رغم كثرة ما ورد في الشعر العربي من تغزّل وتحبّب وتودّد وتغنٍّ بالمرأة ، إلاّ أنّ صورة المرأة في الأمثال العربية ، والتي تعكس بواقعية الخلفية التي يتعامل بها المجتمع ، ظلّت صورة ناقصة مشوّهة، تعتبرها كياناً خلق من ضلع أعوج، يجلب للانسان العار والشنار ، وهو مصدر للشؤم ومجمع للشرّ ، ولا يرتاح بال الإنسان إلاّ عند موتها فـ «همّ البنات للممات» ، و «موت البنت ستر» ، و «دفن البنات من المكرمات» .
وهذا العبوس تواجهه المرأة منذ ولادتها ، فهي تُستقبل بوجوه مكفهرّة ، لأنّ الحظ لم يحالف والدها المسكين ، والاُمّ ـ المرأة ـ شريكة في الجرم ، والشؤم في الأساس منها ، فهم ينسون الخالق هنا ، ولا يتذكّرون أ نّه هو الذي (خَلقَ الذَّكَر وَالأُنْثى ) .
وأهل البنت يستحقّون العزاء ، لذا يواجههم الناس بقولهم : «آمنكم الله عارها وكفاكم مؤونتها وصاهرتم قبرها» .
وهي على أيّ حال كيان ناقص من أصلها وخلقتها في : «شعر طويل وعقل قصير» ، وفي أحسن الأحوال «المرأة بنصف عقل» .
ولمّا كانت كذلك ، فلا تستحق أن يُرى لها رأي أو تشاور في أمر ذي بال ، فإن «طاعة النساء ندامة» ، ويعتبر استبداد الرجل برأيه واستغناؤه عن مشورة زوجته معياراً ومقياساً لشهامة المرء ورجولته فـ «الراجل ابن الراجل اللي عُمرو ما يشاور مراته» .
وهي كذلك مصدر الشقاء للانسان في حياته ، وحالها كحال بعض الحيوانات ، التي اعتبرها المثل مصدراً للعناء فـ «اللي بغا العذاب يرافق النسا والكلاب» ، وهي وراء أيّ فتنة ، فإذا ما حدثت مشكلة أوّل ما يلقى اللوم ويصبّ التقريع على المرأة فيها : لأن «كل بلية سببها ولية» .
وهي عندهم موضوع جنسي لا غير ، يختص بالليل ، لمتعة الرجل وسلوته ، أوّلاً ، ثمّ لانجاب الولد ثانياً ، وأوّلاً وأخيراً لخدمته ، فهي قد خلقت له ، وليس لها دور في الحياة إلاّ اسعاد الرجل وتهيئة وسائل اللّذة والراحة له ، «ولو اُمرت أن تسجد لأحد غير الله لاُمرت بالسجود له»() .
وقد لخّص عبدالملك بن مروان رأي المجتمع العربي في المرأة والأدوار المختصّة بها ، إذ قال : «من أراد أن يتّخذ جارية للمتعة فليتّخذها بربرية ، ومن أرادها للولد فليتّخذها فارسية ، ومن أرادها للخدمة فليتّخذها رومية» .
ولذا فلا معنى لأدوارها الحياتية الاُخرى التي تريد أن تزاحم فيها الرجال فيما خلقوا له واختصوا به ، فـ «ما للنساء والخطابة والكتابة ، هذا لنا ولهنّ منّا أن يبتن على جنابة»() .
نتائج البحـث :
لا بدّ من الإشارة أوّلاً إلى أ نّنا نجد في التراث العالمي : الكثير من الأمثال التي تثني على المرأة وتعظّم دورها الانساني والاجتماعي في الحياة ، وتصف طبيعتها الشفافة وعاطفتها الجياشة ، وترجع توفيق الرجل ونجاحه في حركته في الحياة إليها ، حتّى قالوا : «وراء كل عظيم امرأة» .
وأ نّها : «منبع السعادة والأنس والسرور» نيتشه .
وأ نّها : «كوكب يستنير به الرجل ، ومن غيرها يبيت الرجل في الظلام» شكسبير .
وأ نّها : «تاج الخليقة» هيردر .
وأ نّها : «شِعْر الخالق» نابليون .
وأ نّها : «حلقة الوصل بين الملائكة والرجال» جون جراسي .
وأ نّها : «أحلى هدية خصّ الله بها الرجل» جويار .
وأ نّها : «مثال الرقة والكمال» فولتير .
وأ نّها : «أنشودة مطربة من السّماء» أناتول فرانس .
إلاّ أنّ ذلك كلّه وغيره لم يمنع من أن تكون الأفكار السـلبية والسوداوية هي الشائعة في خلفيات الشعور واللاّ شعور عند الناس عن المرأة ، في مختلف الثقافات وعند سائر الشعوب .
وربّما تكون تلك مسألة استقرائية منطقية أنّ الدليل السلبي يغلب على آلاف الأدلّة المثبتة (الإيجابيـة) ، وهذا ما نجده في الحياة العادية ، فلو حدّثك الناس عن مئات الفضائل لشخص وحدّثوك عن سيِّئة واحدة فيه ، فإنّ تلك الأخيرة هي التي ـ عادة ـ تعلق بذهنك وتشغل بالك ... وربّما هي التي تحدِّد موقفك من ذلك الشخص .
وكثيراً ما تدخل هذه الأمثال إلى أعماق الوجدان الشعبي ، وتأخذ موقعها في النفوس ، منذ صغر الانسان ، ولذا قد تجد اُناساً رفيعي الثقافة وعلى مستويات عالية من التعلّم ، إلاّ أ نّهم في حياتهم العملية ومواقفهم المباشرة مع المرأة ـ وغيرها ـ تتحكّم فيهم هذه الخلفيات الثقافية من تراث وأمثال وأنماط تعامل اجتماعية ، ما لم يعيشوا التغيير الشامل وينقلبوا على ما ورثوه بصورة كاملة ، ليختاروا لأنفسهم منه ومن غيره الفكر الصحيح والحكمة البالغة وأساليب التعامل الناجحة في الحياة .
فما وصلنا ليس مقدّساً كلّه ولا صحيحاً كلّه حتّى لو تناقله الأجـداد والآباء ، والذين لم يكونوا عادة مختارين في حمله ولا واعين في نقله ، لظروفهم الثقافية المغلقة التي عاشوها ، ولذا فهو كلّه على محطّ الاختبار ليوضع على طاولة التمحيص العلمي
والتجربة العملية لنكونَ مِنَ (الّذين يَستمِعُونَ القولَ فَيَتّبعُونَ أحسَنَه ) ( الزّمر/ 18 )، لا مِنَ الذين قالوا : (إِنّا وجَدْنا آباءَنا على أُمّة وَإِنّا على آثارِهِم مُقْتَدون ) ( الزخرف / 23 ) ، (أوَلَو كانَ آباؤهُم لاَ يَعْلَمونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُون ) ( المائدة / 104 ) .
وهذا العبوس تواجهه المرأة منذ ولادتها ، فهي تُستقبل بوجوه مكفهرّة ، لأنّ الحظ لم يحالف والدها المسكين ، والاُمّ ـ المرأة ـ شريكة في الجرم ، والشؤم في الأساس منها ، فهم ينسون الخالق هنا ، ولا يتذكّرون أ نّه هو الذي (خَلقَ الذَّكَر وَالأُنْثى ) .
وأهل البنت يستحقّون العزاء ، لذا يواجههم الناس بقولهم : «آمنكم الله عارها وكفاكم مؤونتها وصاهرتم قبرها» .
وهي على أيّ حال كيان ناقص من أصلها وخلقتها في : «شعر طويل وعقل قصير» ، وفي أحسن الأحوال «المرأة بنصف عقل» .
ولمّا كانت كذلك ، فلا تستحق أن يُرى لها رأي أو تشاور في أمر ذي بال ، فإن «طاعة النساء ندامة» ، ويعتبر استبداد الرجل برأيه واستغناؤه عن مشورة زوجته معياراً ومقياساً لشهامة المرء ورجولته فـ «الراجل ابن الراجل اللي عُمرو ما يشاور مراته» .
وهي كذلك مصدر الشقاء للانسان في حياته ، وحالها كحال بعض الحيوانات ، التي اعتبرها المثل مصدراً للعناء فـ «اللي بغا العذاب يرافق النسا والكلاب» ، وهي وراء أيّ فتنة ، فإذا ما حدثت مشكلة أوّل ما يلقى اللوم ويصبّ التقريع على المرأة فيها : لأن «كل بلية سببها ولية» .
وهي عندهم موضوع جنسي لا غير ، يختص بالليل ، لمتعة الرجل وسلوته ، أوّلاً ، ثمّ لانجاب الولد ثانياً ، وأوّلاً وأخيراً لخدمته ، فهي قد خلقت له ، وليس لها دور في الحياة إلاّ اسعاد الرجل وتهيئة وسائل اللّذة والراحة له ، «ولو اُمرت أن تسجد لأحد غير الله لاُمرت بالسجود له»() .
وقد لخّص عبدالملك بن مروان رأي المجتمع العربي في المرأة والأدوار المختصّة بها ، إذ قال : «من أراد أن يتّخذ جارية للمتعة فليتّخذها بربرية ، ومن أرادها للولد فليتّخذها فارسية ، ومن أرادها للخدمة فليتّخذها رومية» .
ولذا فلا معنى لأدوارها الحياتية الاُخرى التي تريد أن تزاحم فيها الرجال فيما خلقوا له واختصوا به ، فـ «ما للنساء والخطابة والكتابة ، هذا لنا ولهنّ منّا أن يبتن على جنابة»() .
نتائج البحـث :
لا بدّ من الإشارة أوّلاً إلى أ نّنا نجد في التراث العالمي : الكثير من الأمثال التي تثني على المرأة وتعظّم دورها الانساني والاجتماعي في الحياة ، وتصف طبيعتها الشفافة وعاطفتها الجياشة ، وترجع توفيق الرجل ونجاحه في حركته في الحياة إليها ، حتّى قالوا : «وراء كل عظيم امرأة» .
وأ نّها : «منبع السعادة والأنس والسرور» نيتشه .
وأ نّها : «كوكب يستنير به الرجل ، ومن غيرها يبيت الرجل في الظلام» شكسبير .
وأ نّها : «تاج الخليقة» هيردر .
وأ نّها : «شِعْر الخالق» نابليون .
وأ نّها : «حلقة الوصل بين الملائكة والرجال» جون جراسي .
وأ نّها : «أحلى هدية خصّ الله بها الرجل» جويار .
وأ نّها : «مثال الرقة والكمال» فولتير .
وأ نّها : «أنشودة مطربة من السّماء» أناتول فرانس .
إلاّ أنّ ذلك كلّه وغيره لم يمنع من أن تكون الأفكار السـلبية والسوداوية هي الشائعة في خلفيات الشعور واللاّ شعور عند الناس عن المرأة ، في مختلف الثقافات وعند سائر الشعوب .
وربّما تكون تلك مسألة استقرائية منطقية أنّ الدليل السلبي يغلب على آلاف الأدلّة المثبتة (الإيجابيـة) ، وهذا ما نجده في الحياة العادية ، فلو حدّثك الناس عن مئات الفضائل لشخص وحدّثوك عن سيِّئة واحدة فيه ، فإنّ تلك الأخيرة هي التي ـ عادة ـ تعلق بذهنك وتشغل بالك ... وربّما هي التي تحدِّد موقفك من ذلك الشخص .
وكثيراً ما تدخل هذه الأمثال إلى أعماق الوجدان الشعبي ، وتأخذ موقعها في النفوس ، منذ صغر الانسان ، ولذا قد تجد اُناساً رفيعي الثقافة وعلى مستويات عالية من التعلّم ، إلاّ أ نّهم في حياتهم العملية ومواقفهم المباشرة مع المرأة ـ وغيرها ـ تتحكّم فيهم هذه الخلفيات الثقافية من تراث وأمثال وأنماط تعامل اجتماعية ، ما لم يعيشوا التغيير الشامل وينقلبوا على ما ورثوه بصورة كاملة ، ليختاروا لأنفسهم منه ومن غيره الفكر الصحيح والحكمة البالغة وأساليب التعامل الناجحة في الحياة .
فما وصلنا ليس مقدّساً كلّه ولا صحيحاً كلّه حتّى لو تناقله الأجـداد والآباء ، والذين لم يكونوا عادة مختارين في حمله ولا واعين في نقله ، لظروفهم الثقافية المغلقة التي عاشوها ، ولذا فهو كلّه على محطّ الاختبار ليوضع على طاولة التمحيص العلمي
والتجربة العملية لنكونَ مِنَ (الّذين يَستمِعُونَ القولَ فَيَتّبعُونَ أحسَنَه ) ( الزّمر/ 18 )، لا مِنَ الذين قالوا : (إِنّا وجَدْنا آباءَنا على أُمّة وَإِنّا على آثارِهِم مُقْتَدون ) ( الزخرف / 23 ) ، (أوَلَو كانَ آباؤهُم لاَ يَعْلَمونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُون ) ( المائدة / 104 ) .