بـعد سـقوط بـغداد زحف التتـار بقيـادة هولاكو تجـاه سوريـا و احـتــلوا حــلب، وقـتــلوا خـمسـين ألفًا مـن سـكـانهـا، ثم احتـلوا حـمــاة ودمـشق وعـقدوا معـاهدة مع أنطـاكيـة عـلى حدود الروم للتـحــالف ضـد المـســلمـين، ولم يـكتـفِ هـولاكـو بـذلك، بـل أرســل إلى مـلك مصر يطـلب منه التسـليم، ويهدده بـالقضـاء عـلى جـيوش المـســلمـين كـلهـا إن لم يُسرع بذلك، فقد رأى هولاكو أثر تـهديـداتـه بـهذه الصـورة عــلى مقر الخـلافـة فـى بغداد، وظن أن
يـجد الصـدى نـفسـه لدى حـكــام مـصر، ويـدخــل مـصر بسهولة و دون مـقــاومــة مـثــلمــا دخــل بـغداد، إلا أن سـيف الدين قطز أجـبره عــلى أن يـفيـق مـن أحــلامـه بصـاعقـة لم تكن متوقعـة، فقد مـزق رسـالته وقتـل رسـله وعـلق رءوسهم عـلى مداخـل القـاهرة، و تـوعـده بـالموت والهـلاك إن لم يرحـل عن هذه البـلاد التـي قتـل من مـســلمـيهــا مــا لايُحصَى عدده، وجعـل الدمـاء أنهـارًا فـى بغداد والشـــام. خـرج المـظفـر قـطز فـــى أواخـر شـهر شـعبــان سـنــة 658 هــ لمــلاقــاة التـتــار الذيـن وصــلت طــلائعهم إلى غزة بقيـادة كـتبـغــا، ودارت رحــى المعركـة بين الطرفين فـى عين جـالوت بـفـلسطين فـى رمضـان من سنـة 658هـ، وأظهر فرسـان الممـاليك، والجـند المـصريـون شـجـاعـة بـالغـة بقيـادة السـلطـان المظفر قطز وبـجواره بـيبـرس أعـظم فـرســـان المـمـــاليـك البـحريـــة. وتـجدر الإشــارة إلى الارتـبــاك الشـديـد الذى حـدث بـين صـفوف المـســلمين فـى بدايـة المعركـة،فـلمـا رأى قطز ذلك عمـل عـلى رفع معنويـات جـنده وشـد عـزيـمتـهم، وألقـى خوذته عن رأسه إلى الأرض، وصـاح بـأعـلى صوته : واإسـلامـاه.. واإسـلامـاه؛ فـاستجاب له الجند، ودوت الصيحة فى ميدان المعركة، ورفع المسلمون أصواتهم بالتكبير.. الله أكــبـر.. الله أكــبـر، وعـمدوا إلى قـتـــال عـدوهـم، وجـــاهـدوا بــإخــلاص وثـقـة فـى سبيـل الله للحفـاظ عـلى الدين والأرض والمـال والولد، فـكتـب الله لهـم النـصر المـؤزر عـلى جحـافـل التتـار، وقضوا عليهم قضاء مبرمًا