إلى من يخلِّصهم من الحكم الصفوي؛ ولذلك فقد قامت الدولة العثمانية الخصم الأكبر للصفويين، بإقناع أمراء الأكراد ورؤساء العشائر وحكام المقاطعات بالانقلاب على حكم الشاه، وعليه قامت عدة مدن كردية بالتمرد والثورة على الشاه، كديار بكر، وبدليس، وكركوك، وأردبيل.
ثم تفاقمت المشكلة الكردية بمجيء عام 1514م عند اصطدام الدولتين الصفوية والعثمانية في معركة جالديرن، والتي كان من نتائجها تقسيم كردستان إلى دولتين الأولى عثمانية والثانية صفوية.
وفي عام 1515م حدث اتفاق بين السلطان العثماني وأمراء الأكراد يتضمن اعتراف الدولة العثمانية بسيادة تلك الإمارات على كردستان، وبقاء الحكم الوراثي فيها، وفق مجموعة من الشروط. ثم تبع ذلك عدة معاهدات بين الدولة الصفوية والعثمانية بشأن هذا الإقليم.
ثم ازدادت المشكلة الكردية تعقيدًا ببروز الدور الاستعماري للدولة الغربية، حيث سعت هذه الدول إلى تقسيم الشعوب العربية والإسلامية إلى أقليات دينية وعرقية؛ بهدف إضعاف القوى الإسلامية وتفتيت قواها، فسعت في بادئ الأمر إلى تقسيم إقليم كردستان إلى أربع مقاطعات وزعتها على أربع دول، ثم هي الآن تسعى في تأجيج نار الطائفية والعنصرية عن طريق الدعوة إلى القومية الكردية..
حتى بات كثير من الأكراد لا يدعون إلا لوحدته الكردية، بجمع الأكراد في وطن واحد، تاركين بذلك الدعوة إلى الوحدة الإسلامية؛ وما دفعهم لهذا إلا كثرة ما لاقَوْه من ظلمٍ من كافة الدول المحيطة بهم.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
"فلقد اعتبر الكرد أنهم تعرضوا للاضطهاد والتنكيل والشرذمة على يد شركائهم في المنطقة، وهو شعور توجه أولاً نحو الفرس في الدولة الإيرانية ونحو الترك في الدولة العثمانية، لكن الأمر اتسع بعد الحرب العالمية الأولى ليشمل كل الدول الأربع التي توزع عليها الكرد، وبدأت منذ ذلك الحين معالم علاقة متوترة ومتشككة، وأحيانًا عدائية ودموية بين الكرد وهذه الدول، حتى باتت القضية الكردية جزءًا محوريًّا من أسباب التوتر في المنطقة منذ نحو تسعين عامًا"[3].
أسباب التعنت في حل المشكلة الكردية
1- يشير باسيل نيكتين قنصل روسيا السابق بإيران إلى أسباب التطاحن والصراع الواقع في إقليم كردستان، وسر تمسك الدول المحيطة به بقسمٍ منه، فيقول في كتابه (الكرد): "منطقة الكردستان لها أهمية جغرافية واقتصادية كبرى، فهي إحدى الصلات بين الشرق والغرب، وفيها تتفجر ينابيع غزيرة من النفط الحيوي للعالم..."[4].كذلك فإن المنطقة غنية بالمعادن والموارد الطبيعية.
2- سعي الدول الاستعمارية الكبرى في تأجيج الصراعات المذهبية، والنعرات العصبية، وإحياء القوميات لزعزعة الأمن في هذه المنطقة.
3- خوف دول كتركيا والعراق من التهديدات الكردية في حال اعترافها باستقلال الأجزاء الكردية، كذلك فإن لبعض الدول كإيران أطماعًا توسعية.
4- عمدت بعض الدول إلى استغلال الأزمة الكردية لمصالح خاصة بها؛ فإيران على سبيل المثال كانت تدعم الحركة الكردية العراقية لإشغال النظام العراقي، فلما تعارضت مصالحها مع أكراد العراق أوقفت الدعم، بل هي الآن في حالة صدام وتشاحن معها.
وكذلك فعلت العراق بأكراد إيران بعد الثورة الإيرانية، حيث أمدتهم بالسلاح لمواجهة السلطة الجديدة، وفي الوقت ذاته كانت في مواجهة مع أكراد العراق. وكانت سوريا تستقبل أكراد العراق وتتعاطف معهم، بينما تمتنع عن تلبية بعض الحقوق لأكراد سوريا، بما فيها منح عشرات الآلاف منهم الجنسية.
كذلك سعت دول كأمريكا إلى إعاقة أية اتفاقات بين الأكراد ودول كالعراق لحل مشكلتهم، وقديمًا ساندت أوربا أتاتورك وأعاقت عملية الاستقلال التي مهدت لها معاهدة "سيفر1920م"؛ لرغبة أوربا في إبراز مصطفى كمال أتاتورك كبطل؛ لدعمه في حربه على الإسلام والخلافة الإسلامية في تركيا مقر الخلافة. لذا لم يكن من مصلحتهم إضعافه بتمكين الأكراد من الحصول على استقلالهم.
حلول مقترحة لحل المشكلة الكردية
أشار أحد الباحثين إلى عدة حلول للمشكلة الكردية، وذكر أن هذه الحلول -وإن كانت في الظروف العادية تُعتَبَر إجراءات تعزِّز الطائفية- فإن اتخاذها في ظروف الأكراد بصورة استثنائية ولمدة محددة، قد يُسهم في تدارك الكثير من الظلم الذي وقع عليهم، كما يُعزِّز من شعورهم بالانتماء إلى بلادهم، ويُشعرهم بالمواطنة الحقيقية. ومن هذه الحلول:
أولاً: الإبقاء على القضية حيةً وسط جموع المسلمين؛ وذلك عن طريق التوعية المستمرة، والفهم الواضح لجذور المشكلة الكردية، وتطوراتها على مرِّ السنين، وحقيقة أطراف الصراع، وأهدافهم العاجلة والآجلة.
ثانيًا: يجب المحافظة على طرح قضية الأكراد في لقاءات منظمة المؤتمر الإسلامي باستمرار، مع تفعيل دور المنظمات الإسلامية للقيام بدورها نحو الأكراد، وخاصة الجامعات الإسلامية الكبرى؛ كجامعة الأزهر، والجامعة الإسلامية بالمملكة العربية السعودية.
ثالثًا: نشر الوعي الإسلامي الصحيح في وسط الأكراد؛ ليكون منطلقهم في مطالباتهم بحقوقهم إسلاميًّا يَدين بوحدة الأمة الإسلامية، والحفاظ على قوتها، وليس قوميًّا يدعو للعصبية الجاهلية.
رابعًا: ممارسة الضغوط الإعلامية على الحكومات المسيطرة على إقليم تركستان؛ من أجل إعطاء الأكراد حقوقهم كمواطنين، فهذه الضغوط قد تُسفر عن نتائج إيجابية.
خامسًا: طرح الحلول العادلة البديلة للانفصال في هذه المرحلة؛ وذلك كالحصول على حكم ذاتي، أو تخصيص حصة برلمانية لهم، أو عدد من الوظائف القيادية في الدولة، واعتماد اللغة الكردية لغة دراسة في مدارس الأكراد بجوار اللغة العربية.
سادسًا: يجب على الأكراد وقياداتهم أن يشتركوا في إنجاح الحلول المطروحة؛ وذلك بتخفيض سقف مطالباتهم، والامتناع عن الدعوة للانفصال عن الأمة، وكذلك توقف القيادات عن التعاون مع أعداء الأمة كأمريكا وإسرائيل اللتين تستغلان الورقة الكردية في تفتيت الأمة الإسلامية أكثر، كما أنهما خذلتا الأكراد قبل ذلك أكثر من مرة[5].
الأكراد شعب مسلم شديد التمسك بالإسلام، شديد الإخلاص له، قدَّم للإسلام والمسلمين خدمات جليلة، وخرج من بينه قادة وعلماء كبار، كشيخ الإسلام أحمد بن تيمية، والقائد الأيوبي صلاح الدين وغيرهم من الرموز الإسلامية. غير أن ألاعيب السياسة وأفعال الساسة شرَّدت هذا الشعب ومزقت أحلامه، ثم جاء الاستعمار فبذر بذور العصبية للعرق، ونادى بالقومية الكردية.
وما زلت المشكلة الكردية قائمة حتى اليوم والحلول مُوزَّعة بين أكثر من أربع دول، والشعب الكردي بينهم لا حيلة له ولا قوة.
الموقع الجغرافي
كردستان تعني أرض الكرد، وهذه المنطقة تتضمن أجزاء من شمال العراق وشمال غرب إيران وشمال شرق سوريا وجنوب شرق تركيا، ويتواجد الأكراد -إضافةً إلى هذه المناطق- بأعداد قليلة في جنوب غرب أرمينيا وبعض مناطق أذربيجان ولبنان.
تم تقسيم إقليم كردستان إلی أربع دول قسرًا في اتفاقية "لوزان" المبرمة بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولی.
عدد الأكراد
قدَّرت الإحصاءات عددهم بحوالي 55 مليون نسمة، وتزداد كثافتهم في تركيا وإيران وسوريا والعراق، كذلك يوجد عدد منهم في دول كثيرة في أوربا وأمريكا الشمالية وأستراليا وإفريقيا.
أصل الكرد
يكتنف الغموض أصل الكرد، لكن أغلب الباحثين متفقون على أنهم ينتمون إلى المجموعة الهندوأوربية، وأنهم أحفاد قبائل الميديين التي هاجرت في مطلع الألف الثانية قبل الميلاد، واستطاعت أن تنشر نفوذها بين السكان الأقدمين، وربما استطاعت إذابتهم لتتشكل تركيبة سكانية جديدة عرفت فيما بعدُ بالكرد[1].
دخول الأكراد في الإسلام
قبل مجيء الإسلام كان الأكراد يعيشون في ظل الدولة الفارسية، وما أن جاء الإسلام وبدأت الدعوة الإسلامية في الظهور حتى دخل الأكراد في دين الله أفواجًا، وذلك بحلول عام 21هـ. ومنذ ذلك الوقت أصبح الأكراد جزءًا لا يتجزأ من كيان الدولة الإسلامية، وصاروا إخوة لباقي المسلمين على اختلاف عرقياتهم وأصولهم، وشاركوهم في الحروب والفتوحات.
ويدين الغالبية العظمى من الأكراد بالإسلام على المذهب السني الشافعي، مع وجود قلة من الشيعة في جنوب كردستان. كذلك يوجد بين الكرد عدد من الأقليات الدينية الأخرى، وعددهم قليل جدًّا كالنصارى بشمال كردستان، وكبعض الملل المارقة عن الإسلام كالكاكائيَّة، وطائفة أهل الحق في الجزء الجنوبي.
الدولة الأيوبية والدور التاريخي للأكراد
برز الأكراد في التاريخ الإسلامي من خلال دولة كبرى كانوا هم مؤسسيها، وقامت هذه الدولة بجهود كبيرة في توحيد مصر والشام بينما كانت الخلافة العباسية في حالة ضعفٍ شديد، وتصدت هذه الدولة للصليبيين في مصر والشام، وتمكنت من الانتصار عليهم في معارك عظيمة في "حطين" و"المنصورة"، واستمرت الدولة ما يقرب من مائة عام من 569هـ إلى 661هـ.
هذه الدولة هي الدولة الأيوبية التي أسسها القائد المسلم الكردي الفذُّ صلاح الدين الأيوبي -الذي ربما لا يعلم الكثيرون أنه كان كرديًّا- وقد نشأ هذا البطل في تكريت بالعراق، وجاء مصر مع عمه أسد الدين شيركوه، وتمكن من إسقاط الدولة العبيدية الإسماعيلية وإقامة دولة سنية، ثم تمكن من توحيد مصر والشام في دولةٍ قوية انتصرت على الصليبيين، وتولت أسرته الكردية الحكم من بعده حتى نهاية الدولة، وقيام دولة المماليك[2].
بداية المشكلة وضياع الحلول
وفي العصور المتأخرة عاش الأكراد في إقليم كردستان وكان كيانًا واحدًا في ظل إمارات مستقلة، لكن نظرًا لاختلاف المعتقد بين الشاه إسماعيل الصفوي المطبق على حكم الإقليم وبين الشعب الكردي السني حدثت الفُرقة، ودخل الأكراد في متاهة لم يخرجوا منها حتى الآن.
وقد سعى الأكراد إلى من يخلِّصهم من الحكم الصفوي؛ ولذلك فقد قامت الدولة العثمانية الخصم الأكبر للصفويين، بإقناع أمراء الأكراد ورؤساء العشائر وحكام المقاطعات بالانقلاب على حكم الشاه، وعليه قامت عدة مدن كردية بالتمرد والثورة على الشاه، كديار بكر، وبدليس، وكركوك، وأردبيل.
ثم تفاقمت المشكلة الكردية بمجيء عام 1514م عند اصطدام الدولتين الصفوية والعثمانية في معركة جالديرن، والتي كان من نتائجها تقسيم كردستان إلى دولتين الأولى عثمانية والثانية صفوية.
وفي عام 1515م حدث اتفاق بين السلطان العثماني وأمراء الأكراد يتضمن اعتراف الدولة العثمانية بسيادة تلك الإمارات على كردستان، وبقاء الحكم الوراثي فيها، وفق مجموعة من الشروط. ثم تبع ذلك عدة معاهدات بين الدولة الصفوية والعثمانية بشأن هذا الإقليم.
ثم ازدادت المشكلة الكردية تعقيدًا ببروز الدور الاستعماري للدولة الغربية، حيث سعت هذه الدول إلى تقسيم الشعوب العربية والإسلامية إلى أقليات دينية وعرقية؛ بهدف إضعاف القوى الإسلامية وتفتيت قواها، فسعت في بادئ الأمر إلى تقسيم إقليم كردستان إلى أربع مقاطعات وزعتها على أربع دول، ثم هي الآن تسعى في تأجيج نار الطائفية والعنصرية عن طريق الدعوة إلى القومية الكردية..
حتى بات كثير من الأكراد لا يدعون إلا لوحدته الكردية، بجمع الأكراد في وطن واحد، تاركين بذلك الدعوة إلى الوحدة الإسلامية؛ وما دفعهم لهذا إلا كثرة ما لاقَوْه من ظلمٍ من كافة الدول المحيطة بهم.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
"فلقد اعتبر الكرد أنهم تعرضوا للاضطهاد والتنكيل والشرذمة على يد شركائهم في المنطقة، وهو شعور توجه أولاً نحو الفرس في الدولة الإيرانية ونحو الترك في الدولة العثمانية، لكن الأمر اتسع بعد الحرب العالمية الأولى ليشمل كل الدول الأربع التي توزع عليها الكرد، وبدأت منذ ذلك الحين معالم علاقة متوترة ومتشككة، وأحيانًا عدائية ودموية بين الكرد وهذه الدول، حتى باتت القضية الكردية جزءًا محوريًّا من أسباب التوتر في المنطقة منذ نحو تسعين عامًا"[3].
أسباب التعنت في حل المشكلة الكردية
1- يشير باسيل نيكتين قنصل روسيا السابق بإيران إلى أسباب التطاحن والصراع الواقع في إقليم كردستان، وسر تمسك الدول المحيطة به بقسمٍ منه، فيقول في كتابه (الكرد): "منطقة الكردستان لها أهمية جغرافية واقتصادية كبرى، فهي إحدى الصلات بين الشرق والغرب، وفيها تتفجر ينابيع غزيرة من النفط الحيوي للعالم..."[4].كذلك فإن المنطقة غنية بالمعادن والموارد الطبيعية.
2- سعي الدول الاستعمارية الكبرى في تأجيج الصراعات المذهبية، والنعرات العصبية، وإحياء القوميات لزعزعة الأمن في هذه المنطقة.
3- خوف دول كتركيا والعراق من التهديدات الكردية في حال اعترافها باستقلال الأجزاء الكردية، كذلك فإن لبعض الدول كإيران أطماعًا توسعية.
4- عمدت بعض الدول إلى استغلال الأزمة الكردية لمصالح خاصة بها؛ فإيران على سبيل المثال كانت تدعم الحركة الكردية العراقية لإشغال النظام العراقي، فلما تعارضت مصالحها مع أكراد العراق أوقفت الدعم، بل هي الآن في حالة صدام وتشاحن معها.
وكذلك فعلت العراق بأكراد إيران بعد الثورة الإيرانية، حيث أمدتهم بالسلاح لمواجهة السلطة الجديدة، وفي الوقت ذاته كانت في مواجهة مع أكراد العراق. وكانت سوريا تستقبل أكراد العراق وتتعاطف معهم، بينما تمتنع عن تلبية بعض الحقوق لأكراد سوريا، بما فيها منح عشرات الآلاف منهم الجنسية.
كذلك سعت دول كأمريكا إلى إعاقة أية اتفاقات بين الأكراد ودول كالعراق لحل مشكلتهم، وقديمًا ساندت أوربا أتاتورك وأعاقت عملية الاستقلال التي مهدت لها معاهدة "سيفر1920م"؛ لرغبة أوربا في إبراز مصطفى كمال أتاتورك كبطل؛ لدعمه في حربه على الإسلام والخلافة الإسلامية في تركيا مقر الخلافة. لذا لم يكن من مصلحتهم إضعافه بتمكين الأكراد من الحصول على استقلالهم.
حلول مقترحة لحل المشكلة الكردية
أشار أحد الباحثين إلى عدة حلول للمشكلة الكردية، وذكر أن هذه الحلول -وإن كانت في الظروف العادية تُعتَبَر إجراءات تعزِّز الطائفية- فإن اتخاذها في ظروف الأكراد بصورة استثنائية ولمدة محددة، قد يُسهم في تدارك الكثير من الظلم الذي وقع عليهم، كما يُعزِّز من شعورهم بالانتماء إلى بلادهم، ويُشعرهم بالمواطنة الحقيقية. ومن هذه الحلول:
أولاً: الإبقاء على القضية حيةً وسط جموع المسلمين؛ وذلك عن طريق التوعية المستمرة، والفهم الواضح لجذور المشكلة الكردية، وتطوراتها على مرِّ السنين، وحقيقة أطراف الصراع، وأهدافهم العاجلة والآجلة.
ثانيًا: يجب المحافظة على طرح قضية الأكراد في لقاءات منظمة المؤتمر الإسلامي باستمرار، مع تفعيل دور المنظمات الإسلامية للقيام بدورها نحو الأكراد، وخاصة الجامعات الإسلامية الكبرى؛ كجامعة الأزهر، والجامعة الإسلامية بالمملكة العربية السعودية.
ثالثًا: نشر الوعي الإسلامي الصحيح في وسط الأكراد؛ ليكون منطلقهم في مطالباتهم بحقوقهم إسلاميًّا يَدين بوحدة الأمة الإسلامية، والحفاظ على قوتها، وليس قوميًّا يدعو للعصبية الجاهلية.
رابعًا: ممارسة الضغوط الإعلامية على الحكومات المسيطرة على إقليم تركستان؛ من أجل إعطاء الأكراد حقوقهم كمواطنين، فهذه الضغوط قد تُسفر عن نتائج إيجابية.
خامسًا: طرح الحلول العادلة البديلة للانفصال في هذه المرحلة؛ وذلك كالحصول على حكم ذاتي، أو تخصيص حصة برلمانية لهم، أو عدد من الوظائف القيادية في الدولة، واعتماد اللغة الكردية لغة دراسة في مدارس الأكراد بجوار اللغة العربية.
سادسًا: يجب على الأكراد وقياداتهم أن يشتركوا في إنجاح الحلول المطروحة؛ وذلك بتخفيض سقف مطالباتهم، والامتناع عن الدعوة للانفصال عن الأمة، وكذلك توقف القيادات عن التعاون مع أعداء الأمة كأمريكا وإسرائيل اللتين تستغلان الورقة الكردية في تفتيت الأمة الإسلامية أكثر، كما أنهما خذلتا الأكراد قبل ذلك أكثر من مرة[5].