الموقع والمساحة
يحتل السودان الجزء الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا. بين دائرتي 4 و 22 شمال خط الاستواء وخطي الطول 22 و 38 ويمتد طول الحدود البحرية على ساحل البحر الأحمر إلى حوالي 670 كلم، وتحده دولتان عربيتان هما (مصر وليبيا) و7 دول أفريقية. هذا الموقع جعل من السودان المعبر الرئيسي بين شمال أفريقيا العربي وجنوبها الزنجي. كما أنه حتى منتصف القرن الحالي، الممر الرئيسي لقوافل الحجيج والتجارة من غرب إفريقيا إلى الأراضي المقدسة وشرق أفريقيا. تبلغ مساحة السودان حوالي 2.5 مليون كلم مربع وهو بذلك أحد اكبر الدول الإفريقية كما يأتي في المرتبة الحادية عشر بين بلدان العالم الأكبر مساحة.
نتيجة لكبر المساحة هذه تباينت بيئات السودان الآيكلولوجية وموارده وثرواته الطبيعية كما تعددت أجناس سكانه وأعراقهم وثقافاتهم.
ان موقع السودان الاستراتيجي وغني موارد وثرواته الطبيعية جعله احد محاور التنافس الاستعماري القديم في إفريقيا. كذلك ظل السودان يمثل أحد أطماع الاستعمار الحديث، خاصة بعد أن شحت موارد العالم الطبيعية وأصبحت مشكلة الغذاء في المستقبل هاجساً يؤرق العالم المعاصر.
السطح والتربة
أراضي السودان عبارة عن سهل رسوبي منبسط قليل الانحدار تتخلله مرتفعات تغطي أقل من 5 % من مساحته الكلية؛ أهمها جبال الاماتنوج في الجنوب، تلال البحر الأحمر في الشرق، جبال النوبة في جنوب كردفان، وجبل الميدوب وجبل مرة في دارفور. يمثل نهر النيل أهم ظاهرة جيمورفولوجية في السودان ويمتد حوالي 1700 كلم من الجنوب الشمال كما يغطي حوض النيل وروافده في السودان حوالي 2.5 مليون هكتار (25000 كلم).
تتكون سهول السودان من أنواع مختلفة من التربة أهمها:
التربة الرملية في إقليم الصحراء وشبه الصحراء في شمال وغرب السودان:
وهي تربة هشة قليلة الخصوبة تستغل في زراعة الدخن والفول السوداني والسمسم والكركدي كما توفر مرعى هاماً للإبل والضأن والماعز.
التربة الطينية في أواسط وشرق السودان:
وهي تمثل أهم مناطق زراعة القطن والزراعة الآلية المطرية كما تمثل مصدرا هاما لمنتجات الغابات. خاصة حطب الوقود والصمغ العربي. ومعظم إنتاج السودان من الذرة، المحصول الغذائي الرئيسي يتم فوق هذه التربة.
مجموعة التربات الحديدية الحمراء في جنوب السودان:
تتميز بانخفاض خصوبتها وقابليتها للتدهور. لذلك فان نمط الزراعة المتنقلة ظل أكثر نظم استخدام الأرض ملائمة لهذه التربة.
مجموعة التربات الرسوبية السلتية على ضفاف الأنهار والأودية ودلتا طوكر والقاش:
وتتميز هذه التربات بخصوبتها العالية لتجددها السنوي.
التربة البركانية الخصبة في جبل مرة:
وتقدر المساحة الصالحة للزراعة في السودان بحوالي200 مليون فدان (84 مليون هكتار) المستغل منها حاليا 40 مليون فدان (20%) منها 4 مليون فدان بالري الصناعي و36 مليون فدان زراعة مطرية، بما فيها المطري الآلي (14 مليون فدان) والمطري التقليدي (22 مليون فدان)
المناخ
يسود السودان المناخ المداري والذي يتميز بارتفاع درجات الحرارة معظم أيام السنة وتدرجه من جاف جدا في أقصى الشمال إلى شبه الرطب في أقصى الجنوب. تصل درجات الحرارة أقصى معدلاتها في فصل الصيف (مارس – أكتوبر) حيث يصل المعدل اليومي في شهري مايو ويونيو إلى أكثر من 42.9 مئوية في شمال السودان وإلى حوالي 34 في الجنوب. خلال فترة الصيف تنخفض درجات الحرارة في شهري يوليو وأغسطس بمعدل 5 – 8 بسبب هطول الأمطار. في فصل الشتاء (نوفمبر – مارس) تصل درجات الحرارة إلى أدني معدلاتها في ديسمبر ويناير. المتوسط اليومي في الشتاء هو 15.9 مئوية في الشمال 28.8 في الجنوب..
وتتصف أمطار السودان بأنها تصاعدية تتحكم في حركة الفاصل المداري شمالا وجنوبا بين خط الاستواء ومدار السرطان. باستثناء ساحل البحر الأحمر حيث المطر الشتوي، يقتصر هطول الأمطار على فصل الصيف. وتبلغ أعلى معدلاته في شهر أغسطس حيث يبلغ الفاصل المداري أقصى امتداد له شمالاً. تسود سمات الصحراء في أقصى الشمال حيث يقل المطر السنوي 50ملم وتزيد كمية الأمطار وكذلك طول المطر الزراعي تدريجياً نحو الجنوب حيث يصل المتوسط السنوي للأمطار 1400 ملم وطول الموسم الزراعي في أقصى الجنوب.
هطول الأمطار المتقطع وتكرار موجات الجفاف التي تتفاوت في طولها وحدتها خاصة الأجزاء الوسطى والشمالية يمثل أحد المميزات المناخية الهامة في السودان. كانت أقصى موجات الجفاف في القرن الحالي هو جفاف الساحل (1968/74) وجفاف (1983-1985) والذي اتخذ بعداً مأساوياً وامتدت آثاره لتشمل البيئة الطبيعية والبنيات الاقتصادية والاجتماعية.
المياه
يتميز نهر النيل وروافده بموارد مائية هائلة تغطي حوالي 25000 كلم مربع ويقدر الإيراد السنوي لنهر النيل بحوالي 58.9 مليار متر مكعب يساهم فيها النيل الأزرق بحوالي 58.9% ويلعب النيل دورا حيويا في حياة السكان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي علاقات السودان الخارجية خاصة مع دول حوض النيل
تستغل مياه النيل وروافده في الري وتوليد الكهرباء من خزانات الرصيرص وسنار وخشم القربة وفي الملاحة وصيد الأسماك اتفاقية مياه النيل لعام 1959 منحت مصر 55.5 مليار متر مكعب سنويا من مياه النيل والسودان 18.5 مليار متر مكعب ومن المؤمل أن يضيف مشروع قناة جونقلي في جنوب البلاد والتي توقف العمل بها لظروف أمنية حوالي 2.4 مليار إلى نصيب كل من الدولتين. بالإضافة لمنظومة النيل يزخر السودان بالعديد من البحيرات الداخلية والأودية الموسمية التي تلعب دوراً هاماً في حياة السكان الاقتصادية، خاصة في شرق البلاد وغرب البلاد.
مخزون المياه الجوفية يقدر بحوالي 9000 مليار متر مكعب تتوزع بين حوضين جوفيين رئيسيين هما الحوض النوبي الرسوبي في شمال غرب السودان وحوض تكوينات أم روابة في جنوب وسط السودان. أما تكوينات الصخور الصلبة والتي تتركز في الشرق وغرب الوسط وجنوب غرب البلاد فأنها تمثل حوضاً جوفياً فقيراً. يستغل السودان حاليا حوالي 2 مليار متر مكعب من المياه الجوفية لأغراض الري والاستخدامات المدنية. التغذية السنوية للمياه الجوفية تقدر بحوالي 4.5 مليار متر مكعب.
البحر الأحمر منفذ السودان الملاحي إلى العالم الخارجي به مواني بورتسودان وسواكن وأوسيف بالإضافة إلى مراسي أخرى صغيرة متعددة. ويتميز ساحل البحر الأحمر بوجود غابات القرم (المانقروف) التي تنمو في الخلجان والشعب المرجانية التي تأوي أصنافا متعددة من الحياة البحرية النادرة. وكذلك يشتهر البحر الأحمر بجزره الرملية ذات الطبعة الساحرة وهذه جميعها تعتبر عاملاً هاماً في صناعة السياحة بالسودان مستقبلاً.
تزخر البيئات المائية العذبة والمالحة بمجموعات متنوعة من الأسماك والقشريات والقواقع البرمائية. ويتملك السودان ثروة هائلة من الأسماك إذ بالإمكان إنتاج أكثر من 140.000 طن سنويا منها 35.000 طن من البحر الأحمر و100.000 طن من نهر النيل وفروعه و5.500 طن من بحيرة النوبة. ورغم ذلك فان الإنتاج السنوي الحالي ضعيف للغاية، يقل عن 10% كما أن متوسط الاستهلاك السنوي للفرد ضئيل جداً (حوالي 1.3كجم).
النباتات الطبيعية
إن امتداد السودان عبر 18 درجة من خطوط العرض (حوالي 2000 كلم) وتباين أحوال المناخ والتربة والطبوغرافيا قد أدت جميعها إلى تباين النباتات الطبيعية وتنوعها. عموما يمكن تمييز 7 أقاليم نباتية، تتدرج من الصحراء في الشمال إلى إقليم الغابات المطيرة في أقصى جنوب غرب البلاد.
الرقم الإقليم المساحة توسط المطر السنوي خصائص والمميزات
1
الصحراء
28.94
<50
تربة رملية – ينحصر نمو النبات الطبيعي في الخيران الموسمية وضفاف النيل
2
شبه الصحراء
19.64
75-300
شجار شوكية ونباتات حولية ومعمرات مقاومة للجفاف – مراعي موسمية في الخريف – زراعة مطرية عرضة لأخطار الجفاف
3
سافنا فقيرة
250-650
250-650
سودها أشجار الأكاسيا الشوكية – أشجار الهشاب فوق الرمال – تتركز فيها المشاريع الزراعية والمروية كما يتركز في غالية السكان
4
سافنا غنية
20.25
450-1300
أشجار عريضة الأوراق غير شوكية – مراعي غنية وبيئة غنية بالحيوان البري
5
ٌإقليم السدود
9.8
800-1000
أكبر إقليم مستنقعات في العالم وتسودها أعشاب النيل والبردي والبوصي
6
الغابات المطيرة
3.5
أكثر من 1300
غابات استوائية غنية ذات قيمة اقتصادية عالية مثل نخيل الزيت
7
نباتات المرتفعات
0.24
في جيوب متفرقة
في تلال البحر الأحمر. جبال النوبة والاماتونج وجبل مرة. تتميز بعينات نادرة من النباتات
جدول (1): أقاليم السودان النباتية - المصدر ويكنز (1991)
وتغطي الغابات حوالي 12.7 مليون فدان (5.3 مليون هكتار) أي حوالي 2.4% من مساحة السودان. أكثر من 60% من هذه الثروة في جنوب البلاد. الصمغ العربي أهم منتجات الغابات في السودان ويقد الإنتاج السنوي حوالي 45000 طن تساهم بحوالي 20% من قيمة الصادرات في البلاد. كذلك تمثل الغابات المصدر الرئيسي للطاقة حيث تساهم بحوالي 87% من جمل استهلاك الطاقة في السودان. بالإضافة إلى ذلك تلعب منتجان الغابات دورا هاماً في الصناعات الشعبية الفلكلورية. كما يدخل الكثير منها في العلاج الشعبي.
الحياة البرية
السودان غني بالثروة الحيوانية البرية التي تتنوع أجناسها وأصنافها بتعدد البيئات الآيكلولوجية الممتدة من الصحراء حتى الغابات الاستوائية. فمن بين ثلاثة عشر رتبة من الثدييات الموجود في أفريقيا يوجد بالسودان منها اثنتا عشر رتبة تحوي عددا كبيرا من الأسر والأجناس والأصناف والأنواع وأهمها الفيل والجاموس والزراف ووحيد القرن والغزلان والقردة والحيوانات المفترسة كالأسود والضباع وغيرها. وقد كانت أجزاء الحيوانات مثل جلود الزواحف والمفترسات وسن الفيل وقرن الوحيد وريش النعام تمثل جزء هاما من صادرات السودان العالم الخارجي حتى نهاية القرن التاسع عشر. كما لعب هذه الثروة دوراً هاماً في إثراء التراث الشعبي والثقافي للسكان. كذلك يوجد بالسودان قرابة الألف نزع من الطيور وعدد غير معروف من تمام الزواحف والحشرات.
الثروة المعدنية
رغم غنى السودان بثرواته المعدنية، إلا أن دورها في الاقتصاد الوطني ما زال محدداً للغاية. جهود الدولة المكثفة والناجحة خلال العقد الأخير من هذا القرن. وخاصة في مجال البترول إلى دور متعاظم لهذه الثروة خلال القرن القادم.
البترول
بدأ البحث عن البترول منذ عام 1959في منطقة البحر الأحمر ثم تحول البحث في السبعينات إلى غرب وجنوب السودان في عام 1996 بدأ الإنتاج (10.000 برميل في اليوم) للاستهلاك المحلي حيث تم تشيد وتشغيل مصفاة الأبيض. في سبتمبر 1999بدأ الإنتاج التجاري والتصدير (150.000 برميل في اليوم) بعد أن اكتمل خط الأنابيب الناقل من حقول البترول في بانتيو والوحدة وهجليج إلى ميناء بشائر إلى ساحل البحر الأحمر (1619 كلم).
كذلك اكتمل تشييد مصفاة الخرطوم بغرض التسويق المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من مشتقات البترول.
الذهب
يتركز إنتاجه حالياً في منطقة أرياب بولاية البحر الأحمر. ووصل الإنتاج في عام 1998إلى 5.67طن من الذهب الخالص بعائد إجمالي قدره حوالي 54مليون دولار.
يضاف إلى هذا الغاز الطبيعي الذي تم اكتشافه بكميات وفيرة في منطقة البحر الأحمر، كما أن هناك معادن أخرى كثيرة أهمها الحديد والكروم والنحاس والزنك والمايكا والجبس والاسبستوس بدأ استغلال بعضها تجارياً.
التدهور البيئي
السودان واحد من أكثر بلدان العالم تأثراً بالتدهور البيئي. وتتضح خطورة المشكلة في أنه تتأثر به أكثر من 60% من مساحة البلاد وأن أكثر المناطق تأثر هي التي تضم كل المشاريع الزراعية المروية (4 مليون فدان) ومناطق الزراعة المطرية (حوالي 14 مليون فدان) وغالبية مناطق الزراعة المطرية التقليدية في كردفان ودارفور كما أن هذه المنطقة تنتج من 75 – 80% من إنتاج العالم من الصمغ العربي
وتتمثل أهم مؤشرات التدهور في الآتي .
تدهور الغطاء النباتي وانحساره وزحف الأحزمة النباتية جنوباً.
تدهور موارد التربة وتدني صلاحيتها وضعف مقدرتها على استعادة حيويتها.
تدهور الإنتاج الزراعي.
تدهور مصادر المياه خاصة في المناطق الريفية بعيداً عن النيل وفروعه.
تدني التنوع الأحيائي.
التناقص في أعداد وأنواع الحيوانات البرية وانحصارها في جيوب متفرقة ومتناثرة بعيداً عن مناطق الكثافة السكانية وفي الحظائر القومية.
تدهور البيئة الحضرية. التدهور البيئي في السودان له الكثير من الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية أهما:
تدهور نظم الإنتاج الريفي.
تزايد معدلات الفقر البشري
الهجرة والنزوح وتمدد أحزمة السكن العشوائي حول أطراف المدن
تضخم القطاع الاقتصادي الحضري غير الرسمي.
تضافرت مجموعة عوامل طبيعية وبشرية للإخلال بالتوازن البيئي وتدهور الموارد الحيوية أهم هذه العوامل:
تكرار موجات الجفاف والذي اتخذ بعداً مأسوياً في عامي 1984 و1985م.
قطع الأشجار خاصة لأغراض الطاقة حيث تشكل الكتل الحيوية حوالي 87% من إجمالي استهلاك الطاقة في البلاد. وتشير الدراسات خلال (94/1995) إلا أن ما يزال سنويا من الغطاء النباتي بالسودان يقارب 5.040.000 هكتار، بينما لا تتعدى المساحات المزروعة سنويا 30.728 هكتار.
التوسع الزراعي خاصة الآلية المطرية وما يتطلبه ذلك من إزالة الغطاء النباتي ومن ثم تعرية التربة وانجرافها.
الرعي الجائر نتيجة لانحسار المساحات الرعوية بسبب التوسع الزراعي مع التزايد المستمر في أعداد الثروة الحيوانية والتي وصلت إلى 107 مليون رأس في 96/1997م.
الحرائق بسبب العوامل الطبيعية والبشرية خاصة لإغراض الزراعة أو لإنتاج الفحم أو للحصول على عسل النحل تشير التقديرات إلى أن الحرائق تقضي سنوياً على 15 – 30% من العلف الجاف في أقاليم السافنا بالسودان.
الفقر البشري وتزايد الضغط على الموارد الطبيعية لتعويض نقص الدخل، وخاصة في المناطق الريفية.
ضعف الوعي البيئي وأهمية الحفاظ على الموارد وحمايتها.
ضعف القوانين البيئية.
وعلى الرغم من جهود السودان الكبيرة في مجال الدراسات والسياسات والتطبيق، لحماية البيئة ووقف التدهور البيئي إلا أن حجم المشكلة يبدو أكبر بكثير من إمكانيات السودان منفرداً مما يستوجب ضرورة التعاون الإقليمي والدولي في هذا الشأن.
يحتل السودان الجزء الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا. بين دائرتي 4 و 22 شمال خط الاستواء وخطي الطول 22 و 38 ويمتد طول الحدود البحرية على ساحل البحر الأحمر إلى حوالي 670 كلم، وتحده دولتان عربيتان هما (مصر وليبيا) و7 دول أفريقية. هذا الموقع جعل من السودان المعبر الرئيسي بين شمال أفريقيا العربي وجنوبها الزنجي. كما أنه حتى منتصف القرن الحالي، الممر الرئيسي لقوافل الحجيج والتجارة من غرب إفريقيا إلى الأراضي المقدسة وشرق أفريقيا. تبلغ مساحة السودان حوالي 2.5 مليون كلم مربع وهو بذلك أحد اكبر الدول الإفريقية كما يأتي في المرتبة الحادية عشر بين بلدان العالم الأكبر مساحة.
نتيجة لكبر المساحة هذه تباينت بيئات السودان الآيكلولوجية وموارده وثرواته الطبيعية كما تعددت أجناس سكانه وأعراقهم وثقافاتهم.
ان موقع السودان الاستراتيجي وغني موارد وثرواته الطبيعية جعله احد محاور التنافس الاستعماري القديم في إفريقيا. كذلك ظل السودان يمثل أحد أطماع الاستعمار الحديث، خاصة بعد أن شحت موارد العالم الطبيعية وأصبحت مشكلة الغذاء في المستقبل هاجساً يؤرق العالم المعاصر.
السطح والتربة
أراضي السودان عبارة عن سهل رسوبي منبسط قليل الانحدار تتخلله مرتفعات تغطي أقل من 5 % من مساحته الكلية؛ أهمها جبال الاماتنوج في الجنوب، تلال البحر الأحمر في الشرق، جبال النوبة في جنوب كردفان، وجبل الميدوب وجبل مرة في دارفور. يمثل نهر النيل أهم ظاهرة جيمورفولوجية في السودان ويمتد حوالي 1700 كلم من الجنوب الشمال كما يغطي حوض النيل وروافده في السودان حوالي 2.5 مليون هكتار (25000 كلم).
تتكون سهول السودان من أنواع مختلفة من التربة أهمها:
التربة الرملية في إقليم الصحراء وشبه الصحراء في شمال وغرب السودان:
وهي تربة هشة قليلة الخصوبة تستغل في زراعة الدخن والفول السوداني والسمسم والكركدي كما توفر مرعى هاماً للإبل والضأن والماعز.
التربة الطينية في أواسط وشرق السودان:
وهي تمثل أهم مناطق زراعة القطن والزراعة الآلية المطرية كما تمثل مصدرا هاما لمنتجات الغابات. خاصة حطب الوقود والصمغ العربي. ومعظم إنتاج السودان من الذرة، المحصول الغذائي الرئيسي يتم فوق هذه التربة.
مجموعة التربات الحديدية الحمراء في جنوب السودان:
تتميز بانخفاض خصوبتها وقابليتها للتدهور. لذلك فان نمط الزراعة المتنقلة ظل أكثر نظم استخدام الأرض ملائمة لهذه التربة.
مجموعة التربات الرسوبية السلتية على ضفاف الأنهار والأودية ودلتا طوكر والقاش:
وتتميز هذه التربات بخصوبتها العالية لتجددها السنوي.
التربة البركانية الخصبة في جبل مرة:
وتقدر المساحة الصالحة للزراعة في السودان بحوالي200 مليون فدان (84 مليون هكتار) المستغل منها حاليا 40 مليون فدان (20%) منها 4 مليون فدان بالري الصناعي و36 مليون فدان زراعة مطرية، بما فيها المطري الآلي (14 مليون فدان) والمطري التقليدي (22 مليون فدان)
المناخ
يسود السودان المناخ المداري والذي يتميز بارتفاع درجات الحرارة معظم أيام السنة وتدرجه من جاف جدا في أقصى الشمال إلى شبه الرطب في أقصى الجنوب. تصل درجات الحرارة أقصى معدلاتها في فصل الصيف (مارس – أكتوبر) حيث يصل المعدل اليومي في شهري مايو ويونيو إلى أكثر من 42.9 مئوية في شمال السودان وإلى حوالي 34 في الجنوب. خلال فترة الصيف تنخفض درجات الحرارة في شهري يوليو وأغسطس بمعدل 5 – 8 بسبب هطول الأمطار. في فصل الشتاء (نوفمبر – مارس) تصل درجات الحرارة إلى أدني معدلاتها في ديسمبر ويناير. المتوسط اليومي في الشتاء هو 15.9 مئوية في الشمال 28.8 في الجنوب..
وتتصف أمطار السودان بأنها تصاعدية تتحكم في حركة الفاصل المداري شمالا وجنوبا بين خط الاستواء ومدار السرطان. باستثناء ساحل البحر الأحمر حيث المطر الشتوي، يقتصر هطول الأمطار على فصل الصيف. وتبلغ أعلى معدلاته في شهر أغسطس حيث يبلغ الفاصل المداري أقصى امتداد له شمالاً. تسود سمات الصحراء في أقصى الشمال حيث يقل المطر السنوي 50ملم وتزيد كمية الأمطار وكذلك طول المطر الزراعي تدريجياً نحو الجنوب حيث يصل المتوسط السنوي للأمطار 1400 ملم وطول الموسم الزراعي في أقصى الجنوب.
هطول الأمطار المتقطع وتكرار موجات الجفاف التي تتفاوت في طولها وحدتها خاصة الأجزاء الوسطى والشمالية يمثل أحد المميزات المناخية الهامة في السودان. كانت أقصى موجات الجفاف في القرن الحالي هو جفاف الساحل (1968/74) وجفاف (1983-1985) والذي اتخذ بعداً مأساوياً وامتدت آثاره لتشمل البيئة الطبيعية والبنيات الاقتصادية والاجتماعية.
المياه
يتميز نهر النيل وروافده بموارد مائية هائلة تغطي حوالي 25000 كلم مربع ويقدر الإيراد السنوي لنهر النيل بحوالي 58.9 مليار متر مكعب يساهم فيها النيل الأزرق بحوالي 58.9% ويلعب النيل دورا حيويا في حياة السكان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي علاقات السودان الخارجية خاصة مع دول حوض النيل
تستغل مياه النيل وروافده في الري وتوليد الكهرباء من خزانات الرصيرص وسنار وخشم القربة وفي الملاحة وصيد الأسماك اتفاقية مياه النيل لعام 1959 منحت مصر 55.5 مليار متر مكعب سنويا من مياه النيل والسودان 18.5 مليار متر مكعب ومن المؤمل أن يضيف مشروع قناة جونقلي في جنوب البلاد والتي توقف العمل بها لظروف أمنية حوالي 2.4 مليار إلى نصيب كل من الدولتين. بالإضافة لمنظومة النيل يزخر السودان بالعديد من البحيرات الداخلية والأودية الموسمية التي تلعب دوراً هاماً في حياة السكان الاقتصادية، خاصة في شرق البلاد وغرب البلاد.
مخزون المياه الجوفية يقدر بحوالي 9000 مليار متر مكعب تتوزع بين حوضين جوفيين رئيسيين هما الحوض النوبي الرسوبي في شمال غرب السودان وحوض تكوينات أم روابة في جنوب وسط السودان. أما تكوينات الصخور الصلبة والتي تتركز في الشرق وغرب الوسط وجنوب غرب البلاد فأنها تمثل حوضاً جوفياً فقيراً. يستغل السودان حاليا حوالي 2 مليار متر مكعب من المياه الجوفية لأغراض الري والاستخدامات المدنية. التغذية السنوية للمياه الجوفية تقدر بحوالي 4.5 مليار متر مكعب.
البحر الأحمر منفذ السودان الملاحي إلى العالم الخارجي به مواني بورتسودان وسواكن وأوسيف بالإضافة إلى مراسي أخرى صغيرة متعددة. ويتميز ساحل البحر الأحمر بوجود غابات القرم (المانقروف) التي تنمو في الخلجان والشعب المرجانية التي تأوي أصنافا متعددة من الحياة البحرية النادرة. وكذلك يشتهر البحر الأحمر بجزره الرملية ذات الطبعة الساحرة وهذه جميعها تعتبر عاملاً هاماً في صناعة السياحة بالسودان مستقبلاً.
تزخر البيئات المائية العذبة والمالحة بمجموعات متنوعة من الأسماك والقشريات والقواقع البرمائية. ويتملك السودان ثروة هائلة من الأسماك إذ بالإمكان إنتاج أكثر من 140.000 طن سنويا منها 35.000 طن من البحر الأحمر و100.000 طن من نهر النيل وفروعه و5.500 طن من بحيرة النوبة. ورغم ذلك فان الإنتاج السنوي الحالي ضعيف للغاية، يقل عن 10% كما أن متوسط الاستهلاك السنوي للفرد ضئيل جداً (حوالي 1.3كجم).
النباتات الطبيعية
إن امتداد السودان عبر 18 درجة من خطوط العرض (حوالي 2000 كلم) وتباين أحوال المناخ والتربة والطبوغرافيا قد أدت جميعها إلى تباين النباتات الطبيعية وتنوعها. عموما يمكن تمييز 7 أقاليم نباتية، تتدرج من الصحراء في الشمال إلى إقليم الغابات المطيرة في أقصى جنوب غرب البلاد.
الرقم الإقليم المساحة توسط المطر السنوي خصائص والمميزات
1
الصحراء
28.94
<50
تربة رملية – ينحصر نمو النبات الطبيعي في الخيران الموسمية وضفاف النيل
2
شبه الصحراء
19.64
75-300
شجار شوكية ونباتات حولية ومعمرات مقاومة للجفاف – مراعي موسمية في الخريف – زراعة مطرية عرضة لأخطار الجفاف
3
سافنا فقيرة
250-650
250-650
سودها أشجار الأكاسيا الشوكية – أشجار الهشاب فوق الرمال – تتركز فيها المشاريع الزراعية والمروية كما يتركز في غالية السكان
4
سافنا غنية
20.25
450-1300
أشجار عريضة الأوراق غير شوكية – مراعي غنية وبيئة غنية بالحيوان البري
5
ٌإقليم السدود
9.8
800-1000
أكبر إقليم مستنقعات في العالم وتسودها أعشاب النيل والبردي والبوصي
6
الغابات المطيرة
3.5
أكثر من 1300
غابات استوائية غنية ذات قيمة اقتصادية عالية مثل نخيل الزيت
7
نباتات المرتفعات
0.24
في جيوب متفرقة
في تلال البحر الأحمر. جبال النوبة والاماتونج وجبل مرة. تتميز بعينات نادرة من النباتات
جدول (1): أقاليم السودان النباتية - المصدر ويكنز (1991)
وتغطي الغابات حوالي 12.7 مليون فدان (5.3 مليون هكتار) أي حوالي 2.4% من مساحة السودان. أكثر من 60% من هذه الثروة في جنوب البلاد. الصمغ العربي أهم منتجات الغابات في السودان ويقد الإنتاج السنوي حوالي 45000 طن تساهم بحوالي 20% من قيمة الصادرات في البلاد. كذلك تمثل الغابات المصدر الرئيسي للطاقة حيث تساهم بحوالي 87% من جمل استهلاك الطاقة في السودان. بالإضافة إلى ذلك تلعب منتجان الغابات دورا هاماً في الصناعات الشعبية الفلكلورية. كما يدخل الكثير منها في العلاج الشعبي.
الحياة البرية
السودان غني بالثروة الحيوانية البرية التي تتنوع أجناسها وأصنافها بتعدد البيئات الآيكلولوجية الممتدة من الصحراء حتى الغابات الاستوائية. فمن بين ثلاثة عشر رتبة من الثدييات الموجود في أفريقيا يوجد بالسودان منها اثنتا عشر رتبة تحوي عددا كبيرا من الأسر والأجناس والأصناف والأنواع وأهمها الفيل والجاموس والزراف ووحيد القرن والغزلان والقردة والحيوانات المفترسة كالأسود والضباع وغيرها. وقد كانت أجزاء الحيوانات مثل جلود الزواحف والمفترسات وسن الفيل وقرن الوحيد وريش النعام تمثل جزء هاما من صادرات السودان العالم الخارجي حتى نهاية القرن التاسع عشر. كما لعب هذه الثروة دوراً هاماً في إثراء التراث الشعبي والثقافي للسكان. كذلك يوجد بالسودان قرابة الألف نزع من الطيور وعدد غير معروف من تمام الزواحف والحشرات.
الثروة المعدنية
رغم غنى السودان بثرواته المعدنية، إلا أن دورها في الاقتصاد الوطني ما زال محدداً للغاية. جهود الدولة المكثفة والناجحة خلال العقد الأخير من هذا القرن. وخاصة في مجال البترول إلى دور متعاظم لهذه الثروة خلال القرن القادم.
البترول
بدأ البحث عن البترول منذ عام 1959في منطقة البحر الأحمر ثم تحول البحث في السبعينات إلى غرب وجنوب السودان في عام 1996 بدأ الإنتاج (10.000 برميل في اليوم) للاستهلاك المحلي حيث تم تشيد وتشغيل مصفاة الأبيض. في سبتمبر 1999بدأ الإنتاج التجاري والتصدير (150.000 برميل في اليوم) بعد أن اكتمل خط الأنابيب الناقل من حقول البترول في بانتيو والوحدة وهجليج إلى ميناء بشائر إلى ساحل البحر الأحمر (1619 كلم).
كذلك اكتمل تشييد مصفاة الخرطوم بغرض التسويق المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من مشتقات البترول.
الذهب
يتركز إنتاجه حالياً في منطقة أرياب بولاية البحر الأحمر. ووصل الإنتاج في عام 1998إلى 5.67طن من الذهب الخالص بعائد إجمالي قدره حوالي 54مليون دولار.
يضاف إلى هذا الغاز الطبيعي الذي تم اكتشافه بكميات وفيرة في منطقة البحر الأحمر، كما أن هناك معادن أخرى كثيرة أهمها الحديد والكروم والنحاس والزنك والمايكا والجبس والاسبستوس بدأ استغلال بعضها تجارياً.
التدهور البيئي
السودان واحد من أكثر بلدان العالم تأثراً بالتدهور البيئي. وتتضح خطورة المشكلة في أنه تتأثر به أكثر من 60% من مساحة البلاد وأن أكثر المناطق تأثر هي التي تضم كل المشاريع الزراعية المروية (4 مليون فدان) ومناطق الزراعة المطرية (حوالي 14 مليون فدان) وغالبية مناطق الزراعة المطرية التقليدية في كردفان ودارفور كما أن هذه المنطقة تنتج من 75 – 80% من إنتاج العالم من الصمغ العربي
وتتمثل أهم مؤشرات التدهور في الآتي .
تدهور الغطاء النباتي وانحساره وزحف الأحزمة النباتية جنوباً.
تدهور موارد التربة وتدني صلاحيتها وضعف مقدرتها على استعادة حيويتها.
تدهور الإنتاج الزراعي.
تدهور مصادر المياه خاصة في المناطق الريفية بعيداً عن النيل وفروعه.
تدني التنوع الأحيائي.
التناقص في أعداد وأنواع الحيوانات البرية وانحصارها في جيوب متفرقة ومتناثرة بعيداً عن مناطق الكثافة السكانية وفي الحظائر القومية.
تدهور البيئة الحضرية. التدهور البيئي في السودان له الكثير من الانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية أهما:
تدهور نظم الإنتاج الريفي.
تزايد معدلات الفقر البشري
الهجرة والنزوح وتمدد أحزمة السكن العشوائي حول أطراف المدن
تضخم القطاع الاقتصادي الحضري غير الرسمي.
تضافرت مجموعة عوامل طبيعية وبشرية للإخلال بالتوازن البيئي وتدهور الموارد الحيوية أهم هذه العوامل:
تكرار موجات الجفاف والذي اتخذ بعداً مأسوياً في عامي 1984 و1985م.
قطع الأشجار خاصة لأغراض الطاقة حيث تشكل الكتل الحيوية حوالي 87% من إجمالي استهلاك الطاقة في البلاد. وتشير الدراسات خلال (94/1995) إلا أن ما يزال سنويا من الغطاء النباتي بالسودان يقارب 5.040.000 هكتار، بينما لا تتعدى المساحات المزروعة سنويا 30.728 هكتار.
التوسع الزراعي خاصة الآلية المطرية وما يتطلبه ذلك من إزالة الغطاء النباتي ومن ثم تعرية التربة وانجرافها.
الرعي الجائر نتيجة لانحسار المساحات الرعوية بسبب التوسع الزراعي مع التزايد المستمر في أعداد الثروة الحيوانية والتي وصلت إلى 107 مليون رأس في 96/1997م.
الحرائق بسبب العوامل الطبيعية والبشرية خاصة لإغراض الزراعة أو لإنتاج الفحم أو للحصول على عسل النحل تشير التقديرات إلى أن الحرائق تقضي سنوياً على 15 – 30% من العلف الجاف في أقاليم السافنا بالسودان.
الفقر البشري وتزايد الضغط على الموارد الطبيعية لتعويض نقص الدخل، وخاصة في المناطق الريفية.
ضعف الوعي البيئي وأهمية الحفاظ على الموارد وحمايتها.
ضعف القوانين البيئية.
وعلى الرغم من جهود السودان الكبيرة في مجال الدراسات والسياسات والتطبيق، لحماية البيئة ووقف التدهور البيئي إلا أن حجم المشكلة يبدو أكبر بكثير من إمكانيات السودان منفرداً مما يستوجب ضرورة التعاون الإقليمي والدولي في هذا الشأن.