النعت
تابع يذكر بعد معرفةٍ لتوضيحها، أَو بعد نكرة لتخصيصها مثل: حضر خالدٌ الشاعرُ، مررت بنجارٍ ماهرٍ.
وبالنعت يحصل التمييز بين المشتركين في الاسم.
الحقيقي والسببي: إذا تعلق النعت بمتبوعه مباشرة فهو نعت حقيقي، كالمثالين السابقين، وحينئذ يطابقه في الإعراب، وفي التذكير والتأْنيث، وفي التعريف والتنكير، وفي الإفراد والتثنية والجمع.
مثل: رأَيت الرفيقين الناجحين وهؤلاءِ رفقاءُ ناجحون، وتلك طالبة مجتهدة ترافقها جارتان ذكيتان، وأولئك خياطات ماهرات.
أَما إِذا تعلق النعت بما يرتبط بالمنعوت مثل: (هذا رجلٌ حسنةٌ أخلاقُه) فيكون نعتاً سببياً، لأَن الحسن ليس صفة للمتبوع وهو الرجل، وإنما صفة لما يرتبطُ به وهو الأخلاق. وهو يتبع ما قبله في الإعراب وفي التعريف والتنكير فقط.
أما في التذكير والتأْنيث فيراعي ما بعده، ويبقى مفرداً دائماً، مثل مررت بنجارٍ حسنةٍ معاملتُه، وبشعراءَ رنانةٍ قصائدُهم، وبمعلمتين حسنٍ بيانُهما.
ونلاحظ أن في النعت الحقيقي ضميراً مستتراً يعود على المنعوت، أما النعت السببي فلابدَّ من ضمير ظاهر في معموله يعود على المنعوت فالضمير في (قصائدهم) مثلاً يعود على المنعوت وهو (شعراء).
ويجوز أن ينعت جمع غير العاقل بمفرد مؤنث مثل: زارني بعد أيام معدودةٍ (أَو أَيامٍ معدودات) ليس حول دمشق جبال شاهقة (أَو جبال شاهقات).
شروط النعت: يكون النعت اسماً أَو جملة أَو شبه جملة:
أ- فأما الاسم فيجب أن يكون مشتقاً كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل.
فإن كان اسماً جامداً فلابد أن يكون مؤولاً بمشتق، وحينئذ يكون أَحد عشرةِ أشياءَ.
1-المصدر: قد يوصف بالمصدر عند إرادة المبالغة فنقول: 0هذا رجلُ عادلُ،وأنت شاهد ثقةُ)، وهو أبلغ من قولنا (هذا الرجل عادل) لأننا ندعي أن العدل المطلق هو هذا الرجل. ويلازم المصدر حالة واحدة في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع فنقول (رجلٌ عدلٌ، ورجلان عدلٌ ورجال عدلٌ ونساءٌ عدلٌ).
2- اسم الإشارة مثل: سل أَصدقاءَك هؤلاءِ، فـ(هؤلاءِ) في محل نصب صفة لـ(أَصدقاءَك) لأَنها بمعنى (سلْ أَصدقاءَك المشارَ إِليهم).
3- الاسم الموصول المحلى بـ((ال)): صاحبِ الرفاق الذين تثق بأَمانتهم، فـ(الذين) مبني في محل نصب صفة لـ(الرفاق)، التأْويل: الرفاق الموثوقَ بأَمانتهم.
4- ذو، وذات: بمعنى صاحب، وصاحبة: مررت برجالٍ ذوي فضلٍ ونساءٍ ذواتِ وقار، وهذا رجلٌ ذو مروءَة وتلك فتاة ذات حشمة.
5- الأعداد مثل: قرأْت صحفاً أربعاً وعندي كتبٌ ثلاثون.
التأْويل: صحفاً معدودة أَربعاَ وكتبٌ معدودةٌ ثلاثين.
6- ما دل على تشبيه مثل: بُلينا بسياسيين ثعالِب ليس فيهم رجلٌ أسدٌ. (ثعالبة) صفة لـ(سياسيين) لأَنَّها مؤولة بـ(مشبهين ثعالبة)، و(أَسدٌ) صفة لرجل لأَنه مؤول بمشتق: (مشبهُ أَسداً). وكأَننا قلنا: بسياسيين ماكرين، ورجلٌ شجاع.
7- الاسم المنسوب مثل: هذا تاجرٌ بيروتيٌّ يبايع زميلاً حمصياً. وذلك لأن الاسم المنسوب مؤول بمشتق، كأَننا قلنا: (تاجر منسوب إلى بيروت)، و(زميلاً منسوباً إلى حمص).
8- كلمة ((كل)) التي يراد بها الكمال مثل: أخوك بطلٌ كلُّ البطل = بطلٌ كاملٌ في البطولة.
9- كلمة ((أيّ)) التي يراد بها الكمال مثل: أَنت شهم أَيُّ شهم = شهم كامل في الشهامة.
10- كلمة ((ما)) الدالة على التنكير والإِبهام مثل: تسلَّ بقراءَة كتابٍ ما، فـ((ما)) هنا نكرة بمعنى مطلق (غير محدد).
وقد يراد بها مع التنكير التهويل كالمثل (لأَمرٍ ما جدع قصيرٌ أَنفَه) أيْ: لأَمرٍ عظيمٍ هام. وهي في كل ذلك مؤولة بمشتق صفة لما قبلها.
ب- وأما الجملة فتوصف بها النكرات وما في معناها مثل: (رأَيت رجلاً ضحكتُه عالية وإلى جانبه أطفالٌ يلعبون). ولابدَّ في الجملة الواقعة نعتاً أَن تكون خبرية ذات ضمير يربطها بالمنعوت كما رأَيت، سواءٌ في ذلك الجملة الفعلية والجملة الاسمية.
يراد بما في معنى النكرات: المعرَّف بـ((ال)) الجنسية لأَنه لا يدل على معين، فلفظه معرفة ومعناه نكرة مثل: (لا ينفع العالمُ يكتمُ علمَه) فجملة (يكتم علمه) يصح إعرابها نعتاً لـ(العالم) مراعاة لمعناها النكرة، وحالاً مراعاة للفظها المعرفة.
جـ- وأما شبه الجملة فكل ظرف أو جار ومجرور ينعت بهما النكرات مثل: (هذا فارسٌ على فرسه، وتلك منضدةٌ وراءَ اللوح) فـ(على فرسه) شبه جملة في محل رفع صفة (لفارس) أَو متعلقة (بكائن) محذوف صفة لفارس، وكذلك (وراءَ) ظرف في محل رفع صفة لـ(منضدة) أو ظرف متعلق بـ(كائن) محذوف صفة لمنضدة.
هذا وإذا وصف المنعوت باسم وجملة وشبه جملة فالغالب تأْخير الجملة عن غيرها مثل: زارني رجلٌ كريمٌ على فرس، قامتُه طويلة، يخفي ملامحه.
النعت المقطوع: قد يحملُ الايجازُ العربيَّ على أَن يؤدي بجملة واحدة معنى جملتين، فيقطع النعت عن جملته ويرفعه على أَنه خبر لمبتدأ محذوف وجوباً، أَو ينصبه على أنه مفعول به لفعل محذوف وجوباً، فالجملة (مررت بخالدٍ الشجاعِ) إِذا أَراد منها إِخبارك بمروره بخالد وبأَنه يمدح شجاعته، قطع النعت فقال (مررت بخالدٍ الشجاعَُ) ففي الرفع تكون الجملة الثانية (هو الشجاعُ) وفي النصب تكون (أَمدح الشجاعَ) وأَكثر ما يكون القطع في مقام المدح أَو الذم أَو الترحم مثل: أُعجبت بأَخيك الخطيبَُ - أَعرضت عن فؤاد الخائنَُ - لتُعْنَ بسليمٍ المنكوبَُ.
والأَفعال المقدرة في حالة النصب: (أَمدح، أَذم، أَرحم، أَعني) على حسب المقام.
ولا يلجأُ إلى القطع إن كان المنعوت لا يعرف إلا بذكر الصفات كلها كقولك (مررت بخليل الحدادِ النجارِ البناءِ) حتى لا يلتبس بخليل آخر ليس له كل هذه الصفات معاً.
ومتى تكررت النعوت فإن كانت لأَحد الأغراض المتقدمة حسن إِتباعها كلها أَو قطعها كلها، وإِن لم تكن لشيءٍ من ذلك فالإِتباع أَحسن.
ملاحظة: قد تحذف الصفة لفظاً إِن كانت معلومة بالقرينة كقولك: (أَخوك هذا رجلٌ!) تريد: (رجلٌ عظيم)، (فريدٌ رياضي ذو ساعدٍ) تريد: (ذو ساعدٍ قويٍّ مفتول)، (رب رمية من غير رام) يعني: ربَّ رميةٍ صائبةٍ.
وأكثر من ذلك حذف الموصوف إذا كان معلوماً وقيام الصفة مقامه مثل: هذان شاعران (أَي رجلان شاعران). ومررت بمجتهدين في عملهما، (أَي برجلين مجتهدين).
وشرط ذلك صحة حلول الصفة محل الموصوف، فإِذا كانت الصفة جملة أَو شبه جملة لم يصح ذلك لأَن حرف الجر ((الباءِ)) مثلاً لا يتسلط عليهما؛ إِلا إذا كان المنعوت فاعلاً أو مفعولاً أو مبتدأ أَو مجروراً أو كان بعض اسمٍ مجرورٍ بـ((من)) أَو ((في))، ومثلوا لذلك بقولهم: (نحن فريقان منا ظعَن ومنا أَقام) أَي منا فريق ظعَن ومنا فريق أَقام.
الشواهد:
1- {وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}
[غافر: 40/28]
2- {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}
[المائدة: 5/54]
3- {أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
سابغات: واسعات، السرد: نسج الدروع [سبأ: 34/11]
فمضيْتُ، ثُمتَ قلتُ: لا يعنيني
4- ولقد أَمرُّ على اللئيم يسبُّني
شمر الحنفي
بفضلها في حسبٍ وميسم
5- لو قلتَ: ما في قومها لم تيثمِ
الأصل: أحدٌ بفضلها. حكيم الربعي
مهفهفة لها فرعٌ وجيدُ
6- وربَّ أَسيلة الخدين بكرٍ
المرقش الأكبر
..............................
7- لأَمرٍ ما جدع قصير أَنفه
متى أَضعِ العمامة تعرفوني
8- أنا ابن جلا وطلاعُ الثنايا
من الرُقْش في أنيابها السمُّ ناقع
9- فبتُّ كأَني ساورتْني ضئيلةٌ
النابغة
فلم أُعْطِ شيئاً ولم أَمنع
10- وقد كنت في الحرب ذا تُدْرَإِ
العباس بن مرداس
سمُّ العُداة وآفةُ الجُزر
11- لا يبعدَنْ قومي الذين همُ
والطيبين معاقدَ الأَزر
النازلون بكل معترَك
روي (النازلين). خرنق بنت بدر
هذا هو الأصل، وقد يكون النعت أحياناً للتعظيم كقولك (سبحان الله العظيم) أو التحقير مثل (أعوذ من إبليس اللعين)، أو مجرد التوكيد مثل: (أمسِ الدابرُ لا يعود)، (قرأت صفحتين اثنتين).
ليذكر القارئ الصيغ التي يستوي فيها المذكر والمؤنث وقد مرت في ص136.
وليذكر أيضاً الحالات التي يطابق فيها اسم التفضيل ما قبله، والحال التي يلازم فيها الإفراد والتذكير والتنكير وقد مر ذلك في ص209. فاسم التفضيل النكرة إذا وصف به لزم الإفراد والتذكير والتنكير، تقول: هؤلاء طلابٌ أسرعُ عدواً، وهاتان طالبتان أنجحُ مرشحات.
انظر بحث حذف المبتدأ والخبر في بحث المبتدأ والخبر.
تابع يذكر بعد معرفةٍ لتوضيحها، أَو بعد نكرة لتخصيصها مثل: حضر خالدٌ الشاعرُ، مررت بنجارٍ ماهرٍ.
وبالنعت يحصل التمييز بين المشتركين في الاسم.
الحقيقي والسببي: إذا تعلق النعت بمتبوعه مباشرة فهو نعت حقيقي، كالمثالين السابقين، وحينئذ يطابقه في الإعراب، وفي التذكير والتأْنيث، وفي التعريف والتنكير، وفي الإفراد والتثنية والجمع.
مثل: رأَيت الرفيقين الناجحين وهؤلاءِ رفقاءُ ناجحون، وتلك طالبة مجتهدة ترافقها جارتان ذكيتان، وأولئك خياطات ماهرات.
أَما إِذا تعلق النعت بما يرتبط بالمنعوت مثل: (هذا رجلٌ حسنةٌ أخلاقُه) فيكون نعتاً سببياً، لأَن الحسن ليس صفة للمتبوع وهو الرجل، وإنما صفة لما يرتبطُ به وهو الأخلاق. وهو يتبع ما قبله في الإعراب وفي التعريف والتنكير فقط.
أما في التذكير والتأْنيث فيراعي ما بعده، ويبقى مفرداً دائماً، مثل مررت بنجارٍ حسنةٍ معاملتُه، وبشعراءَ رنانةٍ قصائدُهم، وبمعلمتين حسنٍ بيانُهما.
ونلاحظ أن في النعت الحقيقي ضميراً مستتراً يعود على المنعوت، أما النعت السببي فلابدَّ من ضمير ظاهر في معموله يعود على المنعوت فالضمير في (قصائدهم) مثلاً يعود على المنعوت وهو (شعراء).
ويجوز أن ينعت جمع غير العاقل بمفرد مؤنث مثل: زارني بعد أيام معدودةٍ (أَو أَيامٍ معدودات) ليس حول دمشق جبال شاهقة (أَو جبال شاهقات).
شروط النعت: يكون النعت اسماً أَو جملة أَو شبه جملة:
أ- فأما الاسم فيجب أن يكون مشتقاً كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل.
فإن كان اسماً جامداً فلابد أن يكون مؤولاً بمشتق، وحينئذ يكون أَحد عشرةِ أشياءَ.
1-المصدر: قد يوصف بالمصدر عند إرادة المبالغة فنقول: 0هذا رجلُ عادلُ،وأنت شاهد ثقةُ)، وهو أبلغ من قولنا (هذا الرجل عادل) لأننا ندعي أن العدل المطلق هو هذا الرجل. ويلازم المصدر حالة واحدة في التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع فنقول (رجلٌ عدلٌ، ورجلان عدلٌ ورجال عدلٌ ونساءٌ عدلٌ).
2- اسم الإشارة مثل: سل أَصدقاءَك هؤلاءِ، فـ(هؤلاءِ) في محل نصب صفة لـ(أَصدقاءَك) لأَنها بمعنى (سلْ أَصدقاءَك المشارَ إِليهم).
3- الاسم الموصول المحلى بـ((ال)): صاحبِ الرفاق الذين تثق بأَمانتهم، فـ(الذين) مبني في محل نصب صفة لـ(الرفاق)، التأْويل: الرفاق الموثوقَ بأَمانتهم.
4- ذو، وذات: بمعنى صاحب، وصاحبة: مررت برجالٍ ذوي فضلٍ ونساءٍ ذواتِ وقار، وهذا رجلٌ ذو مروءَة وتلك فتاة ذات حشمة.
5- الأعداد مثل: قرأْت صحفاً أربعاً وعندي كتبٌ ثلاثون.
التأْويل: صحفاً معدودة أَربعاَ وكتبٌ معدودةٌ ثلاثين.
6- ما دل على تشبيه مثل: بُلينا بسياسيين ثعالِب ليس فيهم رجلٌ أسدٌ. (ثعالبة) صفة لـ(سياسيين) لأَنَّها مؤولة بـ(مشبهين ثعالبة)، و(أَسدٌ) صفة لرجل لأَنه مؤول بمشتق: (مشبهُ أَسداً). وكأَننا قلنا: بسياسيين ماكرين، ورجلٌ شجاع.
7- الاسم المنسوب مثل: هذا تاجرٌ بيروتيٌّ يبايع زميلاً حمصياً. وذلك لأن الاسم المنسوب مؤول بمشتق، كأَننا قلنا: (تاجر منسوب إلى بيروت)، و(زميلاً منسوباً إلى حمص).
8- كلمة ((كل)) التي يراد بها الكمال مثل: أخوك بطلٌ كلُّ البطل = بطلٌ كاملٌ في البطولة.
9- كلمة ((أيّ)) التي يراد بها الكمال مثل: أَنت شهم أَيُّ شهم = شهم كامل في الشهامة.
10- كلمة ((ما)) الدالة على التنكير والإِبهام مثل: تسلَّ بقراءَة كتابٍ ما، فـ((ما)) هنا نكرة بمعنى مطلق (غير محدد).
وقد يراد بها مع التنكير التهويل كالمثل (لأَمرٍ ما جدع قصيرٌ أَنفَه) أيْ: لأَمرٍ عظيمٍ هام. وهي في كل ذلك مؤولة بمشتق صفة لما قبلها.
ب- وأما الجملة فتوصف بها النكرات وما في معناها مثل: (رأَيت رجلاً ضحكتُه عالية وإلى جانبه أطفالٌ يلعبون). ولابدَّ في الجملة الواقعة نعتاً أَن تكون خبرية ذات ضمير يربطها بالمنعوت كما رأَيت، سواءٌ في ذلك الجملة الفعلية والجملة الاسمية.
يراد بما في معنى النكرات: المعرَّف بـ((ال)) الجنسية لأَنه لا يدل على معين، فلفظه معرفة ومعناه نكرة مثل: (لا ينفع العالمُ يكتمُ علمَه) فجملة (يكتم علمه) يصح إعرابها نعتاً لـ(العالم) مراعاة لمعناها النكرة، وحالاً مراعاة للفظها المعرفة.
جـ- وأما شبه الجملة فكل ظرف أو جار ومجرور ينعت بهما النكرات مثل: (هذا فارسٌ على فرسه، وتلك منضدةٌ وراءَ اللوح) فـ(على فرسه) شبه جملة في محل رفع صفة (لفارس) أَو متعلقة (بكائن) محذوف صفة لفارس، وكذلك (وراءَ) ظرف في محل رفع صفة لـ(منضدة) أو ظرف متعلق بـ(كائن) محذوف صفة لمنضدة.
هذا وإذا وصف المنعوت باسم وجملة وشبه جملة فالغالب تأْخير الجملة عن غيرها مثل: زارني رجلٌ كريمٌ على فرس، قامتُه طويلة، يخفي ملامحه.
النعت المقطوع: قد يحملُ الايجازُ العربيَّ على أَن يؤدي بجملة واحدة معنى جملتين، فيقطع النعت عن جملته ويرفعه على أَنه خبر لمبتدأ محذوف وجوباً، أَو ينصبه على أنه مفعول به لفعل محذوف وجوباً، فالجملة (مررت بخالدٍ الشجاعِ) إِذا أَراد منها إِخبارك بمروره بخالد وبأَنه يمدح شجاعته، قطع النعت فقال (مررت بخالدٍ الشجاعَُ) ففي الرفع تكون الجملة الثانية (هو الشجاعُ) وفي النصب تكون (أَمدح الشجاعَ) وأَكثر ما يكون القطع في مقام المدح أَو الذم أَو الترحم مثل: أُعجبت بأَخيك الخطيبَُ - أَعرضت عن فؤاد الخائنَُ - لتُعْنَ بسليمٍ المنكوبَُ.
والأَفعال المقدرة في حالة النصب: (أَمدح، أَذم، أَرحم، أَعني) على حسب المقام.
ولا يلجأُ إلى القطع إن كان المنعوت لا يعرف إلا بذكر الصفات كلها كقولك (مررت بخليل الحدادِ النجارِ البناءِ) حتى لا يلتبس بخليل آخر ليس له كل هذه الصفات معاً.
ومتى تكررت النعوت فإن كانت لأَحد الأغراض المتقدمة حسن إِتباعها كلها أَو قطعها كلها، وإِن لم تكن لشيءٍ من ذلك فالإِتباع أَحسن.
ملاحظة: قد تحذف الصفة لفظاً إِن كانت معلومة بالقرينة كقولك: (أَخوك هذا رجلٌ!) تريد: (رجلٌ عظيم)، (فريدٌ رياضي ذو ساعدٍ) تريد: (ذو ساعدٍ قويٍّ مفتول)، (رب رمية من غير رام) يعني: ربَّ رميةٍ صائبةٍ.
وأكثر من ذلك حذف الموصوف إذا كان معلوماً وقيام الصفة مقامه مثل: هذان شاعران (أَي رجلان شاعران). ومررت بمجتهدين في عملهما، (أَي برجلين مجتهدين).
وشرط ذلك صحة حلول الصفة محل الموصوف، فإِذا كانت الصفة جملة أَو شبه جملة لم يصح ذلك لأَن حرف الجر ((الباءِ)) مثلاً لا يتسلط عليهما؛ إِلا إذا كان المنعوت فاعلاً أو مفعولاً أو مبتدأ أَو مجروراً أو كان بعض اسمٍ مجرورٍ بـ((من)) أَو ((في))، ومثلوا لذلك بقولهم: (نحن فريقان منا ظعَن ومنا أَقام) أَي منا فريق ظعَن ومنا فريق أَقام.
الشواهد:
1- {وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}
[غافر: 40/28]
2- {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ}
[المائدة: 5/54]
3- {أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
سابغات: واسعات، السرد: نسج الدروع [سبأ: 34/11]
فمضيْتُ، ثُمتَ قلتُ: لا يعنيني
4- ولقد أَمرُّ على اللئيم يسبُّني
شمر الحنفي
بفضلها في حسبٍ وميسم
5- لو قلتَ: ما في قومها لم تيثمِ
الأصل: أحدٌ بفضلها. حكيم الربعي
مهفهفة لها فرعٌ وجيدُ
6- وربَّ أَسيلة الخدين بكرٍ
المرقش الأكبر
..............................
7- لأَمرٍ ما جدع قصير أَنفه
متى أَضعِ العمامة تعرفوني
8- أنا ابن جلا وطلاعُ الثنايا
من الرُقْش في أنيابها السمُّ ناقع
9- فبتُّ كأَني ساورتْني ضئيلةٌ
النابغة
فلم أُعْطِ شيئاً ولم أَمنع
10- وقد كنت في الحرب ذا تُدْرَإِ
العباس بن مرداس
سمُّ العُداة وآفةُ الجُزر
11- لا يبعدَنْ قومي الذين همُ
والطيبين معاقدَ الأَزر
النازلون بكل معترَك
روي (النازلين). خرنق بنت بدر
هذا هو الأصل، وقد يكون النعت أحياناً للتعظيم كقولك (سبحان الله العظيم) أو التحقير مثل (أعوذ من إبليس اللعين)، أو مجرد التوكيد مثل: (أمسِ الدابرُ لا يعود)، (قرأت صفحتين اثنتين).
ليذكر القارئ الصيغ التي يستوي فيها المذكر والمؤنث وقد مرت في ص136.
وليذكر أيضاً الحالات التي يطابق فيها اسم التفضيل ما قبله، والحال التي يلازم فيها الإفراد والتذكير والتنكير وقد مر ذلك في ص209. فاسم التفضيل النكرة إذا وصف به لزم الإفراد والتذكير والتنكير، تقول: هؤلاء طلابٌ أسرعُ عدواً، وهاتان طالبتان أنجحُ مرشحات.
انظر بحث حذف المبتدأ والخبر في بحث المبتدأ والخبر.