نوعـا القافية
قد يتحرك آخر روى البيت ، فيقال إن القافية مطلقة ، وقد يسكن ، فيقال ، إن القافية مقيدة .
فالأول كقول أبي نواس :
أجارة بيتينا أبوك غيور وميسور ما يرجى لديك عسير
والثاني كقول طرفة :
أصحوت اليوم أم شاقتك هو ومن الحب جنون مستعر
أ_ القوافي المطلقة
ثم إن القوافي المطلقة قد يوصل رويها بحرف مد ألفا أو واوا أو ياء ،وقد يوصل رويها بهاء ، فهذان نوعان :
النوع الأول : قد يأتيك والقافية مؤسسة ، كما في قول عروة بن الورد :
أتهزأ منى أن سمنت وأن ترى على شحوب الحق والحق جاهد
أفرق جسمي في جسوم كثيرة وأحسو قراح الماء والماء بارد
وقد يأتيك والقافية مردوفة كقول ابن زيدون :
ما على ظني باس يجرح الدهر ويأسو
وكذا الدهر إذا ما عز ناس ذل ناس
وقد تأتيك القافية مجردة من التأسيس والردف ، كقول حافظ يعاتب صديقا :
أدلال ذاك أم كســـل أم تناس ذاك أم ملل
أم ـ وقال الله ـ في كدر أم على الأقدار تتكل
والنوع الثاني : قد يأتيك والقافية مؤسسة ، كقول البحتري في مصرع المتوكل :
صـريع تقاضاه السـيوف حشاشة يـجود بها والموت حـمر أظافره
ولو كان سيفى ساعة الفتك في يدي درى الفاتك العجلان كيف أساوره
وقد يأتيك والقافية مردوفة ، كقول الأعشى يصف الساقي وخمره :
فقــام فصب لنا قهوة تسكننا بعد إرعــادها
كميت تكشف عن حمرة إذا صرحت بعد إزبادها
وقد يأتيك والقافية خالية من التأسيس والردف جميعا ، كقول ابن قيس الرقيات :
بكر العوازل في الصبا ح يلمنني وألومهــنه
ويقلن شيـب قد علا ك وقد كبرت فقلت إنه
لا بد من شيب فدعـ ـن ولا تطلن ملا مكنه
ولا يخدعنك السكون في آخر البيت ، فتحسب القافية مقيدة ، فإن هذا الوصف إنما تستحقه القافية ، حيث يكون السكون على حرف الروي لا على هاء الوصل فتدبر .
( ب ) القوافي المقيدة
وهي كذلك تأتي مؤسسة ، كقول أبي الطيب :
أزائر يا خيال أم عائد أم عند مولاك أنني راقد
وتأت مردوفة كقول الشاعر .
أهلا أبـا قردان يا منقذ الفلاح
كلاكما قد هان واستمرأ الأتراح
وتأتي خالية من الردف والتأسيس ، كقوله في أبي قردان أيضا :
تعيش بين الحقول مستأصلا للضرر
بناقر لا يـحول وناظر من شـرر
وليس يفوتنا ههنا أن ننبه إلى أن القوافي المقيدة بعامة أعسر مطلبا من القوافي المطلقة ، وأنها بعد المد أيسر منها دون المد ، ولا تكاد تجدها في البحور الطوال ، حاشا المتقارب والرمل والطويل ، وتفشو في القصار وتحسن والتقاء الساكنين نمط صعب ، لا يركبه إلا قدير ، كما نرى لأبي العلاء في درعيته التي مطلعها :
ما نخلت جارتنا ودها يوم تراءت بكثيف النخل
ولا نرى من ذلك إلا المشطورات القصار .
لزوم ما لا يلزم
عرفت أن لوازم القافية من الحروف خمس : الروي ، والردف ، والتأسيس ، والوصل ، والخروج ، وقد أظهرناك عليها فيما سلف .
وإن لوازم القافية من الحركات أربع : المجرى ، والتوجيه ، والدخيل ، والحذو ، وقد شرحناها لك آنفا .
فإذا التزم الشاعر في قصيدته ، أو مقطوعته هذه اللوازم من حروف وحركات فهو حسبه ، وإن أصر وازداد ، كان ملتزما لما لا يلزم ، وقد أغرم بذلك أبو العلاء تفاصحا وإظهارا للقدرة والتمكن اللغوي فإن ما يلزم في القافية أمر ليس بالسهل تحصيله فإذا تخطاه إلى التزام يتبرع به ونافلة يجود بها ، دل ذلك على سعة محصوله ومواتاة ذهنه .
ولنضرب لك أمثلة ، مما جاء به أبو العلاء في ديوانه الكبير :
قد يتحرك آخر روى البيت ، فيقال إن القافية مطلقة ، وقد يسكن ، فيقال ، إن القافية مقيدة .
فالأول كقول أبي نواس :
أجارة بيتينا أبوك غيور وميسور ما يرجى لديك عسير
والثاني كقول طرفة :
أصحوت اليوم أم شاقتك هو ومن الحب جنون مستعر
أ_ القوافي المطلقة
ثم إن القوافي المطلقة قد يوصل رويها بحرف مد ألفا أو واوا أو ياء ،وقد يوصل رويها بهاء ، فهذان نوعان :
النوع الأول : قد يأتيك والقافية مؤسسة ، كما في قول عروة بن الورد :
أتهزأ منى أن سمنت وأن ترى على شحوب الحق والحق جاهد
أفرق جسمي في جسوم كثيرة وأحسو قراح الماء والماء بارد
وقد يأتيك والقافية مردوفة كقول ابن زيدون :
ما على ظني باس يجرح الدهر ويأسو
وكذا الدهر إذا ما عز ناس ذل ناس
وقد تأتيك القافية مجردة من التأسيس والردف ، كقول حافظ يعاتب صديقا :
أدلال ذاك أم كســـل أم تناس ذاك أم ملل
أم ـ وقال الله ـ في كدر أم على الأقدار تتكل
والنوع الثاني : قد يأتيك والقافية مؤسسة ، كقول البحتري في مصرع المتوكل :
صـريع تقاضاه السـيوف حشاشة يـجود بها والموت حـمر أظافره
ولو كان سيفى ساعة الفتك في يدي درى الفاتك العجلان كيف أساوره
وقد يأتيك والقافية مردوفة ، كقول الأعشى يصف الساقي وخمره :
فقــام فصب لنا قهوة تسكننا بعد إرعــادها
كميت تكشف عن حمرة إذا صرحت بعد إزبادها
وقد يأتيك والقافية خالية من التأسيس والردف جميعا ، كقول ابن قيس الرقيات :
بكر العوازل في الصبا ح يلمنني وألومهــنه
ويقلن شيـب قد علا ك وقد كبرت فقلت إنه
لا بد من شيب فدعـ ـن ولا تطلن ملا مكنه
ولا يخدعنك السكون في آخر البيت ، فتحسب القافية مقيدة ، فإن هذا الوصف إنما تستحقه القافية ، حيث يكون السكون على حرف الروي لا على هاء الوصل فتدبر .
( ب ) القوافي المقيدة
وهي كذلك تأتي مؤسسة ، كقول أبي الطيب :
أزائر يا خيال أم عائد أم عند مولاك أنني راقد
وتأت مردوفة كقول الشاعر .
أهلا أبـا قردان يا منقذ الفلاح
كلاكما قد هان واستمرأ الأتراح
وتأتي خالية من الردف والتأسيس ، كقوله في أبي قردان أيضا :
تعيش بين الحقول مستأصلا للضرر
بناقر لا يـحول وناظر من شـرر
وليس يفوتنا ههنا أن ننبه إلى أن القوافي المقيدة بعامة أعسر مطلبا من القوافي المطلقة ، وأنها بعد المد أيسر منها دون المد ، ولا تكاد تجدها في البحور الطوال ، حاشا المتقارب والرمل والطويل ، وتفشو في القصار وتحسن والتقاء الساكنين نمط صعب ، لا يركبه إلا قدير ، كما نرى لأبي العلاء في درعيته التي مطلعها :
ما نخلت جارتنا ودها يوم تراءت بكثيف النخل
ولا نرى من ذلك إلا المشطورات القصار .
لزوم ما لا يلزم
عرفت أن لوازم القافية من الحروف خمس : الروي ، والردف ، والتأسيس ، والوصل ، والخروج ، وقد أظهرناك عليها فيما سلف .
وإن لوازم القافية من الحركات أربع : المجرى ، والتوجيه ، والدخيل ، والحذو ، وقد شرحناها لك آنفا .
فإذا التزم الشاعر في قصيدته ، أو مقطوعته هذه اللوازم من حروف وحركات فهو حسبه ، وإن أصر وازداد ، كان ملتزما لما لا يلزم ، وقد أغرم بذلك أبو العلاء تفاصحا وإظهارا للقدرة والتمكن اللغوي فإن ما يلزم في القافية أمر ليس بالسهل تحصيله فإذا تخطاه إلى التزام يتبرع به ونافلة يجود بها ، دل ذلك على سعة محصوله ومواتاة ذهنه .
ولنضرب لك أمثلة ، مما جاء به أبو العلاء في ديوانه الكبير :