يريدون أولادهم امتداداًً لهم ..أحلام البعض تتحطم على أعتاب رغبات الوالدين
حرصاً على مستقبل تجارته يرفض الأب دراسة ابنه في إحدى كليات القمة ويكتفي فقط بكلية التجارة ليكون ابنه زراعه الأيمن، أما الأم فتريد أن يكون ابنها امتداداً لها فتفرض عليه دخول كلية الصيدلة ، وآباء آخرون يرون شبابهم في أولادهم فيفرضون عليهم أمانيهم التي لم تتحقق ضاربين عرض الحائط برغبات الأبناء وحقهم في اختيار مستقبلهم . "أبو فيصل"، أصرّ على إلحاق أبناءه وبناته بكليات الحاسب الآلي، وقال: ـ لن أترك لهم المجال للاختيار بأنفسهم، ذلك لأن المستقبل هو لمن يحمل شهادة في علوم الحاسب، لذلك لن أقبل أبداً بمسألة الميول والرغبة، لأن المجتمع الآن يعتمد اعتماداً كلياً على الحاسب الآلي في غالب شؤونه. قال "أبو فيصل" لمجلة "سيدتي" : ـ تخرج ابني فيصل منذ سنتين، وأنا متأكد من أنه راض عن مسيرته الأكاديمية، وعمله في مجال الكومبيوتر. مختتماً حديثه بأنه أكثر شخص يعرف مصلحة أبنائه. أما سارة (22 عاماً)، تدرس في جامعة الملك سعود، متخصصة في اللغة العربية، وبسبب رغبة والدتها تعددت سنوات رسوبها في الجامعة، وتقول: ـ أمي أرادت أن أكون امتدادا لها وأكمل ما بدأته هي في حياتها، متجاهلة رغبتي وميولي، وبسبب ذلك منذ خمس سنوات لم استطع التخرج، مع العلم بأنني حاولت تغيير التخصص إلى رياض الأطفال، لكن ذلك يقابل بالرفض من قِبل أمي، التي تهددني بغضبها عليّ، فماذا أفعل!؟. المحامي خالد، الذي رزق بفتاة منذ أربعة أشهر، يؤكد أنه لن يكرر غلطة أبيه مع أولاده مرة أخرى، ويوضح قائلاً : فقد تسبب بفقداني لأملي وهو أن أصبح معلماً لهذه الأجيال الصاعدة، لكنه أجبرني على التخصص في المحاماة حتى لا يتفوق عليّ أحد من أبناء عمي، الذي تخصص واحد منهم بالصيدلة، ناسياً أن المسألة برمتها مسألة ميول ومهارات، وقد حاولت جاهداً أن أقوم بتغيير تخصصي الدراسي، لكن من دون جدوى، فقد كان والدي وما زال، متعنتاً في هذا الجانب، سواء معي أو حتى مع بقية إخوتي، والآن أنا محامي أمارس عملي بدون أن أحبه. الاختلاط في العمل !! ============ سحر اليوسف (27 عاماً) محضّرة معمل في مدرسة أهلية، روت قصتها قائلة : ـ دائماً كان حلمي أن أصبح صيدلانية، لكن لم أجد من عائلتي سوى السخرية وبأنني لن أستطيع تحقيقه، لكنني حاربت من أجل أن أصل لما أريد، وعندما أنهيت المرحلة الثانوية بمعدل علامات عال يسمح لي بمواصلة الدراسة في كلية الصيدلة، جاء رفض والدي قاطعاً وحطم أملي الذي بنيته منذ سنوات، وذلك بسبب أنه لا يرضى بأن أعمل في مكان يوجد فيه رجال. فلم أجد أمامي سوى الالتحاق بكلية العلوم كونها الأقرب إلى المجال الذي أرغب فيه. وتعرض نورة الهويش (18 عاماً)، الطالبة في كلية الطب في السنة الأولى تجربتها، لكن بشكل مختلف، فتقول: ـ منذ فترة طويلة وأنا أحلم بأن أكون مهندسة ديكور داخلي، وأرغب بشدة في تحقيق شيء مختلف عن المألوف، تحدثت مع والديّ اللذين شجعا رغبتي وسانداني بكلماتهما، لكن عندما شارفت المرحلة الثانوية على الانتهاء، فكرت في اختياري مرة أخرى، خصوصاً أن شقيقتي الكبرى قد أنهت دراستها في مجال طب الأسنان، وكنت أراها وهي تدرس وتجتهد لتحقيق النجاح، فتحدثت معها مراراً للتعرف أكثر على هذا المجال، والحمد لله استفدت منها كثيراً، وقمت بتقديم أوراقي لكلية الطب، بمباركة والديّ، وها أنا أستعد لخوض مشوار الدراسة الجامعية وكلي حماس لتجربة ما اخترته ليكون أولى محطات مهنتي
الاستسلام بالواقع !! تحدثت هند (23 عاماً)، الطالبة في السنة الثانية، كلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، التي من المفترض أن تكون قد أنهت دراستها العام السابق، بقولها: ـ منذ بداية دخولي للمرحلة الثانوية واختياري للتخصص العلمي فيها، وأنا أحلم بأن التحق بكلية العلوم الطبية التطبيقية في جامعة الملك سعود. لكن والدي كان متردداً بعض الشيء محاولاً إقناعي بدراسة الشريعة التي يرى من وجهة نظره، أنها ستفيدني كمعلمة وأم ومربية أجيال، بعد ذلك حاولت أن أناقشه في هذه المسألة، مبينة أن هذا هو طموحي وأملي وبأنني أجد نفسي في هذا المجال، لكنه كان نقاشاً سلبياً، لأن والدي يعطي الأوامر وأنا عاجزة عن إقناعه، فتكونت داخلي مجموعة من المشاعر السلبية كاليأس والإحباط ولم يكن أمامي سوى الرضا بالأمر الواقع والاستسلام له. محمد الحسين، بدأ حديثه بنصيحة صغيرة ألا وهي: "اكتشف ميول طفلك أولاً، ثم اعمل على تنميتها حتى تُسهل عليه اختيار تخصصه الجامعي ومن ثم مهنته التي ستكون معه للأبد"، مكملاً قوله: ـ لم يتسن لي إكمال دراستي الجامعية بسبب ظروف عائلية مررت بها، لكن عندما سأرزق أطفالاً، سأطبق ما قلته لكم قبل قليل. ناصر الشمري، لديه أربعة أولاد، أيّد وبشدة أن يساندهم في اختيارهم، بل وسيشجعهم عليه، ويقول: ـ التحق أول أبنائي بالقطاع العسكري برغبة منه، ولم أرغمه على شيء، بل على العكس، قمت بتشجيعه والثناء على دقة اختياره، وسأترك البقية من أولادي يسيرون على نفس الطريق. وعبّر سامي الأحمد (23 عاماً)، طالب طب أسنان في إحدى الجامعات الأهلية، عن استيائه من تسلط الأهل على أبنائهم، بقوله: ـ هل يعقل أن يختار لي أي إنسان مهما بلغ من الذكاء والعلم والحب أيضاً ما سيحدد مصيري وعملي في المستقبل؟، لكن من الممكن أن أتقبل النصح والتوعية من أهلي أو المعلمين. ويذكر سامي كيف كانت تجربته مشوقة عندما كان يقضي صيفه في لندن لتعلم اللغة الإنجليزية، ويرى أصدقاءه البريطانيين كيف يعتمدون على أنفسهم لدرجة أنهم يسكنون بعيداً عن أسرهم، ويعلق قائلاً: ـ هم يعيشون مستقلين ونحن يختار لنا أهلنا دراستنا الجامعية!. أما ربة المنزل "أم وليد"، ورغم كِبر سنها كونها في العقد الخامس من العمر، فلم تتدخل يوماً في تحديد مسار أبنائها الأكاديمي، لكنها سعيدة باختياراتهم وتوجهاتهم الدراسية، مشيرة إلى أنه لم يتبق سوى ابنتها الصغرى "مها"، التي لم تتخرج في الجامعة بعد: ـ أما البقية من الأبناء فهم يشغلون مناصب جيدة وسعداء في حياتهم العملية بسبب عدم تدخلي في حياتهم، فقد ربيتهم بالاعتماد على النفس والثقة في الذات، وما أحصده الآن هو نجاحهم. وتحدثت "مها" (21 عاماً)، تخصص لغة إنجليزية، بفخر عن سلوك والدتها وبأنها ربتهم على الثقة بالاختيار الصحيح. اختيار حر وثقة! حصة الصالح، الطالبة في الصف الثالث ثانوي، وهي لم تتجاوز عامها السابع عشر بعد، لكنها ما زالت حائرة في ما ستختاره تخصصاً للدراسة الجامعية، وتقول: ـ أنا لم أقرر بعد، لكن أود أن أترك ذلك لبعد حين حتى أتأكد من درجاتي في نهاية العام. وبالنسبة لأهلي فلم يفرضوا عليّ شيئاً، بل على العكس نصحوني باختيار التخصص الذي يناسبني وأحبه. "أم ماجد" (والدة حصة) قالت: ـ ابنتي في آخر مراحلها الدراسية هذه السنة وبعدها ستتوجه للجامعة، لكنني لا أدري ماذا ستختار، وسنترك لها المجال أنا ووالدها حتى تقرر ماذا تود أن تدرس، وحتى ذلك الوقت سنقوم بنصحها لاختيار التوجه الملائم لها. .
تغيير غير مقبول ========= هند الغصن، اختصاصية علاج نفسي إكلينيكي، توضح لنا كيف أن تدخل الآباء في تحديد مصير أبنائهم الدراسي ممكن أن يغير حياتهم بشكل لا يمكن تخيله، حيث تقول: ـ يتدخل الأب في اختيار مجال دراسة ابنه لعدة أسباب، منها أن يكون للوالدين أو أحدهما طموح وحلم لم يتمكن من تحقيقه، فيسعى لذلك من خلال ابنه من دون النظر لمسألة الميول والمهارات الشخصية. وممكن أن يكون الأهل ممن لم يحصلوا على ثقافة واسعة فيفكرون أنه من اللازم أن يكون الابن متخصصاً في مجال معين كالطب أو الهندسة، وبسبب ذلك يكون احتمال فشل الطالب كبيراً جداً، لأن محور وأساس المواد التعليمية التي يدرسها، بعيد جداً عن رغبته. ومن جهة أخرى، يمكن أن يرفض الأب إكمال الابن لتعليمه بسبب رغبته بوجود ابنه معه في مجال عمله، كما نرى في مجال التجارة أو المهن اليدوية، مع أن ذلك يفضي غالباً إلى إحباط واكتئاب وقلق. ويفضل أن يعطى للابن المجال في تقرير مساره الأكاديمي منذ المرحلة المتوسطة، أي بداية من عمر الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة، لما في ذلك من أثر على تكوين شخصيته وجعله قادراً على اتخاذ القرار المناسب له، وهذا سيجعل قراراته لاحقاً سليمة ونابعة من ثقة تامة بأنه سيستطيع مجابهة أي صعوبة تواجهه في مراحل حياته. وبشكل عام ننصح الوالدين بتعليم الطفل مهارة اتخاذ القرار منذ عمر السنتين ونصف السنة (عمر الدخول لمرحلة الروضة والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين)، وهذا يعتبر الأساس في تكوين شخصية الفرد التي تبدأ منذ الخامسة وحتى الثامنة عشرة. وأحب أن أضيف أن أفضل فكرة للنقاش هي عرض وجهات النظر وبعدها طرح أوجه الاختلاف ومناقشتها، وبذلك يكون النقاش أقل حدة، ويكون إقناع الطرف الآخر أسهل، لأن الخلاف سيؤدي حتماً إلى مشاكل أسرية تفضي بطبيعة الحال إلى مشاكل نفسية.
حرصاً على مستقبل تجارته يرفض الأب دراسة ابنه في إحدى كليات القمة ويكتفي فقط بكلية التجارة ليكون ابنه زراعه الأيمن، أما الأم فتريد أن يكون ابنها امتداداً لها فتفرض عليه دخول كلية الصيدلة ، وآباء آخرون يرون شبابهم في أولادهم فيفرضون عليهم أمانيهم التي لم تتحقق ضاربين عرض الحائط برغبات الأبناء وحقهم في اختيار مستقبلهم . "أبو فيصل"، أصرّ على إلحاق أبناءه وبناته بكليات الحاسب الآلي، وقال: ـ لن أترك لهم المجال للاختيار بأنفسهم، ذلك لأن المستقبل هو لمن يحمل شهادة في علوم الحاسب، لذلك لن أقبل أبداً بمسألة الميول والرغبة، لأن المجتمع الآن يعتمد اعتماداً كلياً على الحاسب الآلي في غالب شؤونه. قال "أبو فيصل" لمجلة "سيدتي" : ـ تخرج ابني فيصل منذ سنتين، وأنا متأكد من أنه راض عن مسيرته الأكاديمية، وعمله في مجال الكومبيوتر. مختتماً حديثه بأنه أكثر شخص يعرف مصلحة أبنائه. أما سارة (22 عاماً)، تدرس في جامعة الملك سعود، متخصصة في اللغة العربية، وبسبب رغبة والدتها تعددت سنوات رسوبها في الجامعة، وتقول: ـ أمي أرادت أن أكون امتدادا لها وأكمل ما بدأته هي في حياتها، متجاهلة رغبتي وميولي، وبسبب ذلك منذ خمس سنوات لم استطع التخرج، مع العلم بأنني حاولت تغيير التخصص إلى رياض الأطفال، لكن ذلك يقابل بالرفض من قِبل أمي، التي تهددني بغضبها عليّ، فماذا أفعل!؟. المحامي خالد، الذي رزق بفتاة منذ أربعة أشهر، يؤكد أنه لن يكرر غلطة أبيه مع أولاده مرة أخرى، ويوضح قائلاً : فقد تسبب بفقداني لأملي وهو أن أصبح معلماً لهذه الأجيال الصاعدة، لكنه أجبرني على التخصص في المحاماة حتى لا يتفوق عليّ أحد من أبناء عمي، الذي تخصص واحد منهم بالصيدلة، ناسياً أن المسألة برمتها مسألة ميول ومهارات، وقد حاولت جاهداً أن أقوم بتغيير تخصصي الدراسي، لكن من دون جدوى، فقد كان والدي وما زال، متعنتاً في هذا الجانب، سواء معي أو حتى مع بقية إخوتي، والآن أنا محامي أمارس عملي بدون أن أحبه. الاختلاط في العمل !! ============ سحر اليوسف (27 عاماً) محضّرة معمل في مدرسة أهلية، روت قصتها قائلة : ـ دائماً كان حلمي أن أصبح صيدلانية، لكن لم أجد من عائلتي سوى السخرية وبأنني لن أستطيع تحقيقه، لكنني حاربت من أجل أن أصل لما أريد، وعندما أنهيت المرحلة الثانوية بمعدل علامات عال يسمح لي بمواصلة الدراسة في كلية الصيدلة، جاء رفض والدي قاطعاً وحطم أملي الذي بنيته منذ سنوات، وذلك بسبب أنه لا يرضى بأن أعمل في مكان يوجد فيه رجال. فلم أجد أمامي سوى الالتحاق بكلية العلوم كونها الأقرب إلى المجال الذي أرغب فيه. وتعرض نورة الهويش (18 عاماً)، الطالبة في كلية الطب في السنة الأولى تجربتها، لكن بشكل مختلف، فتقول: ـ منذ فترة طويلة وأنا أحلم بأن أكون مهندسة ديكور داخلي، وأرغب بشدة في تحقيق شيء مختلف عن المألوف، تحدثت مع والديّ اللذين شجعا رغبتي وسانداني بكلماتهما، لكن عندما شارفت المرحلة الثانوية على الانتهاء، فكرت في اختياري مرة أخرى، خصوصاً أن شقيقتي الكبرى قد أنهت دراستها في مجال طب الأسنان، وكنت أراها وهي تدرس وتجتهد لتحقيق النجاح، فتحدثت معها مراراً للتعرف أكثر على هذا المجال، والحمد لله استفدت منها كثيراً، وقمت بتقديم أوراقي لكلية الطب، بمباركة والديّ، وها أنا أستعد لخوض مشوار الدراسة الجامعية وكلي حماس لتجربة ما اخترته ليكون أولى محطات مهنتي
الاستسلام بالواقع !! تحدثت هند (23 عاماً)، الطالبة في السنة الثانية، كلية الشريعة، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، التي من المفترض أن تكون قد أنهت دراستها العام السابق، بقولها: ـ منذ بداية دخولي للمرحلة الثانوية واختياري للتخصص العلمي فيها، وأنا أحلم بأن التحق بكلية العلوم الطبية التطبيقية في جامعة الملك سعود. لكن والدي كان متردداً بعض الشيء محاولاً إقناعي بدراسة الشريعة التي يرى من وجهة نظره، أنها ستفيدني كمعلمة وأم ومربية أجيال، بعد ذلك حاولت أن أناقشه في هذه المسألة، مبينة أن هذا هو طموحي وأملي وبأنني أجد نفسي في هذا المجال، لكنه كان نقاشاً سلبياً، لأن والدي يعطي الأوامر وأنا عاجزة عن إقناعه، فتكونت داخلي مجموعة من المشاعر السلبية كاليأس والإحباط ولم يكن أمامي سوى الرضا بالأمر الواقع والاستسلام له. محمد الحسين، بدأ حديثه بنصيحة صغيرة ألا وهي: "اكتشف ميول طفلك أولاً، ثم اعمل على تنميتها حتى تُسهل عليه اختيار تخصصه الجامعي ومن ثم مهنته التي ستكون معه للأبد"، مكملاً قوله: ـ لم يتسن لي إكمال دراستي الجامعية بسبب ظروف عائلية مررت بها، لكن عندما سأرزق أطفالاً، سأطبق ما قلته لكم قبل قليل. ناصر الشمري، لديه أربعة أولاد، أيّد وبشدة أن يساندهم في اختيارهم، بل وسيشجعهم عليه، ويقول: ـ التحق أول أبنائي بالقطاع العسكري برغبة منه، ولم أرغمه على شيء، بل على العكس، قمت بتشجيعه والثناء على دقة اختياره، وسأترك البقية من أولادي يسيرون على نفس الطريق. وعبّر سامي الأحمد (23 عاماً)، طالب طب أسنان في إحدى الجامعات الأهلية، عن استيائه من تسلط الأهل على أبنائهم، بقوله: ـ هل يعقل أن يختار لي أي إنسان مهما بلغ من الذكاء والعلم والحب أيضاً ما سيحدد مصيري وعملي في المستقبل؟، لكن من الممكن أن أتقبل النصح والتوعية من أهلي أو المعلمين. ويذكر سامي كيف كانت تجربته مشوقة عندما كان يقضي صيفه في لندن لتعلم اللغة الإنجليزية، ويرى أصدقاءه البريطانيين كيف يعتمدون على أنفسهم لدرجة أنهم يسكنون بعيداً عن أسرهم، ويعلق قائلاً: ـ هم يعيشون مستقلين ونحن يختار لنا أهلنا دراستنا الجامعية!. أما ربة المنزل "أم وليد"، ورغم كِبر سنها كونها في العقد الخامس من العمر، فلم تتدخل يوماً في تحديد مسار أبنائها الأكاديمي، لكنها سعيدة باختياراتهم وتوجهاتهم الدراسية، مشيرة إلى أنه لم يتبق سوى ابنتها الصغرى "مها"، التي لم تتخرج في الجامعة بعد: ـ أما البقية من الأبناء فهم يشغلون مناصب جيدة وسعداء في حياتهم العملية بسبب عدم تدخلي في حياتهم، فقد ربيتهم بالاعتماد على النفس والثقة في الذات، وما أحصده الآن هو نجاحهم. وتحدثت "مها" (21 عاماً)، تخصص لغة إنجليزية، بفخر عن سلوك والدتها وبأنها ربتهم على الثقة بالاختيار الصحيح. اختيار حر وثقة! حصة الصالح، الطالبة في الصف الثالث ثانوي، وهي لم تتجاوز عامها السابع عشر بعد، لكنها ما زالت حائرة في ما ستختاره تخصصاً للدراسة الجامعية، وتقول: ـ أنا لم أقرر بعد، لكن أود أن أترك ذلك لبعد حين حتى أتأكد من درجاتي في نهاية العام. وبالنسبة لأهلي فلم يفرضوا عليّ شيئاً، بل على العكس نصحوني باختيار التخصص الذي يناسبني وأحبه. "أم ماجد" (والدة حصة) قالت: ـ ابنتي في آخر مراحلها الدراسية هذه السنة وبعدها ستتوجه للجامعة، لكنني لا أدري ماذا ستختار، وسنترك لها المجال أنا ووالدها حتى تقرر ماذا تود أن تدرس، وحتى ذلك الوقت سنقوم بنصحها لاختيار التوجه الملائم لها. .
تغيير غير مقبول ========= هند الغصن، اختصاصية علاج نفسي إكلينيكي، توضح لنا كيف أن تدخل الآباء في تحديد مصير أبنائهم الدراسي ممكن أن يغير حياتهم بشكل لا يمكن تخيله، حيث تقول: ـ يتدخل الأب في اختيار مجال دراسة ابنه لعدة أسباب، منها أن يكون للوالدين أو أحدهما طموح وحلم لم يتمكن من تحقيقه، فيسعى لذلك من خلال ابنه من دون النظر لمسألة الميول والمهارات الشخصية. وممكن أن يكون الأهل ممن لم يحصلوا على ثقافة واسعة فيفكرون أنه من اللازم أن يكون الابن متخصصاً في مجال معين كالطب أو الهندسة، وبسبب ذلك يكون احتمال فشل الطالب كبيراً جداً، لأن محور وأساس المواد التعليمية التي يدرسها، بعيد جداً عن رغبته. ومن جهة أخرى، يمكن أن يرفض الأب إكمال الابن لتعليمه بسبب رغبته بوجود ابنه معه في مجال عمله، كما نرى في مجال التجارة أو المهن اليدوية، مع أن ذلك يفضي غالباً إلى إحباط واكتئاب وقلق. ويفضل أن يعطى للابن المجال في تقرير مساره الأكاديمي منذ المرحلة المتوسطة، أي بداية من عمر الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة، لما في ذلك من أثر على تكوين شخصيته وجعله قادراً على اتخاذ القرار المناسب له، وهذا سيجعل قراراته لاحقاً سليمة ونابعة من ثقة تامة بأنه سيستطيع مجابهة أي صعوبة تواجهه في مراحل حياته. وبشكل عام ننصح الوالدين بتعليم الطفل مهارة اتخاذ القرار منذ عمر السنتين ونصف السنة (عمر الدخول لمرحلة الروضة والتفاعل الاجتماعي مع الآخرين)، وهذا يعتبر الأساس في تكوين شخصية الفرد التي تبدأ منذ الخامسة وحتى الثامنة عشرة. وأحب أن أضيف أن أفضل فكرة للنقاش هي عرض وجهات النظر وبعدها طرح أوجه الاختلاف ومناقشتها، وبذلك يكون النقاش أقل حدة، ويكون إقناع الطرف الآخر أسهل، لأن الخلاف سيؤدي حتماً إلى مشاكل أسرية تفضي بطبيعة الحال إلى مشاكل نفسية.