يحاول الكاتب مروان بركات في كتابه «عفرين عبر العصور» تبيان الحقائق التاريخية عن المنطقة ككل من خلال بحثه الغني والمهم عن «جبل الأكراد»، والذي يوحي بأنه قام بمراجعة المصادر التاريخية والتوثيقية العديدة حتى أنجز هذا الكتاب القيّم.
بيد أن هذه المدينة (عفرين) هي من أكثر المدن التي واجهت الغزاة والإمبراطوريات في هذه المنطقة، ولعل القلاع والآثار الموجودة في المنطقة تدل على أن هذه المنطقة واجهت المتاعب والدمار. ومن زاوية أخرى تعتبر هذه المدينة ذاكرة حضارية. مرت عليها ثقافات وشعوب عديدة، وربما طبيعة المنطقة الجغرافية والاستراتيجية خلت ان تكون (هذه المدينة) في هذا الموقع من التاريخ والحضارة. ويبدأ بركات في صفحات الأولى من كتابه بالحديث عن عفرين من حيث الموقع والتاريخ. وتقع عفرين (منطقة جبل الأكراد) في أقصى الشمال الغربي من سورية.تبدأ سلسلته من الشمال إلى الجنوب. ويبلغ طوله 60كم، ومتوسط عرضه 30كم.
وتنحدر سفوحه بصورة عمودية نحو حفرة الانهدام في الغرب وتدريجيا نحو الشرق، ويتخللها بعض الأودية الضيقة والوعرة منها وادي ممر راجو (منطقة غنية بالحديد) ووادي النشاب، ووادي ميدانليات وغيرها العديد من الأودية. وتوجد أعلى قمة فيه في الشمال وهي قمة جبل بلبل ارتفاعها 1200م وأعلى قمة في الجنوب قمة جبل شيخ بركات ارتفاعه 870م عن سطح البحر..
ويتحدث مروان بركات عن جبل الأكراد عبر العصور التاريخية بدأ من الفترة الحثية وانتهاءً بالفترة العثمانية مرورا بالفترة الحورية والميتانية والميدية والإغريقية السلوقية والرومانية والإسلامية والسلجوقية والأيوبية والمغول والمملوكية.
ويذكر بان اغلب قرى منطقة جبل الأكراد التي هجرت سكانها نتيجة الظلم وهمجية السلاجقة الأتراك الذين خلفوا في المنطقة الخراب والدمار أهلت من جديد من قبل سكانها الفعليين في الفترة الأيوبية. وينوه الكاتب بصفحات عن ان السكان هذه المنطقة واجهوا بقوة الغزاة والمحتلين بدأ من معركة حريتان 1918 (قرب حلب) أثناء انسحاب الجيش العثماني إلى محطة قرية قطمة ومنها إلى ميدان اكبس.
وفي فترة الانتداب الفرنسي يستحضر المؤلف في الذاكرة بان في جبل الأكراد (عفرين) أطلقت الرصاصة الأولى في وجه المستعمرين الفرنسيين، وفيها تشكلت نواة الأولى لثورة الشمال وجبل الزاوية في وجه الفرنسيين ، يذكر ان محو ايبو شاشو هو من أطلق أول رصاصة في وجه الفرنسيين في العشرينيات من القرن
المنصرم .أما المعارك التي خاضتها عفرين مع الفرنسيين وهي: معركة وادي النشاب، محو ايبو شاشو والفرنسيين،معركة قرية حمام غربي جنديرس، معركة وادي أشلة الذي كان يقودها سيدو اغا ديكو، ومعركة جبل بارسه خاتون.
ويذكر المؤلف شكل التعاون بين عفرين وإبراهيم هنانو وكذلك مع الثوار في حلب وجبل الزاوية، وكيف ان الطائرات الفرنسية قصفت مدينة عفرين؟ ويذكر المؤلف بان الأكراد في نضالهم ضد الفرنسيين لم يطرحوا أو يطالبوا بأي مطلب خاص بهم بل بدا من موقفهم وكأنهم لا يبغون سوى طرد الفرنسيين المحتلين من البلاد والعيش بوئام مع الشعب السوري في ظل حكم وطني.
وعندما جلا آخر جندي فرنسي من سورية(15 ـ نيسان 1946) وفي عام 1947، مثلا السيدان خليل سيدو ميمو وعارف الغباري عن منطقة جبل الأكراد في مجلس النواب السوري الذي انعقد في 15 ـ 9 ـ 1947. وحين تشكلت الجمعية التأسيسية السورية عام 1949 مثلا عن عفرين فيتلك الجمعية فائق منان إسماعيل زادة ومصطفى احمد بطل.
ليحدثنا عن بعض المواقع الأثرية في مدينة عفرين، ويبدأ بمدينة قورش (النبي هوري) حيث تقع هذه المدينة قرب ملتقى نهر عفرين بنهر صابون سي على منحدر تلة قائمة على الضفة اليمنى لنهر صابون سي، وتبعد عن مدينة حلب 70 كم إلى الشمال الغربي منها ومن مدينة عفرين 23 كم إلى الشمال الشرقي منها.
أما الموقع الفلكي ل«قورش» ـ النبي هوري ـ الذي حدد من قبل أرسطاطالس اليوناني الذي قدم مع الاسكندر إلى (بيروا) حلب حاليا ـ حدد كالآتي: طولها أربع وستون درجة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة، بيت حياتها أربع درج من العقرب ومن العواء عشرون دقيقة تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان، طالعها الصرّفة بيت ملكها الجبهة يقابلها اثنتا عشرة.
أما لماذا سميت ب«هوري»؟ يقول بركات بأنه بعض المصادر التاريخية تؤكد أن مدينة النبي هوري كانت مزدهرة في الفترة الحورية خلال القرن الثاني قبل الميلاد وكانت تسمى (خورو، هوريا، هوري)، ويقول بركات: ولا ندري ان كان هذا الاسم أطلق على المدينة نسبة إلى أحد الآلهة أم احد ملوك تلك الفترة التاريخية أم انها سميت بهذه التسمية في فترة لاحقة نسبة إلى الهوريين الذين حكموا هذه المنطقة لفترة من الزمن.
وسرعان ما ينتقل بركات ليحدثنا عن دير سمعان(قلعة سمعان) ويأخذ هنا كتاب (القديس سمعان العمودي) لمؤلفه »اسبيبرو جبور« مرجعا لبحثه. تقع قلعة سمعان شمال غربي مدينة حلب على بعد 40كم، وجنوب مدينة عفرين على بعد 20كم، وتقع على القسم الجنوبي الشرقي من جبل الأكراد على قمة من قمم جبل ليلون المحاذي للضفة اليسرى لوادي نهر عفرين.
يقول اسبيبرو في أصل سمعان ودعوته: »انه من قرية تدعى (صيص) اسم المنطقة الحالية هي (اصلاحية) في شمال الغربي من قورش ـ النبي هوري حاليا ـ على مسافة 25كم من ميدان اكبس. وكانت قورش حينها مركز أسقفية ثيوذوريتزوس التي كانت تشمل(800) رعية.
أما حول ولادة سمعان كان بين عامي (380 ـ 390 م) تعلم من والديه أن يرعى القطعان لكي يتوافق مع الرجال العظام أمثال (داود الملك النبي، ويعقوب ويوسف العفيف وموسى المشترع والرجال الملهمين الذين اقتدوا بهم»، وحين توفى القديس سمعان العمودي عام 459م بعد أن عاش على العمود مدة 42 عاما، لم يكن في موقع قلعة سمعان أي بناء باستثناء السياج الذي كان يحيط بالعمود.
وحين استلم (زينون) الإمبراطورية الرومانية في عام /474/م أراد أن يبني كنيسة لا مثيل لها في كل الإمبراطورية على شرف القديس سمعان العمودي، فكانت بداية العمل بكنيسة دير سمعان في عام 476م. وتم انتهاء من الكنيسة حوالي عام/490/م.
يذكر انه حتى القرن السادس عشر الميلادي كانت دير سمعان مركز حج المسيحيين، وكانت تقارن بأماكن الحج المسيحية في فلسطين. ويقال إن النبي إبراهيم عليه السلام عندما هاجر إلى الشام كان يرى غنمه في ارض حلب ولما حوله من الجبال ومنها جبل ليلون الذي كان في حينها أحسن الأماكن وأكثرها خصوبة للرعي وألطفها مناخاً.
بيد أن هذه المدينة (عفرين) هي من أكثر المدن التي واجهت الغزاة والإمبراطوريات في هذه المنطقة، ولعل القلاع والآثار الموجودة في المنطقة تدل على أن هذه المنطقة واجهت المتاعب والدمار. ومن زاوية أخرى تعتبر هذه المدينة ذاكرة حضارية. مرت عليها ثقافات وشعوب عديدة، وربما طبيعة المنطقة الجغرافية والاستراتيجية خلت ان تكون (هذه المدينة) في هذا الموقع من التاريخ والحضارة. ويبدأ بركات في صفحات الأولى من كتابه بالحديث عن عفرين من حيث الموقع والتاريخ. وتقع عفرين (منطقة جبل الأكراد) في أقصى الشمال الغربي من سورية.تبدأ سلسلته من الشمال إلى الجنوب. ويبلغ طوله 60كم، ومتوسط عرضه 30كم.
وتنحدر سفوحه بصورة عمودية نحو حفرة الانهدام في الغرب وتدريجيا نحو الشرق، ويتخللها بعض الأودية الضيقة والوعرة منها وادي ممر راجو (منطقة غنية بالحديد) ووادي النشاب، ووادي ميدانليات وغيرها العديد من الأودية. وتوجد أعلى قمة فيه في الشمال وهي قمة جبل بلبل ارتفاعها 1200م وأعلى قمة في الجنوب قمة جبل شيخ بركات ارتفاعه 870م عن سطح البحر..
ويتحدث مروان بركات عن جبل الأكراد عبر العصور التاريخية بدأ من الفترة الحثية وانتهاءً بالفترة العثمانية مرورا بالفترة الحورية والميتانية والميدية والإغريقية السلوقية والرومانية والإسلامية والسلجوقية والأيوبية والمغول والمملوكية.
ويذكر بان اغلب قرى منطقة جبل الأكراد التي هجرت سكانها نتيجة الظلم وهمجية السلاجقة الأتراك الذين خلفوا في المنطقة الخراب والدمار أهلت من جديد من قبل سكانها الفعليين في الفترة الأيوبية. وينوه الكاتب بصفحات عن ان السكان هذه المنطقة واجهوا بقوة الغزاة والمحتلين بدأ من معركة حريتان 1918 (قرب حلب) أثناء انسحاب الجيش العثماني إلى محطة قرية قطمة ومنها إلى ميدان اكبس.
وفي فترة الانتداب الفرنسي يستحضر المؤلف في الذاكرة بان في جبل الأكراد (عفرين) أطلقت الرصاصة الأولى في وجه المستعمرين الفرنسيين، وفيها تشكلت نواة الأولى لثورة الشمال وجبل الزاوية في وجه الفرنسيين ، يذكر ان محو ايبو شاشو هو من أطلق أول رصاصة في وجه الفرنسيين في العشرينيات من القرن
المنصرم .أما المعارك التي خاضتها عفرين مع الفرنسيين وهي: معركة وادي النشاب، محو ايبو شاشو والفرنسيين،معركة قرية حمام غربي جنديرس، معركة وادي أشلة الذي كان يقودها سيدو اغا ديكو، ومعركة جبل بارسه خاتون.
ويذكر المؤلف شكل التعاون بين عفرين وإبراهيم هنانو وكذلك مع الثوار في حلب وجبل الزاوية، وكيف ان الطائرات الفرنسية قصفت مدينة عفرين؟ ويذكر المؤلف بان الأكراد في نضالهم ضد الفرنسيين لم يطرحوا أو يطالبوا بأي مطلب خاص بهم بل بدا من موقفهم وكأنهم لا يبغون سوى طرد الفرنسيين المحتلين من البلاد والعيش بوئام مع الشعب السوري في ظل حكم وطني.
وعندما جلا آخر جندي فرنسي من سورية(15 ـ نيسان 1946) وفي عام 1947، مثلا السيدان خليل سيدو ميمو وعارف الغباري عن منطقة جبل الأكراد في مجلس النواب السوري الذي انعقد في 15 ـ 9 ـ 1947. وحين تشكلت الجمعية التأسيسية السورية عام 1949 مثلا عن عفرين فيتلك الجمعية فائق منان إسماعيل زادة ومصطفى احمد بطل.
ليحدثنا عن بعض المواقع الأثرية في مدينة عفرين، ويبدأ بمدينة قورش (النبي هوري) حيث تقع هذه المدينة قرب ملتقى نهر عفرين بنهر صابون سي على منحدر تلة قائمة على الضفة اليمنى لنهر صابون سي، وتبعد عن مدينة حلب 70 كم إلى الشمال الغربي منها ومن مدينة عفرين 23 كم إلى الشمال الشرقي منها.
أما الموقع الفلكي ل«قورش» ـ النبي هوري ـ الذي حدد من قبل أرسطاطالس اليوناني الذي قدم مع الاسكندر إلى (بيروا) حلب حاليا ـ حدد كالآتي: طولها أربع وستون درجة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة، بيت حياتها أربع درج من العقرب ومن العواء عشرون دقيقة تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان، طالعها الصرّفة بيت ملكها الجبهة يقابلها اثنتا عشرة.
أما لماذا سميت ب«هوري»؟ يقول بركات بأنه بعض المصادر التاريخية تؤكد أن مدينة النبي هوري كانت مزدهرة في الفترة الحورية خلال القرن الثاني قبل الميلاد وكانت تسمى (خورو، هوريا، هوري)، ويقول بركات: ولا ندري ان كان هذا الاسم أطلق على المدينة نسبة إلى أحد الآلهة أم احد ملوك تلك الفترة التاريخية أم انها سميت بهذه التسمية في فترة لاحقة نسبة إلى الهوريين الذين حكموا هذه المنطقة لفترة من الزمن.
وسرعان ما ينتقل بركات ليحدثنا عن دير سمعان(قلعة سمعان) ويأخذ هنا كتاب (القديس سمعان العمودي) لمؤلفه »اسبيبرو جبور« مرجعا لبحثه. تقع قلعة سمعان شمال غربي مدينة حلب على بعد 40كم، وجنوب مدينة عفرين على بعد 20كم، وتقع على القسم الجنوبي الشرقي من جبل الأكراد على قمة من قمم جبل ليلون المحاذي للضفة اليسرى لوادي نهر عفرين.
يقول اسبيبرو في أصل سمعان ودعوته: »انه من قرية تدعى (صيص) اسم المنطقة الحالية هي (اصلاحية) في شمال الغربي من قورش ـ النبي هوري حاليا ـ على مسافة 25كم من ميدان اكبس. وكانت قورش حينها مركز أسقفية ثيوذوريتزوس التي كانت تشمل(800) رعية.
أما حول ولادة سمعان كان بين عامي (380 ـ 390 م) تعلم من والديه أن يرعى القطعان لكي يتوافق مع الرجال العظام أمثال (داود الملك النبي، ويعقوب ويوسف العفيف وموسى المشترع والرجال الملهمين الذين اقتدوا بهم»، وحين توفى القديس سمعان العمودي عام 459م بعد أن عاش على العمود مدة 42 عاما، لم يكن في موقع قلعة سمعان أي بناء باستثناء السياج الذي كان يحيط بالعمود.
وحين استلم (زينون) الإمبراطورية الرومانية في عام /474/م أراد أن يبني كنيسة لا مثيل لها في كل الإمبراطورية على شرف القديس سمعان العمودي، فكانت بداية العمل بكنيسة دير سمعان في عام 476م. وتم انتهاء من الكنيسة حوالي عام/490/م.
يذكر انه حتى القرن السادس عشر الميلادي كانت دير سمعان مركز حج المسيحيين، وكانت تقارن بأماكن الحج المسيحية في فلسطين. ويقال إن النبي إبراهيم عليه السلام عندما هاجر إلى الشام كان يرى غنمه في ارض حلب ولما حوله من الجبال ومنها جبل ليلون الذي كان في حينها أحسن الأماكن وأكثرها خصوبة للرعي وألطفها مناخاً.