حسين ياسين - إيطاليا
ست سنوات مرّت، كانت كأنها الدهر لعشاق يوفنتوس، تحملوا خلالها ما لا يتحمله أحد، لامسوا القعر، الدرجة الثانية، لاعبين صاروا يتهربوا من المجيء إلى يوفنتوس، ولاعبين تركوا الفريق، كل هذا والجمهور يزداد تعلقاً وشغفاً ومحبة لفريقه وهو يدرك أن النفق المظلم لا بد له من نهاية، والآن صار الضوء واضحاً للجميع، مبهراً ورائعاً لليوفي ومؤلماً ومزعجاً لعيون الفرق الأخرى ومحبّيها.
عندما أطلق الحكم صافرة النهاية في برغامو, صار الأمر رسمياً، يوفنتوس بطل الذهاب في إيطاليا, تماماً كما كان ذات شتاء من سنة 2006, وقتها كان سيد إيطاليا المطلق قبل زلزال الكالتشوبولي، لكن لنعُد إلى الأمور من بدايتها هذا الموسم كي نعيش هذه العودة الكبيرة للسيدة العجوز.
بعد التخبط الدائم و فشل الإدارة في كل شيء تقريباً قامت به بغض النظرعن الأسباب، من كوبولي جيلي إلى بلان، عاد الفريق إلى عائلة انييلي مع رئاسة أندريا، ومن لا يعرف ماذا تعني عائلة انييلي ليوفنتوس كمن لا يعرف ماذا يعني الماء للزرع ... السنة الماضية كانت أيضاً سلبية، لكن بوادر الضوء بانت في نهايتها، رحل دل نيري و قرر اليوفي الاعتماد على أحد أبنائه: أنطونيو كونتي ... في الواقع بدأ كونتي المعروف عنه تفانيه المطلق لليوفي عندما كان لاعباً، بدأ برسم فريق المستقبل، الذي أساسه صلابة الدفاع بالدرجة الأولى وهذا لطالما كان مفتاح يوفنتوس الانتصارات في عصره الذهبي، لم يعر كونتي اهتماماً للانتقادات، أبلغ ماروتا بأسماء اللاعبين الذين بريدهم، بارزاليي وخاصة ليشتنستاينر، فيدال وجاكيريني، لم يعجب الأمرعشاق الفريق والصحافة في تورينو، لكن كونتي كان يعرف ماذا يريد والقدر كان قد أخفى أحلى المفاجآت ليوفنتوس.
في شارع توراتي الرقم ثلاثة في ميلانو، كان اجتماع أحد أبرز لاعبي إيطاليا مع غالياني قد انتهى سلبياً، ميلان لا يضمن له مكاناً أساسياً وأليغري لا يراه مهماً, والعرض المالي هو نصف ما كان يتقضاه، ببساطة عملية طرد من ميلان بشكل غير مباشر لمن ساهم بصنع أمجاد الفريق، ولأن التاريخ يتكرر دائماً, ولأن موراتي عض أصابعه ندامة عندما تركه يرحل بسهولة هكذا سيفعل غالياني، خرج اللاعب و كان واضحاً شكرًا لميلان سأذهب لليوفي، أندريا بيرلو صار لاعباً في يوفنتوس.
توضحت معالم فريق كونتى، المدرّب الذي اتهم بأنه لا يعرف سوى طريقة 4-4-2 لكنه أثبت أنه يعرف الكثير، ولأن وضوح الصورة يساعد كثيراً صارت تشكيلة يوفنتوس سهلة التوقع، تغييرات قليلة و كلها تقريباً في الهجوم، بوفون عاد كبيراً، كيليني وبارزالي أثبتا صلابة و قوة، و ليشتنستاينر أدهش الكثيرين بإمكانياته، دفاعاً وهجوماً ويكفيه فخراً أن أول أهداف اليوفي في ملعبه الجديد حمل توقيعه، وكانت النتيجة نهاية الذهاب دون خسارة مع أقوى خط دفاع ... أما في الوسط فكان بيرلو هو القائد وماركيزيو هو النجم فيدال اللاعب الذي لا يهدأ، بيبي ذكّر الجميع بدي ليفيو وماتري كان الهدّاف، مع فوشينيتش الذي منح لكونتي حلولاً عديدة في الهجوم.
كل هذا كان حاسماً لكن الأهم كان عودة شخصية الفريق، أمام الكبار والصغار، في تورينو سقط ميلان وفي ميلانو هزم انتر ومن روما ونابولي عاد اليوفي بنقاط، وهكذا حصل في كل المدن، صحيح أن الفريق عانى وتعادل كثيراً، لكن هذا طبيعي في دوري كالدوري الإيطالي.
أمر وحيد ما يزال يحزن عشاق يوفنتوس لكن النتائج الكبيرة لا تسمح لهم بالانتقاد كثيراً، المشاركات القليلة للقائد أليساندرو دل بييرو، ولو أن هدفه الأول الرائع في الملعب الجديد أعطى انطباعاً بإمكانية رؤيته أكثر في الإياب.
يوفنتوس قطع نصف الطريق، بقي عليه النصف الآخر الأكثر صعوبة، يدرك كونتي هذا جيداً، يكرّر دائماً أن الفريق ليس مرشحاً للقب إبعاداً للضغوط ، لكنه يعمل لتحقيق ذلك، جاء ببوريلو, وكاتشيراس على وشك التوقيع، يدرك كونتي أن ميلان قوي جداً وأن إنتر بإمكانه العودة، يدرك أن المهمة شاقة جداً، يستفيد من عدم المشاركة في أوروبا التي سيعود إليها الموسم المقبل، لكن كونتي وكل عشاق يوفنتوس يحلمون بليلة يعود فيها السكوديتو إلى المكان الذي اعتاد على التواجد فيه، يبتعد فيه عن ميلانو، ويستقبله الآلاف في ساحة كاستيلو في تورينو، اشتاقت الساحة لهم واشتاقوا لها، كثيرون يشككون بذلك، لكنهم كذّبوا المشككين في الذهاب، وبعدها ستزيّن النجمة الثالثة قلوب وعقول محبّي يوفنتوس, حتى ولو لم يستطيعوا وضعها على قميص الفريق الآن، ليس مهماً كثيراً، من انتظر كل هذه الفترة يمكنه الانتظار قليلاً، المهم أن يُكمل يوفنتوس ما صنعه حتى الآن، المهمة صعبة لكن الأحلام كبيرة...