الفراغ النفسي والبحث عن المبادئ المستوردة
إننا حين نترك مبادئنا الأصيلة، وننحيها جانباً، نخلق بيدنا الفراغ الذي يتيح للمبادئ المستوردة أن تسده، ونشجع الذين يبحثون عن مبادئ، أو وسائل لتقييم حياتهم، وتقويتها وتدعيمها، على أن يستورد كل انسان منهم ما يحلو له، ويتفق مع ميوله ورغباته، في ايجاد المجتمع وتكوينه..
إن المنطقة من الأرض التي يتخلخل هواؤها، تندفع التيارات إليها من كل ما حولها، حتى لتراها تصطرع وتعصف بما فيها، وتذروه الرياح، وهذه هي الطبيعة، تتجلى في الهواء، كما تتجلى في الأفكار وفي العقائد.
لا تزال ثقافتنا شبه غريبة في بلادها، ومبادئنا وقوانيننا الأصيلة مبعدة عن وضعها، والثقافة والمبادئ والقوانين المستوردة من الشرق والغرب عندنا مكان الصدارة. وهذا شيء طبيعي، ما دامت المنطقة منطقة فراغ.
شيء طبيعي، أن تهجم علينا الأمم الأخرى بمبادئها وأفكارها، أو يقوم منا مَن يتلمسها ويستوردها، ويطنطن بها، ويبح صوته في الترويج لها، كبائعي السلع حين يقولون لك (داشغل بره مال الخواجه).
نعم، إن من مظاهر ضعف ثقتنا بأنفسنا، ما نراه من وسائل الترويج للسلع بأنها (وارد الخارج) وقد تكون من مصنوعاتنا وإنتاجنا، ولكنهم لجأوا لذلك تبعاً لحاسة الناس، وعدم إيمانهم بأنفسهم، وربما كانت صناعتنا أمتن، بل ربما كانت السلعة من صناعتنا، ولكن ضعف الثقة، وتزعزع الإيمان بالنفس، يهدر كرامة الأمة، وكل ما يصدر عنها!
والأمر في المبادئ والقوانين، مثله تماماً في المصنوعات، فنحن مزعزعو الثقة في مبادئنا وتشريعاتنا الأصيلة مهما كانت قوية ونافعة وناجعة في آثارها.
الفراغ النفسي يمهد لكل دخيل أن يسيطر علينا ولو كان تافهاً، أو يمهد لأنفسنا التطلع لكل ما هو دخيل مستورد مجلوب، لنجثو أمامه، ونتيح له (ن يركبنا)، ويتحكم في توجيهنا، ومصائر حياتنا.
ونحن في هذا الفراغ النفسي، لا يمكن أن نسد فراغاً سياسياً أو اقتصادياً، لأنك إذا أقمت نفوذاً سياسياً أو اقتصادياً، على فراغ نفسي، كنت كمن يبني قصوراً في الهواء، أو كمن يبني على رمال، فلا يلبث الجميع أن ينهار.
فمقاومة النفوذ الفكري والثقافي والقانوني الأجنبي الذي لا يصلح لنا، ولا يتفق مع أوضاعنا، مع الاعتزاز بأفكارنا وثقافتنا، ومبادئنا وتشريعاتنا، أمر ضروري وأساسي، نقيم عليه كل بناء آخر.
وبدون هذا لا يسلم البناء، ولا يثمر المجهود.
لقد كان تهاوننا في الأخذ بنظم الاسلام الاجتماعية، وتخاذل الكثيرين عن نصرة الاسلام في أنفسهم وفيما حولهم، كان ذلك سبباً في ايجاد (الفراغ) الذي جعل كل مفكر ساخط، وكل مظلوم حانق، وكل متبرم بالمجتمع، يبتعد في تفكيره، وفي التماس علاج دائه ورفع الظلم عنه، وطلب إنصافه، عن غير طريق الاسلام، وطلبه للمجتمع. وقيادته للنفوس، فصار كل ما وقع ويقع في البلاد الاسلامية، من ظواهر الانحلال الغربي والفساد الشيوعي، نتيجة حتمية لهذا الابتعاد عن الاسلام، وهذا الإهمال والجحود الذي أصابه منا.
ولكن إذا كان الإهمال قد حدث في الماضي، وترتب عليه ما ترتب، مما أفزعنا وأقض مضاجعنا، فمن واجبنا الآن أن ننزل الميدان، ونهب لفتح صيدلية الاسلام وترتيبها، وتقديم دوائها المجرب للمجتمع المريض، حتى نسد الفراغ الحاصل في النفوس، ونداوي المرض العالق بها، ونرد لها إيمانها بدينها ونفسها وشخصيتها، ونوجه الناس إلى الأخذ بها، والجهاد في سبيلها، إن لم يكن عن اقتناع بأنها جزء من دينهم يتعصبون له، فلأنها نظمهم القومية، التي تغلغلت في نفوسهم، وقامت عليها مجتمعاتهم مئات السنين، فأصبحت لهذا مبادئ ونظماً قومية، يجب أن نتعصب لها، ونرفض كل استيراد من الخارج بدلها، سواء كنا مسلمين أم غير مسلمين.
فهي ـ إن لم تكن ديناً يجب أن نلتزمه فهي قوانين وأفكار شرقية عربية نزلت على رسول أو إنسان شرقي عربي، في أمة شرقية عربية أو طبقت في بلاد عربية شرقية فأصبحت لذلك كله حتى لدى غير المتدينين وغير المسلمين ـ بضاعة وطنية قومية يجب أن نتحمس لها كما نتحمس لكل وطني وقومي. ونرفع شعار أو مبدأ الوطنية أو القومية. فهي عند المتدينين بضاعة دينهم ووطنهم وقومهم وتراث أمتهم، وعند غير المتدينين وعند المسيحيين بضاعة وطنهم وقومهم وتراث أمتهم..
إننا حين نترك مبادئنا الأصيلة، وننحيها جانباً، نخلق بيدنا الفراغ الذي يتيح للمبادئ المستوردة أن تسده، ونشجع الذين يبحثون عن مبادئ، أو وسائل لتقييم حياتهم، وتقويتها وتدعيمها، على أن يستورد كل انسان منهم ما يحلو له، ويتفق مع ميوله ورغباته، في ايجاد المجتمع وتكوينه..
إن المنطقة من الأرض التي يتخلخل هواؤها، تندفع التيارات إليها من كل ما حولها، حتى لتراها تصطرع وتعصف بما فيها، وتذروه الرياح، وهذه هي الطبيعة، تتجلى في الهواء، كما تتجلى في الأفكار وفي العقائد.
لا تزال ثقافتنا شبه غريبة في بلادها، ومبادئنا وقوانيننا الأصيلة مبعدة عن وضعها، والثقافة والمبادئ والقوانين المستوردة من الشرق والغرب عندنا مكان الصدارة. وهذا شيء طبيعي، ما دامت المنطقة منطقة فراغ.
شيء طبيعي، أن تهجم علينا الأمم الأخرى بمبادئها وأفكارها، أو يقوم منا مَن يتلمسها ويستوردها، ويطنطن بها، ويبح صوته في الترويج لها، كبائعي السلع حين يقولون لك (داشغل بره مال الخواجه).
نعم، إن من مظاهر ضعف ثقتنا بأنفسنا، ما نراه من وسائل الترويج للسلع بأنها (وارد الخارج) وقد تكون من مصنوعاتنا وإنتاجنا، ولكنهم لجأوا لذلك تبعاً لحاسة الناس، وعدم إيمانهم بأنفسهم، وربما كانت صناعتنا أمتن، بل ربما كانت السلعة من صناعتنا، ولكن ضعف الثقة، وتزعزع الإيمان بالنفس، يهدر كرامة الأمة، وكل ما يصدر عنها!
والأمر في المبادئ والقوانين، مثله تماماً في المصنوعات، فنحن مزعزعو الثقة في مبادئنا وتشريعاتنا الأصيلة مهما كانت قوية ونافعة وناجعة في آثارها.
الفراغ النفسي يمهد لكل دخيل أن يسيطر علينا ولو كان تافهاً، أو يمهد لأنفسنا التطلع لكل ما هو دخيل مستورد مجلوب، لنجثو أمامه، ونتيح له (ن يركبنا)، ويتحكم في توجيهنا، ومصائر حياتنا.
ونحن في هذا الفراغ النفسي، لا يمكن أن نسد فراغاً سياسياً أو اقتصادياً، لأنك إذا أقمت نفوذاً سياسياً أو اقتصادياً، على فراغ نفسي، كنت كمن يبني قصوراً في الهواء، أو كمن يبني على رمال، فلا يلبث الجميع أن ينهار.
فمقاومة النفوذ الفكري والثقافي والقانوني الأجنبي الذي لا يصلح لنا، ولا يتفق مع أوضاعنا، مع الاعتزاز بأفكارنا وثقافتنا، ومبادئنا وتشريعاتنا، أمر ضروري وأساسي، نقيم عليه كل بناء آخر.
وبدون هذا لا يسلم البناء، ولا يثمر المجهود.
لقد كان تهاوننا في الأخذ بنظم الاسلام الاجتماعية، وتخاذل الكثيرين عن نصرة الاسلام في أنفسهم وفيما حولهم، كان ذلك سبباً في ايجاد (الفراغ) الذي جعل كل مفكر ساخط، وكل مظلوم حانق، وكل متبرم بالمجتمع، يبتعد في تفكيره، وفي التماس علاج دائه ورفع الظلم عنه، وطلب إنصافه، عن غير طريق الاسلام، وطلبه للمجتمع. وقيادته للنفوس، فصار كل ما وقع ويقع في البلاد الاسلامية، من ظواهر الانحلال الغربي والفساد الشيوعي، نتيجة حتمية لهذا الابتعاد عن الاسلام، وهذا الإهمال والجحود الذي أصابه منا.
ولكن إذا كان الإهمال قد حدث في الماضي، وترتب عليه ما ترتب، مما أفزعنا وأقض مضاجعنا، فمن واجبنا الآن أن ننزل الميدان، ونهب لفتح صيدلية الاسلام وترتيبها، وتقديم دوائها المجرب للمجتمع المريض، حتى نسد الفراغ الحاصل في النفوس، ونداوي المرض العالق بها، ونرد لها إيمانها بدينها ونفسها وشخصيتها، ونوجه الناس إلى الأخذ بها، والجهاد في سبيلها، إن لم يكن عن اقتناع بأنها جزء من دينهم يتعصبون له، فلأنها نظمهم القومية، التي تغلغلت في نفوسهم، وقامت عليها مجتمعاتهم مئات السنين، فأصبحت لهذا مبادئ ونظماً قومية، يجب أن نتعصب لها، ونرفض كل استيراد من الخارج بدلها، سواء كنا مسلمين أم غير مسلمين.
فهي ـ إن لم تكن ديناً يجب أن نلتزمه فهي قوانين وأفكار شرقية عربية نزلت على رسول أو إنسان شرقي عربي، في أمة شرقية عربية أو طبقت في بلاد عربية شرقية فأصبحت لذلك كله حتى لدى غير المتدينين وغير المسلمين ـ بضاعة وطنية قومية يجب أن نتحمس لها كما نتحمس لكل وطني وقومي. ونرفع شعار أو مبدأ الوطنية أو القومية. فهي عند المتدينين بضاعة دينهم ووطنهم وقومهم وتراث أمتهم، وعند غير المتدينين وعند المسيحيين بضاعة وطنهم وقومهم وتراث أمتهم..