السماء تدل على نفسها فما نزل منها أو جاء من ناحيتها جاء نظيره منها من عند الله ليس للخلق فيه تسبب مثل أن يسقط منها نار في الدور فيصيب الناس أمراض وبرسام وجدري وموت، فإن سقطت منها نار في الأسواق عز وغلا ما يباع بها من المبيعات، وإن سقطت في الفدادين وأماكن النبات أذت الناس واحترق النبات وأصابه برد أو جراد، وإن نزل منها ما يدل على الخصب والرزق والمال كالعسل والزيت والتين والشعير، فإن الناس يمطرون أمطاراً نافعة يكون نفعها في الشيء النازل من السماء، وربما دلت السماء على حشم السلطان وذاته لعلوها على الخلق وعجزهم عن بلوغها مع رؤيتهم وتقلبهم في سلطانها وضعفهم عن الخروج من تحتها، فما رؤي منها وفيها أو نزل بها وعليها من دلائل الخير والشر، وربما دلت على قصره ودار ملكه وفسطاطه وبيت ماله فمن صعد إليها بسلم أو سبب نال مع الملك رفعة، وعنده، وإن صعد إليها بلا سبب ولا سلم ناله خوف شديد من السلطان ودخل في غزر كثير في لقياه أو فيما أمله عنده أو منه، وإن كان ضميره إستراق السمع تجسس على السلطان أو تسلل إلى بيت ماله وقصره ليسرقه، وإن وصل إلى السماء بلغ غاية الأمر، فإن عاد إلى الأرض نجا مما دخل فيه، وإن سقط من مكانه عطب في حاله على قدر ما آل أمره في سقوطه وما انكسر له من أعضائه، وإن كان الواصل إلى السماء مريضاً في اليقظة ثم لم يعد إلى الأرض هلك من علته وصعدت روحه كذلك إلى السماء، وإن رجع إلى الأرض بلغ الضر فيه غايته ويئس منه أهله ثم ينجوان شاء الله إلا أن يكون في حين نزوله أيضاً في بئر أو حفير ثم لم يخرج منه، فإن ذلك قبره الذي يعود فيه من بعد رجوعه وفي ذلك بشارة بالموت على الإسلام لأن الكفار لا تفتح لهم أبواب السماء ولا تصعد أرواحهم إليها.
ومن رأى أن سهام رميت من السماء على الناس، فإن كانوا في بعض أدلة الطاعون فتحت أبوابه عليهم، وإن كانت السهام تجرح كل من أصابته وتسيل دمه، فإنه مصادرة من السلطان على كل إنسان بسهمه، وإن كان قصدها إلى الأسماع والأبصار فهي فتنة تطيش سهامها يهلك فيها دين كل من أصابت سمعه أو بصره، وإن كانت تقع عليهم ضرر فيجمعونها ويلتقطونها فغنائم من عند الله كالجراد وأصناف الطير كالعصفور والقطا والمن غنائم وسهام بسبب السلطان في جهاد ونحوه أو أرزاق وعطايا يفتح لها بيوت ماله وصناديقه.
وأما دنو السماء فيدل على القرب من الله وذلك لأهل الطاعات والأعمال الصالحات، وربما دل ذلك على الملهوف المضطر الداعي يقبل دعاؤه ويستجاب لأن الإشارة عند الدعاء بالعين إلى ناحية السماء، وربما دل ذلك على الدنو والقرب من الإمام والعالم والوالد والزوج والسيد وكل من هو فوقك بدرجة الفضل على قدر همة كل إنسان في يقظته ومطلبه وزيادة منامه وما وقع في ضميره.
وأما سقوط السماء على الأرض فربما دل على هلاك السلطان إن كان مريضاً وعلى قدومه إلى تلك الأرض إن كان مسافراً وقد يعود أيضاً ذلك خاصة على سلطان صاحب المنام وعلى من فوقه من الرؤساء من والد أو زوج أو سيد ونحوهم، وقد يدل سقوطها على الأرض الجدبة أو كان الناس يدوسونها بالأرجل من بعد سقوطها وهم حامدون وكانوا يلتقطون منها ما يدل على الأرزاق والخصب والمال، فإنها أمطار نافعة عظيمة الشأن والعرب تسمي المطر سماء لنزوله منها.
ومن رأى سقوط السماء عليه أو على أهله دل على سقوط سقف بيته عليه لأن الله تعالى سمى السماء سقفاً محفوظاً، وإن كان من سقطت عليه في خاصيته مريضاً في يقظته مات ورمي في قبره على ظهره إن كان لم يخرج من تحتها في المنام، ومن صعد فدخلها نالت الشهادة وفاز بكرامة الله وجواره ونال مع ذلك شرفاً وذكراً.
ومن رأى أنه في السماء، فإنه يأمر وينهي، وقيل إن السماء الدنيا وزارة لأنها موضع القمر والقمر وزير والسماء الثانية أدب وعلم وفطنة ورياسة وكفاية لأن السماء الثانية لعطارد.
ومن رأى أنه في السماء الثالثة، فإنه ينال نعمة وسروراً وجواري وحلياً وحللاً فرشاً ويستغني ويتنعم لأن سيرة السماء الثالثة للزهرة.
ومن رأى أنه في السماء الرابعة نال ملكاً وسلطنة وهيبة أو دخل في عمل ملك أو سلطان لأن سيرة السماء الرابعة للشمس.
وإن رأى أنه في الخامسة، فإنه ينال ولاية الشرط أو قتالاً أو حرباً أو صنعة مما ينسب إلى المريخ لأن سيرة السماء الخامسة للمريخ.
وإن رأى أنه في السماء السادسة، فإنه ينال خيراً من البيع والشراء لأن سيرة السماء السادسة للمشتري.
وإن رأى أنه في السماء السابعة، فإنه ينال عقاراً وأرضاً ووكالة وفلاحة وزراعة ودهقنة في جيش طويل لأن سيرة السماء السابعة لزحل، فإن لم يكن صاحب الرؤيا لهذه المراتب أهلاً، فإن تأويلها لرئيسه أو لعقبه أو لنظيره أو لسميه.
وإن رأى أن السماء اخضرت، فإنه يدل على كثرة الزرع في تلك السنة.
وإن رأى أن السماء اصفرت دل على الأمراض.
وإن رأى أن السماء من حديد، فإنه يقل المطر.
وإن رأى أنه سقط من السماء، فإنه يكفر، وإن انشقت السماء وخرج منها شيخ فهو جدب تلك الأرض ونيلهم خصباً، فإن خرج شاب، فإنه عدو يظهر ويسيء إلى أهل تلك المواضع ويقع بينهم عداوة وتفريق، وإن خرج غنم، فإنه غنيمة، وإن خرج إبل، فإنهم يمطرون ويسيل فيهم سيل، وإن خرج فيهم سبع، فإنهم يبتلون بجور من سلطان ظلوم.
وإن رأى أن السماء صارت رتقاً، فإنه يحبس المطر عنهم، فإن انفقت، فإن المطر يكثر.
ومن رأى أنه ينظر إلى السماء، فإنه يتعاطى أمراً عظيماً ولا يناله والنظر إلى السماء ملك من ملوك الدنيا، فإن نظر إلى ناحية المشرق فهو سفر، وربما نال سلطاناً عظيماً.
وإن رأى أنه سرق السماء وخبأها في جرة، فإنه يسرق مصحفاً ويدفعه إلى امرأته.
ومن رأى أنه يصعد إلى السماء من غير استواء ولا مشقة نال سلطاناً ونعمة وأمن مكايد عدوه.
وإن رأى أنه أخذ السماء بأسنانه، فإنه تصيبه مصيبة في نفسه أو نقصان في ماله ويريد شيئاً لا تبلغه يده.
وإن رأى أنه دخل في السماء ولم يخرج منها، فإنه يموت أو يشرف على الهلاك.
وإن رأى كأنه يدور في السماء ثم ينزل، فإنه يتعلم علم النجوم والعلوم الغامضة ويصير مذكوراً بين الناس.
وإن رأى كأنه استند إليها، فإنه ينال رياسة وظفراً بمخالفيه.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت ثلاثة نفر لا أعرفهم رفع أحدهم إلى السماء ثم حبس الآخر بين السماء والأرض وأكب الآخر على وجهه ساجداً، فقال ابن سيرين: أما الذي رفع إلى السماء فهي الأمانة رفعت من بين الناس، وأما المحتبس بين السماء والأرض فهي الأمانة تقطعت، وأما الساجد فهي الصلاة إليها منتهى الأمة.
الهواء: من رأى نفسه فيه قائماً أو جالساً أو ساعياً فيكون على هوى من دينه أو في غرر من دنياه وروحه في المشي الذي يدم عليه عمله في الهواء أو حالة في اليقظة وآماله، فإن كان في بدعه فهو بدعته، وإن كان سلطان كافر فسد معه دينه وإلا خيف على روحه معه، فإن كان في سفينة البحر خيف عليه العطب، وإن كان في سفر ناله فيه خوف، وإن كان مريضاً أشرف على الهلاك، وإن سقط من مكانه عطب في حاله وهوى في أعماله لقوله تعالى " أو تهوي به الريح في مكان سحيق ". فإن مات في سقطته كان ذلك أعلى بلوغ غاية ما يدل عليه من يموت أو بدعة أو قتل أو نحو ذلك.
وإن رأى أنه بنى في الهواء بنياناً أو ضرب فيه فسطاطاً أو ركب فيه دابة أو عجلة، فإن كان مريضاً مات أو عنده مريض مات وذلك نعشه وقبره، فإن كان أخضر اللون كان شهيد، وإن رأى ذلك سلطان أو أمير أو حاكم عزل على عمله أو زال عن سلطانه بموت أو حياة، وإن رأى ذلك من عقد نكاحاً أو بني بأهله فهو في غرر معها وفي غير أمان منها، وإن رأى ذلك من هو في البحر عطبت سفينته أو أسره عدوه أو أشرف على الهلاك من أحد الأمرين، وقد يدل ذلك على عمل فاسد عمله على غير علم ولا سنة إذا لم يكن بناه على أساس ولا كان سرادقه أو فسطاطه على قرار.
وأما ألوان الهواء فإن اسودت عين الرائي حتى لم ير السماء، فإن كانت الرؤيا خاصته أظلم ما بينه وبين من فوقه من الرؤساء، فإن لم يخصه برئيس عمي بصره وحجب من نور الهدى نظره، فإن كانت الرؤيا للعالم وكانوا يستغيثون في المنام أو يبكون أو يتضرعون نزلت بهم شدة على قدر الظلمة إما فتنة أو غمة أو جدب وقحط، وكذلك إحمراره والعرب تقول لسنة الجدب: سنة غبراء لتصاعد الغبار إلى من شدة الجدب فيكون الهواء في عين الجائع ويتخايل له أن فيه دخاناً فكيف إن كان الذي أظلم الهواء منه دخاناً، فإنه عذاب من جدب أو غيره.
ورؤيا الطيران في الهواء يدل على السفر في البحر أو في البر، فإن كان ذلك بجناح فهو أقوى لصاحبه وأسلم له وأظهر فقد يكون جناحه مالاً ينهض به سلطاناً يسافر في كنفه وتحت جناحه.
ومن رأى أنه طار عرضاً في السماء سافر سفراً بعيد ونال شرفاً.
ورؤيا السباحة في الهواء تدل أيضاً إذا كان بغير جناح على التغرير فيما يدخل فيه من جهاد أو حسبة أو سفر في غير أوان السفر في بر أو بحر.
وأما الوثب: فدال على النقلة مما هو فيه إلى غيره أما من سوق إلى غيره من دار إلى محلة أو من عمل إلى خلافه على قدر المكانين، فإن وثب من مسجد إلى سوق آثر الدنيا على الآخرة، وإن كان من سوق إلى مسجد فضد ذلك وقد يترقى الطيران في الهواء لمن يكثر من الأماني والآمال فيكون أضغاثاً، ومن وثب مكان إلى مكان تحول من حال إلى حال، والوثب البعيد سفر طويل، فإن اعتمد وثبه على عصا اعتمد على رجل قوي.
وأما الضباب: فالتباس وفتنة وحيرة تغشى الناس.
وأما الليل والنهار: فسلطانان ضدان يطلبان بعضهما بعضاً، والليل كافر والنهار مسلم لأنه يذهب بالظلام والله تعالى عبر في كتابه عن الكفر بالظلمات وعن دينه بالنور وقد يدلان على الخصمين وعلى الضرتين، وربما دل الليل على الراحة والنهار على التعب والنصب، وربما دل الليل على النكاح والنهار على الطلاق، وربما دل الليل على الكساد وعطلة الصناع والسفار والنهار على النفاق الأسواق والأسعار، وربما دل الليل على السجن لأنه يمنع التصرف مع ظلمته والنهار على السراج والخلاص والنجاة، وربما دل الليل على البحر والنهار على البر، وربما دل الليل على الموت لأن الله تعالى يتوفى فيه نفوس النيام والنهار على البعث، وربما دلا جميعاً على الشاهدين العدلين لأنهما يشهدان على الخلق.
ومن رأى الصبح قد أصبح، فإن كان مريضاً انصرم مرضه بموت أو عافية، فإن صلى عند ذلك الصبح بالناس أو ركب إلى سفر أو خرج إلى الحج أو مضى إلى الجنة كان ذلك موته وحسن ما يقدم عليه من الخير وضياء القبر، وإن استقى ماء طعاماً أو اشترى شعراً، فإن الصبح فرجه مما كان فيه من العلة، وإن رأى ذلك مسجون خرج من السجن، وإن رأى ذلك معقول عن السفر في بر أو بحر ذهبت عقلته وجاءه سراحه، وإن رأى ذلك من نشزت عليه زوجته فارقها وفارقته لأن النهار يفرق بين الزوجين والمتآلفين، وإن رأى ذلك مذنب غافل بطال أو كافر ذو هوى تاب عن حاله واستيقظ من غفلاته وظلماته، وإن رأى ذلك محروم أو تاجر قد كسدت تجارته وتعطل سوقه تحركت أسواقهما وقويت أرزاقهما، وإن رأى ذلك من له عدو كافر يطلبه أو خصم ظالم يخصمه ظفر بعدوه واستظهر بالحق عليه، وإن رأى ذلك للعامة وكانوا في حصار وشدة أو جور أو جدب أو فتنة خرجوا من جميع ذلك ونجوا منه، وكذلك دخول الليل على النهار يعبر في ضد النهار على أقدار الناس وما في اليقظة، وقيل طلوع الفجر يدل على سرور وأمن وفرج من الهموم وأول النهار يدل على أول الأمر الذي يطلبه صاحب الرؤيا ونصف النهار يدل على وسط الأمر وآخر النهار يدل على آخر الأمر.
ومن رأى أنه ضاع له شيء فوجده عند طلوع الصبح، فإنه يثبت على غريمه ما ينكره بشهادة الشهود لقوله تعالى " إن قران الفجر كان مشهوداً ".
ومن رأى أن الدهر كله نهار لا ليل فيه والشمس لا تغرب بل تدور حول السماء دل ذلك على أن السلطان يفعل برأيه ولا يستشير وزيراً فيما يريده من الأمور.
ومن رأى كأن الدهر كله ليل لا نهار فيه عم أهل تلك الناحية فقر وجوع وموت.
وإن رأى أن الدهر كله ليل والقمر والكواكب تدور حول السماء عم أهل ذلك المكان ظلم وزير أو كاتب.
ورؤيا الظلمة ظلم وضلالة، وإذا كان معها الرعد والبرق فهي أبلغ في ذلك.
ورؤيا النور بعد الظلمة لمن رآه للعامة إن كانوا في فتنة أو حيرة اهتدوا وانجلت عنهم الفتنة، وإن كان عليهم جور ذهب عنهم، وإن كانوا في حدب فرح عنهم وسقوا وأخصبوا، ويدل للكافر على الإسلام وللمذنب على التوبة وللفقير على الغنى وللعازب على الزوجة وللحامل على ولادة غلام إلا أن تكون حجزته في تختها أو صرته في ثوبها أو أدخلته في جيبها فولد لها جارية محجوبة جميلة.
ورؤيا النور هو الهدى من الضلالة وتأويله بضد الظلام رأت آمنة أم النبي صلوات الله عليه وسلامه كأن نوراً أخرج منها أضاءت قصور الشام من ذلك النور فولدت النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن رأى أن سهام رميت من السماء على الناس، فإن كانوا في بعض أدلة الطاعون فتحت أبوابه عليهم، وإن كانت السهام تجرح كل من أصابته وتسيل دمه، فإنه مصادرة من السلطان على كل إنسان بسهمه، وإن كان قصدها إلى الأسماع والأبصار فهي فتنة تطيش سهامها يهلك فيها دين كل من أصابت سمعه أو بصره، وإن كانت تقع عليهم ضرر فيجمعونها ويلتقطونها فغنائم من عند الله كالجراد وأصناف الطير كالعصفور والقطا والمن غنائم وسهام بسبب السلطان في جهاد ونحوه أو أرزاق وعطايا يفتح لها بيوت ماله وصناديقه.
وأما دنو السماء فيدل على القرب من الله وذلك لأهل الطاعات والأعمال الصالحات، وربما دل ذلك على الملهوف المضطر الداعي يقبل دعاؤه ويستجاب لأن الإشارة عند الدعاء بالعين إلى ناحية السماء، وربما دل ذلك على الدنو والقرب من الإمام والعالم والوالد والزوج والسيد وكل من هو فوقك بدرجة الفضل على قدر همة كل إنسان في يقظته ومطلبه وزيادة منامه وما وقع في ضميره.
وأما سقوط السماء على الأرض فربما دل على هلاك السلطان إن كان مريضاً وعلى قدومه إلى تلك الأرض إن كان مسافراً وقد يعود أيضاً ذلك خاصة على سلطان صاحب المنام وعلى من فوقه من الرؤساء من والد أو زوج أو سيد ونحوهم، وقد يدل سقوطها على الأرض الجدبة أو كان الناس يدوسونها بالأرجل من بعد سقوطها وهم حامدون وكانوا يلتقطون منها ما يدل على الأرزاق والخصب والمال، فإنها أمطار نافعة عظيمة الشأن والعرب تسمي المطر سماء لنزوله منها.
ومن رأى سقوط السماء عليه أو على أهله دل على سقوط سقف بيته عليه لأن الله تعالى سمى السماء سقفاً محفوظاً، وإن كان من سقطت عليه في خاصيته مريضاً في يقظته مات ورمي في قبره على ظهره إن كان لم يخرج من تحتها في المنام، ومن صعد فدخلها نالت الشهادة وفاز بكرامة الله وجواره ونال مع ذلك شرفاً وذكراً.
ومن رأى أنه في السماء، فإنه يأمر وينهي، وقيل إن السماء الدنيا وزارة لأنها موضع القمر والقمر وزير والسماء الثانية أدب وعلم وفطنة ورياسة وكفاية لأن السماء الثانية لعطارد.
ومن رأى أنه في السماء الثالثة، فإنه ينال نعمة وسروراً وجواري وحلياً وحللاً فرشاً ويستغني ويتنعم لأن سيرة السماء الثالثة للزهرة.
ومن رأى أنه في السماء الرابعة نال ملكاً وسلطنة وهيبة أو دخل في عمل ملك أو سلطان لأن سيرة السماء الرابعة للشمس.
وإن رأى أنه في الخامسة، فإنه ينال ولاية الشرط أو قتالاً أو حرباً أو صنعة مما ينسب إلى المريخ لأن سيرة السماء الخامسة للمريخ.
وإن رأى أنه في السماء السادسة، فإنه ينال خيراً من البيع والشراء لأن سيرة السماء السادسة للمشتري.
وإن رأى أنه في السماء السابعة، فإنه ينال عقاراً وأرضاً ووكالة وفلاحة وزراعة ودهقنة في جيش طويل لأن سيرة السماء السابعة لزحل، فإن لم يكن صاحب الرؤيا لهذه المراتب أهلاً، فإن تأويلها لرئيسه أو لعقبه أو لنظيره أو لسميه.
وإن رأى أن السماء اخضرت، فإنه يدل على كثرة الزرع في تلك السنة.
وإن رأى أن السماء اصفرت دل على الأمراض.
وإن رأى أن السماء من حديد، فإنه يقل المطر.
وإن رأى أنه سقط من السماء، فإنه يكفر، وإن انشقت السماء وخرج منها شيخ فهو جدب تلك الأرض ونيلهم خصباً، فإن خرج شاب، فإنه عدو يظهر ويسيء إلى أهل تلك المواضع ويقع بينهم عداوة وتفريق، وإن خرج غنم، فإنه غنيمة، وإن خرج إبل، فإنهم يمطرون ويسيل فيهم سيل، وإن خرج فيهم سبع، فإنهم يبتلون بجور من سلطان ظلوم.
وإن رأى أن السماء صارت رتقاً، فإنه يحبس المطر عنهم، فإن انفقت، فإن المطر يكثر.
ومن رأى أنه ينظر إلى السماء، فإنه يتعاطى أمراً عظيماً ولا يناله والنظر إلى السماء ملك من ملوك الدنيا، فإن نظر إلى ناحية المشرق فهو سفر، وربما نال سلطاناً عظيماً.
وإن رأى أنه سرق السماء وخبأها في جرة، فإنه يسرق مصحفاً ويدفعه إلى امرأته.
ومن رأى أنه يصعد إلى السماء من غير استواء ولا مشقة نال سلطاناً ونعمة وأمن مكايد عدوه.
وإن رأى أنه أخذ السماء بأسنانه، فإنه تصيبه مصيبة في نفسه أو نقصان في ماله ويريد شيئاً لا تبلغه يده.
وإن رأى أنه دخل في السماء ولم يخرج منها، فإنه يموت أو يشرف على الهلاك.
وإن رأى كأنه يدور في السماء ثم ينزل، فإنه يتعلم علم النجوم والعلوم الغامضة ويصير مذكوراً بين الناس.
وإن رأى كأنه استند إليها، فإنه ينال رياسة وظفراً بمخالفيه.
وحكي أن رجلاً أتى ابن سيرين، فقال: رأيت ثلاثة نفر لا أعرفهم رفع أحدهم إلى السماء ثم حبس الآخر بين السماء والأرض وأكب الآخر على وجهه ساجداً، فقال ابن سيرين: أما الذي رفع إلى السماء فهي الأمانة رفعت من بين الناس، وأما المحتبس بين السماء والأرض فهي الأمانة تقطعت، وأما الساجد فهي الصلاة إليها منتهى الأمة.
الهواء: من رأى نفسه فيه قائماً أو جالساً أو ساعياً فيكون على هوى من دينه أو في غرر من دنياه وروحه في المشي الذي يدم عليه عمله في الهواء أو حالة في اليقظة وآماله، فإن كان في بدعه فهو بدعته، وإن كان سلطان كافر فسد معه دينه وإلا خيف على روحه معه، فإن كان في سفينة البحر خيف عليه العطب، وإن كان في سفر ناله فيه خوف، وإن كان مريضاً أشرف على الهلاك، وإن سقط من مكانه عطب في حاله وهوى في أعماله لقوله تعالى " أو تهوي به الريح في مكان سحيق ". فإن مات في سقطته كان ذلك أعلى بلوغ غاية ما يدل عليه من يموت أو بدعة أو قتل أو نحو ذلك.
وإن رأى أنه بنى في الهواء بنياناً أو ضرب فيه فسطاطاً أو ركب فيه دابة أو عجلة، فإن كان مريضاً مات أو عنده مريض مات وذلك نعشه وقبره، فإن كان أخضر اللون كان شهيد، وإن رأى ذلك سلطان أو أمير أو حاكم عزل على عمله أو زال عن سلطانه بموت أو حياة، وإن رأى ذلك من عقد نكاحاً أو بني بأهله فهو في غرر معها وفي غير أمان منها، وإن رأى ذلك من هو في البحر عطبت سفينته أو أسره عدوه أو أشرف على الهلاك من أحد الأمرين، وقد يدل ذلك على عمل فاسد عمله على غير علم ولا سنة إذا لم يكن بناه على أساس ولا كان سرادقه أو فسطاطه على قرار.
وأما ألوان الهواء فإن اسودت عين الرائي حتى لم ير السماء، فإن كانت الرؤيا خاصته أظلم ما بينه وبين من فوقه من الرؤساء، فإن لم يخصه برئيس عمي بصره وحجب من نور الهدى نظره، فإن كانت الرؤيا للعالم وكانوا يستغيثون في المنام أو يبكون أو يتضرعون نزلت بهم شدة على قدر الظلمة إما فتنة أو غمة أو جدب وقحط، وكذلك إحمراره والعرب تقول لسنة الجدب: سنة غبراء لتصاعد الغبار إلى من شدة الجدب فيكون الهواء في عين الجائع ويتخايل له أن فيه دخاناً فكيف إن كان الذي أظلم الهواء منه دخاناً، فإنه عذاب من جدب أو غيره.
ورؤيا الطيران في الهواء يدل على السفر في البحر أو في البر، فإن كان ذلك بجناح فهو أقوى لصاحبه وأسلم له وأظهر فقد يكون جناحه مالاً ينهض به سلطاناً يسافر في كنفه وتحت جناحه.
ومن رأى أنه طار عرضاً في السماء سافر سفراً بعيد ونال شرفاً.
ورؤيا السباحة في الهواء تدل أيضاً إذا كان بغير جناح على التغرير فيما يدخل فيه من جهاد أو حسبة أو سفر في غير أوان السفر في بر أو بحر.
وأما الوثب: فدال على النقلة مما هو فيه إلى غيره أما من سوق إلى غيره من دار إلى محلة أو من عمل إلى خلافه على قدر المكانين، فإن وثب من مسجد إلى سوق آثر الدنيا على الآخرة، وإن كان من سوق إلى مسجد فضد ذلك وقد يترقى الطيران في الهواء لمن يكثر من الأماني والآمال فيكون أضغاثاً، ومن وثب مكان إلى مكان تحول من حال إلى حال، والوثب البعيد سفر طويل، فإن اعتمد وثبه على عصا اعتمد على رجل قوي.
وأما الضباب: فالتباس وفتنة وحيرة تغشى الناس.
وأما الليل والنهار: فسلطانان ضدان يطلبان بعضهما بعضاً، والليل كافر والنهار مسلم لأنه يذهب بالظلام والله تعالى عبر في كتابه عن الكفر بالظلمات وعن دينه بالنور وقد يدلان على الخصمين وعلى الضرتين، وربما دل الليل على الراحة والنهار على التعب والنصب، وربما دل الليل على النكاح والنهار على الطلاق، وربما دل الليل على الكساد وعطلة الصناع والسفار والنهار على النفاق الأسواق والأسعار، وربما دل الليل على السجن لأنه يمنع التصرف مع ظلمته والنهار على السراج والخلاص والنجاة، وربما دل الليل على البحر والنهار على البر، وربما دل الليل على الموت لأن الله تعالى يتوفى فيه نفوس النيام والنهار على البعث، وربما دلا جميعاً على الشاهدين العدلين لأنهما يشهدان على الخلق.
ومن رأى الصبح قد أصبح، فإن كان مريضاً انصرم مرضه بموت أو عافية، فإن صلى عند ذلك الصبح بالناس أو ركب إلى سفر أو خرج إلى الحج أو مضى إلى الجنة كان ذلك موته وحسن ما يقدم عليه من الخير وضياء القبر، وإن استقى ماء طعاماً أو اشترى شعراً، فإن الصبح فرجه مما كان فيه من العلة، وإن رأى ذلك مسجون خرج من السجن، وإن رأى ذلك معقول عن السفر في بر أو بحر ذهبت عقلته وجاءه سراحه، وإن رأى ذلك من نشزت عليه زوجته فارقها وفارقته لأن النهار يفرق بين الزوجين والمتآلفين، وإن رأى ذلك مذنب غافل بطال أو كافر ذو هوى تاب عن حاله واستيقظ من غفلاته وظلماته، وإن رأى ذلك محروم أو تاجر قد كسدت تجارته وتعطل سوقه تحركت أسواقهما وقويت أرزاقهما، وإن رأى ذلك من له عدو كافر يطلبه أو خصم ظالم يخصمه ظفر بعدوه واستظهر بالحق عليه، وإن رأى ذلك للعامة وكانوا في حصار وشدة أو جور أو جدب أو فتنة خرجوا من جميع ذلك ونجوا منه، وكذلك دخول الليل على النهار يعبر في ضد النهار على أقدار الناس وما في اليقظة، وقيل طلوع الفجر يدل على سرور وأمن وفرج من الهموم وأول النهار يدل على أول الأمر الذي يطلبه صاحب الرؤيا ونصف النهار يدل على وسط الأمر وآخر النهار يدل على آخر الأمر.
ومن رأى أنه ضاع له شيء فوجده عند طلوع الصبح، فإنه يثبت على غريمه ما ينكره بشهادة الشهود لقوله تعالى " إن قران الفجر كان مشهوداً ".
ومن رأى أن الدهر كله نهار لا ليل فيه والشمس لا تغرب بل تدور حول السماء دل ذلك على أن السلطان يفعل برأيه ولا يستشير وزيراً فيما يريده من الأمور.
ومن رأى كأن الدهر كله ليل لا نهار فيه عم أهل تلك الناحية فقر وجوع وموت.
وإن رأى أن الدهر كله ليل والقمر والكواكب تدور حول السماء عم أهل ذلك المكان ظلم وزير أو كاتب.
ورؤيا الظلمة ظلم وضلالة، وإذا كان معها الرعد والبرق فهي أبلغ في ذلك.
ورؤيا النور بعد الظلمة لمن رآه للعامة إن كانوا في فتنة أو حيرة اهتدوا وانجلت عنهم الفتنة، وإن كان عليهم جور ذهب عنهم، وإن كانوا في حدب فرح عنهم وسقوا وأخصبوا، ويدل للكافر على الإسلام وللمذنب على التوبة وللفقير على الغنى وللعازب على الزوجة وللحامل على ولادة غلام إلا أن تكون حجزته في تختها أو صرته في ثوبها أو أدخلته في جيبها فولد لها جارية محجوبة جميلة.
ورؤيا النور هو الهدى من الضلالة وتأويله بضد الظلام رأت آمنة أم النبي صلوات الله عليه وسلامه كأن نوراً أخرج منها أضاءت قصور الشام من ذلك النور فولدت النبي صلى الله عليه وسلم.