من مناقب أبي بكر -رضي الله عنه-
عن أبِي سعيد الْخُدري -رضي الله عنه- قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال:"إنَّ الله خَيَّر عبداً بيْن الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله، قال: فبكى أبو بكر, فعجبنا لبكائه أن يُخْبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خُيِّر, فكان رسول الله هو الْمُخَيَّر, وكان أبو بكر أعلمنا, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمنَّ الناس عليَّ فِي صحبته وماله أبو بكر, ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربِي لاتَّخَذت أبا بكر خليلاًَ, ولكن أخوة الإسلام ومودته, لا يَبقين فِي الْمَسجد بابٌ إلا سُدّ إلا باب أبِي بكر". متفق عليه، رواه البخاري فِي فضائل الصحابة حديث (3654)، ومسلم فِي فضائل الصحابة حديث (2382)، وعند مسلم فبكى أبو بكر وبكى فقال: فديناك بآبائنا وأمهاتنا.
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لو كنت متخذاً خليلاً لاتَّخَذت أبا بكر، ولكن أخي وصاحبي". رواه البخاري فِي فضائل الصحابة حديث (3656)، ورواه مسلم فِي فضائل الصحابة من حديث عبد الله بن مسعود حديث (2383)، وروى البخاري نَحْوه من حديث عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-.
عن عروة بن الزبيْر قال: سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع الْمُشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت عقبة بن أبِي معيط جاء إلَى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فوضع رداءً فِي عنقه فخنقه به خنقاً شديداً, فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه, فقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربِي الله وقد جاءكم بالبيِّنات من ربكم). أخرجه البخاري (3678).
من مناقب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:"رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبِي طلحة وسَمِعتُ خشفة، فقلت: من هذا؟ فقال: هذا بلال, ورأيت قصراً بفنائه جارية, فقلت: لِمَن هذا؟ فقال: لعمر، فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك فقال: عمر بأبِي وأمي يا رسول الله أعليك أغار". رواه البخاري (3679).
عن سعيد بن الْمُسيب أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال:"بينا نَحْن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: بينا أنا نائم رأيتنِي فِي الْجَنَّة فإذا امرأة تتوضأ إلَى جانب قصر فقلت: لِمَن هذا القصر؟ قالوا: لعمر, فذكرت غَيْرته فوليت مدبراً, فبكى عمر وقال: أعليك أغار يارسول الله؟". أخرجه البخاري (3680).
وعن الزهري عن حَمْزة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"بينا أنا نائم شربت -يعني اللبن- حتى أنظر إلَى الري يَجْري فِي ظفري أو فِي أظفاري ثُمَّ ناولت عمر قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم". أخرجه البخاري (3681).
وقال البخاري: حدثنا مُحَمَّد بن عبد الله بن نُمَير حدثنا مُحَمَّد بن بشر حدثنا عبيد الله قال: حدثني أبو بكر بن سالِم عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أريت فِي الْمَنام أنِّي أنزع بدلو بكرة على قليب فجاء أبو بكر فنـزع ذَنوباً أو ذنوبيْن نزعاً ضعيفاً والله يغفر له, ثُمَّ جاء عمر بن الْخَطاب فاستحالت غرباً, فلم أر عبقرياًّ يفري فريه حتى روي الناس وضربوا بعطن", قال ابن جبيْر: العبقري عتاق الزرابِي, وقال يَحْيى: الزَّرابِيُّ الطنافسُ لَهَا خَمْلٌ رقيق مبثوثة كثيرة". أخرجه البخاري حديث (3682).
وعن مُحَمَّد بن سعد بن أبِي وقَّاص عن أبيه قال: استأذن عمر بن الْخَطاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتُهن على صوته, فلما استأذن عمر بن الْخَطاب قمن فبادرن الْحِجاب فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم, فدخل عمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك, فقال: عمر أضحك الله سنك يا رسول الله, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: عجبت من هؤلاء اللاتي كنَّ عندي, فلمَّا سَمِعن صوتك ابتدرن الْحِجاب, فقال عمر: فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله, ثُمَّ قال عمر: يا عدوَّات أنفسهن, أتَهَبنني ولا تَهَبْن رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقلن : نعم, أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: إيهاً يا ابن الْخَطاب! والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكًا فجًا قط إلا سلك فجًّا غيْر فجّك". أخرجه البخاري حديث (3683).
حدثنا مُحَمَّد بن الْمُثنى قال: حدثنا يَحيى عن إسْمَاعيل قال: حدثنا قيس قال: قال عبد الله:"ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر". أخرجه البخاري حديث (3684).
وعن ابن أبِي مليكة أنه سَمِع ابن عباس يقول: وضع عمر على سريره, فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم, فلم يرعنِي إلا رجل آخذ منكبي فإذا علي بن أبِي طالب فترحَّم على عمر وقال: ما خلفت أحداً أحبّ إلَي أن ألقى الله بِمِثل عمله منك, وأيْمُ الله إن كنت لأظن أن يَجْعلك الله مع صاحبيك, وحسبت أنِّي كثيرًا أسْمَع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر, ودخلت أنا وأبو بكر وعمر, وخرجت أنا وأبو بكر وعمر". أخرجه البخاري حديث (3685).
عن أبِي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجالٌ يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء, فإن يكن فِي أمتي منهم أحد فعمر". البخاري فضائل الصحابة حديث (3689).
وروى البخاري بإسناده إلَى ابن عباس -رضي الله عنهما – قال : إنِي لواقف فِي قوم فدعوا الله لعمر بن الْخَطاب وقد وضع على سريره إذ دخل رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبِي يقول: رحِمَك الله, إن كنت لأرجو أن يَجْعلك الله مع صاحبيك؛ لأنِي كثيرًا ما كنت أسْمَع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كنتُ وأبو بكر وعمر, وفعلتُ وأبو بكر وعمر, وانطلقتُ وأبو بكر وعمر, فإن كنت لأرجو أن يَجْعلك الله معهما, فالتفت فإذا هو علي بن أبِي طالب".
فهذه شهادة علي -رضي الله عنه- لأخويه أبِي بكر وعمر بِمَكانتهما ومنـزلتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقلها عنه ابن عمه عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- .
فكيف يبغضهما وكيف يرفض بيعتهما حتى لا يبايعهما إلا مكرهًا شأن الْجُبناء؟! وكيف يزوج ابنته أم كلثوم عمر -رضي الله عنه-؟! حاشاه مِمّا ينسبه سلالات الْمَجُوس من الْحِقد والْجُبن والعداوة لإخوته الْمُؤمنين والْخُلفاء الراشدين الْمَهديين الفاتِحين بل كان علي من وزرائهم ومن كبار مؤازريهم ومستشاريهم فِي الْحُروب ومهام الأمور.
هؤلاء يُصَوِّرون للناس أنه كان هناك معارك طاحنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في ولاية علي وأهل بيته, والقرآن ينـزل حول هذه المعارك ويلاحق أصحاب محمد الذين لا هَمَّ لهم إلا إزاحة علي عن هذه الولاية التي أقلقتهم وأقضَّت مضاجعهم وشحنت قلوبهم بالعداوة والبغضاء لعليّ, فهم يتآمرون فيما بينهم على ألا تكون لعلي وأهل بيته أبداً، والقرآن ينـزل بكفرهم ويعاقبهم ويفضح هذه المؤامرات!! حتى يُخَيَّل للقارئ أن مُحَمّداً صلى الله عليه وسلم ما بعثه الله إلا بِهذه الولاية!
وهذا الحسد لعليٍّ وأهل بيته بدأ من آدم من عالم الذرِّ وبسببه أخرج من الجنة وما قبل الله توبته إلا بعد أن توسل بعلي وأهل بيته!!
وعن سعيد بن الْمُسيب وأبِي سلمة بن عبد الرحْمَن قالا: سَمِعنا أبا هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بينما راعٍ فِي غنمه عدا الذئب فأخذ منها شاة فطلبها حتى استنقذها فالتفت إليه الذئب فقال له: من لَهَا يوم السبع؟! ليس لَهَا راع غيري فقال الناس: سبْحان الله! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإنِّي أومن به وأبو بكر وعمر وما ثَمَّ أبو بكر وعمر". أخرجه البخاري حديث (3690).
عن ابن أبِي مليكة عن الْمِسور بن مَخْرمة قال: لَمَّا طُعِنَ عمر جعل يألَم, فقال له ابن عباس وكأنه يَجْزعه: يا أمير المؤمنين, ولئن كان ذاك لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنت صحبته ثُمَّ فارقته وهو عنك راض، ثُمَّ صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته ثُمَّ فارقته وهو عنك راض، ثُمَّ صحبتهم فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون, قال : أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاه فإنَّما ذاك منٌّ مِنَ الله تعالَى منَّ به عليَّ, وأما ما ذكرت من صحبة أبِي بكر ورضاه فإنَّما ذاك مَنٌّ مِنَ الله جل ذكره مَنَّ به عليَّ،وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك, والله لو أنَّ لِي طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب الله –عزَّ وجلّ- قبل أن أراه قال حَمَّاد بن زيد حدثنا أيوب عن بن أبِي مليكة عن بن عباس دخلت على عمر بِهَذا". أخرجه البخاري حديث (3692).
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلمقال:"اللهم أعزَّ الإسلام بأحبِّ هذين الرجلين إليك بأبِي جهل أو بعمر بن الْخَطاب", قال: فكان أحبهما إليه عمر بن الْخَطاب. أخرجه الإمام أحْمَد فِي الْمُسند (2/95), وفِي فضائل الصَّحابة بنفس الإسناد برقم (312), وإسناده حسن.
وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنَّ الله -عزَّ وجلَّ- جعل الْحَقّ على قلب عمر ولسانه". أخرجه الإمام أحْمَد فِي الْمُسند (2/95)، وفِي فضائل الصَّحابة بنفس الإسناد برقم (313)، والتِّرمذي (5/617), وإسناده حسن.
وقال ابن عمر:"ما نزل بالنَّاس أمرٌ قطّ فقالوا فيه وقال فيه ابن الخطاب أو قال عمر إلاَّ نزل القرآن على نَحْو مِمَّا قال عمر". أخرجه الإمام أحْمَد فِي فضائل الصَّحابة برقم (314), وأخرجه الترمذي (5/618) من طريق أبِي عامر, وإسناده حسن.
وعن أبِي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"جُعِلَ الْحَق على لسان عمر وقلبه". أخرجه الإمام أحْمَد فِي الْمُسند (2/401)، وفي فضائل الصَّحابة برقم (315), وإسناده حسن.
وعن غضيف بن الحارث قال: مررت بعمر ومعه نفرٌ من أصحابه فأدركني رجلٌ منهم, فقال : يا فتى, ادع لي بخيرٍ بارك الله فيك, قال: قلت: ومن أنت رحمك الله؟ قال: أبو ذر, قال: قلت: يغفر الله لك, أنت أحقّ, قال: إني سمعت عمر يقول: نعم الغلام, وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إنَّ الله وضع الْحَق على لسان عمر يقول به". أخرجه الإمام أحْمَد فِي فضائل الصَّحابة برقم (316), وإسناده حسن.
- من مناقب عثمان -رضي الله عنه -
قال البخاري -رحمه الله-: وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"من حفر بئر رومة فله الجنَّة ", فحفرها عثمان, وقال:"من جهَّز جيش العسرة فله الجنة", فجهَّزه عثمان, ذكرهما قبل حديث (3695).
وقال البخاريُّ: وقال عبدان: أخبرني أبي عن شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن أن عثمـان -رضي الله عنه- حين حوصر أشرف عليهم وقال: أنشدكم الله ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم, ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من حفر رومة فله الجنة) فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال:(من جهَّز جيش العسرة فله الجنة), فجهَّزته, قال: فصدَّقوه بما قال" . البخاري حديث ( 2778).
وقال الإمام أحمد في مسنده (1/59): ثنا أبو قطن ثنا يونس يعني ابن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: أشرف عثمان -رضي الله عنه- من القصر وهو محصور فقال: أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء إذ اهتـزَّ الجبل فركله بقدمه ثم قال: اسكن حراء, ليس عليك إلا نبيٌّ أو صِدِّيقٌ أو شهيد وأنا معه, فانتشد له رجال, قال: أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان إذ بعثني إلى المشركين إلى أهل مكَّة قال: هذه يدي وهذه يد عثمان -رضي الله عنه- فبايع لي, فانتشد له رجال، قال: أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من يوسع لنا بهذا البيت في المسجد ببيت في الجنة) فابتعته من مالي فوسعت به المسجد, فانتشد له رجال، قال: وأنشد بالله من شهد رسول الله يوم جيش العسرة قال:(من ينفق اليوم نفقة متقبلة) فجهزت له نصف الجيش من مالي, قال: فانتشد له رجال, وأنشد بالله من شهد رومة يباع ماؤها ابن السبيل فابتعتها من مالي لابن السبيل، قال: فأنشد له رجال". رواه الترمذي في المناقب حديث (3699) من طريق أبي إسحاق عن أبي عبد الرحمن السلمي وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث أبي عبد الرحمن عن عثمان, ورواه النسائي في الأحباس وقف المساجد حديث (3609) من حديث أبي إسحاق عن أبي سلمة, ورواه من حديث الأحنف بن قيس, ومن حديث ثمانة بن حزن القشيري.
من مناقب الخلفاء الثلاثة -رضي الله عنهم-
حدَّثنا يوسف بن موسى حدَّثنا أبو أسامة قال: حدَّثني عثمان بن غياث حدَّثنا أبو عثمان النهدي عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كنت مع النبيِّ في حائط من حيطان المدينة, فجاء رجل فاستفتح, فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"افتح له, وبشره بالجنة", ففتحت له فإذا أبو بكر فبشرته بما قال النبي صلى الله عليه وسلم, فحمد الله, ثم جاء رجل فاستفتح فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"افتح له, وبشره بالجنة", ففتحت له فإذا هو عمر فأخبرته بما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم, فحمد الله, ثم استفتح رجل فقال لي:"افتح له, وبشره بالجنَّة على بلوى تصيبه", فإذا عثمان فأخبرته بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, فحمد الله, ثم قال: الله المستعان" أخرجه البخاري حديث (3693).
من مناقب علي -رضي الله عنه-
قال البخاري -رحمه الله-: وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعليٍّ:"أنت مني وأنا منك"، وقال عمر: توفي رسول الله وهو عنه راض.
وعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه, فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها, فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم, كلهم يرجو أن يعطاها، فقال:"أين علي بن أبي طالب؟", فقالوا: يشتكي عينيه يا رسول الله, قال:"فأرسلوا إليه فأتوني به", فلما جاء بصق في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع, فأعطاه الراية, فقال عليّ: يا رسول الله, أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا, فقال:"أنفذ على رسلك حتى تنـزل بساحتهم, ثم ادعهم للإسلام, وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه, فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم". أخرجه البخاري في المناقب حديث (3701).
وساق البخاري حديثاً نحوه من حديث سلمة بن الأكوع وفيه: لأعطين الراية أو ليأخذن الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله أو قال يحب الله ورسوله". انظر حديث (3702).
وعن سعد بن عبيده قال:"جاء رجل إلى ابن عمر -رضي الله عنهما- فسأله عن عثمان فذكر من محاسن عمله قال: لعل ذاك يسوؤك؟ قال: نعم, قال: فأرغم الله بأنفك, ثم سأله عن عليّ فذكر من محاسن عمله, قال: هو ذاك بيته أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم , ثم قال: لعل ذاك يسوؤك؟ قال: أجل, قال: فأرغم الله بأنفك, انطلق فاجهد عَليَّ جهدك". أخرجه البخاري (3704).
وعن إبراهيم بن سعد عن أبيه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعليّ:"أما ترضى أن تكون مني بمنـزلة هارون من موسى", أخرجه البخاري (3706), ورواه البخاري في الغزوات عن مصعب بن سعد عن أبيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى تبوك واستخلف علياً فقال: أتخلفني في النّساء والصّبيان؟ قال:"ألا ترضى أن تكون مني بمنـزلة هارون من موسى, إلا أنه لا نبيَّ بعدي". حديث (4416).
وعن ابن سيرين عن عبيدة عن علي -رضي الله عنه- قال: اقضوا كما كنتم تقضون, فإني أكره الاختلاف حتى يكون الناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي", فكان ابن سيرين يرى أنَّ عامَّة ما يُروى عن عليٍّ كذب. أخرجه البخاري ( 3707) .
وقول عليّ:(أو أموت كما مات أصحابي) يريد به الخلفاء الراشدين قبله, وفي هذا كراهة عليٍّ الاختلاف, وحبه لاجتماع كلمة المسلمين, ومن أجل ذلك يقدِّم اجتهاد إخوانه على اجتهاد نفسه.
وعن عائشة -رضي الله عنها- أنَّ فاطمة عليها السلام أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم تطلب صدقة النبي صلى الله عليه وسلم التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر, فقال أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا نورث, ما تركنا فهو صدقة, إنما يأكل آل محمد من هذا المال - يعني مال الله- ليس لهم أن يزيدوا على المأكل", وإني والله لا أغير شيئاً من صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت عليها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم, ولأعملن فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فتشهَّد عليٌّ ثم قال: إنَّا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك -وذكر قرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقهم- فتكلم أبو بكر فقال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب ُّإليَّ أن أصل من قرابتي ".
وعن ابن عمر عن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته. أخرجهما البخاري في المناقب (3711-3712-3713), وأخرج مسلم الأول في فضائل الصحابة (1759).