نظام الاجتماع في عصر الخلفاء الأربعة
بيّنا في السابق ما أحدثه الإسلام من التغيير في العصبية العربية وما تولد به من الطبقات الجديدة التي لم تكن قبل الإسلام كالمهاجرين والأنصار وما اقتضاه النسب الهاشمي أو القرشي من العصبيات الجديدة ومنهم طبقات الأشراف من العلويين أو العباسيين وأبناء الأنصار والمهاجرين. أما البلاد المفتوحة فلما جاء المسلمون لفتحها فأول من لقيهم على حدودها العرب أبناء لغتهم وأهل عصبيتهم ولما أوغلوا في الشام والعراق استأنس أهلوها باللسان العربي لقربه من لسانهم الآرامي أو السرياني مع بُعد لسان حكامهم يومئذ الرومي أو الفارسي عنهم فكان ذلك من جملة ما مهّد لهم أسباب الفتح.
نظام الاجتماع في عصر الأمويين
كانت قصبة الإسلام على عهد الخلفاء الأربعة في المدينة بجوار قبر النبي (صلّى الله عليه وآله) فنقلها الأمويون إلى الشام قرب البلاد المفتوحة وعملوا على توسيع دائرة مملكتهم فجرّدوا الجيوش وفتحوا المدن حتى وطأت حوافر خيولهم ما وراء النهر في أقصى الشرق وركبوا بحر المجاز (بوغاز جبل طارق) إلى أسبانيا ففتحوها وما وراءها من بلاد الإفرنج إلى نهر تورس، ونصبوا أعلامهم على أعظم مدائن الفرس والترك والروم والأسبان والإفرنج حتى هددوا القسطنطينية، وحولوا الاحتلال الموقت إلى السيادة الدائمة، وجعلوا الإسلام دولة بعد أن كان ديناً. على أن شدة تعصبهم للعرب دعا إلى انقسام المسلمين إلى طبقتين العرب والموالي فضلاً عما فرقوا فيه بين العرب أنفسهم باعتبار النسب القحطاني والعدناني. وبالجملة فإن الهيئة الاجتماعية في أيام الأمويين كانت في بدء انتقالها من حالتها القديمة في عصر الروم والفرس إلى العصر الإسلامي. ولم يتم ذلك الانتقال والتكيّف بشكلها الخاص بالإسلام والتمدن الإسلامي إلا في العصر العباسي لترفع الأمويين عن الاختلاط بغير العرب ورغبتهم في البقاء على البداوة، ومع إيغال جنودهم في بلاد فارس وخراسان وتركستان ومصر وأفريقيا والأندلس قلما اختلطوا بأهلها أو اقتبسوا منهم أو قلّدوهم في شيء من عاداتهم وأخلاقهم حتى الخليفة المقيم في دمشق، إلا ما اتخذوه من الحرس والبريد والسرير. أما العباسيون فنظراً لتغلّبهم بالموالي وأهل الذمة على الأمويين جعلوا مقامهم بين أشياعهم الفرس فبنوا بغداد على الحدود بين الفرس والسريان أو بين الآريين والساميين أو بين المجوس والنصارى وقرّبوا الفرس واتخذوا منهم الوزراء والعمال ورجال الدولة فنظّموا لهم الدواوين على نحو ما كانت عليه في الدولة الساسانية.
بيّنا في السابق ما أحدثه الإسلام من التغيير في العصبية العربية وما تولد به من الطبقات الجديدة التي لم تكن قبل الإسلام كالمهاجرين والأنصار وما اقتضاه النسب الهاشمي أو القرشي من العصبيات الجديدة ومنهم طبقات الأشراف من العلويين أو العباسيين وأبناء الأنصار والمهاجرين. أما البلاد المفتوحة فلما جاء المسلمون لفتحها فأول من لقيهم على حدودها العرب أبناء لغتهم وأهل عصبيتهم ولما أوغلوا في الشام والعراق استأنس أهلوها باللسان العربي لقربه من لسانهم الآرامي أو السرياني مع بُعد لسان حكامهم يومئذ الرومي أو الفارسي عنهم فكان ذلك من جملة ما مهّد لهم أسباب الفتح.
نظام الاجتماع في عصر الأمويين
كانت قصبة الإسلام على عهد الخلفاء الأربعة في المدينة بجوار قبر النبي (صلّى الله عليه وآله) فنقلها الأمويون إلى الشام قرب البلاد المفتوحة وعملوا على توسيع دائرة مملكتهم فجرّدوا الجيوش وفتحوا المدن حتى وطأت حوافر خيولهم ما وراء النهر في أقصى الشرق وركبوا بحر المجاز (بوغاز جبل طارق) إلى أسبانيا ففتحوها وما وراءها من بلاد الإفرنج إلى نهر تورس، ونصبوا أعلامهم على أعظم مدائن الفرس والترك والروم والأسبان والإفرنج حتى هددوا القسطنطينية، وحولوا الاحتلال الموقت إلى السيادة الدائمة، وجعلوا الإسلام دولة بعد أن كان ديناً. على أن شدة تعصبهم للعرب دعا إلى انقسام المسلمين إلى طبقتين العرب والموالي فضلاً عما فرقوا فيه بين العرب أنفسهم باعتبار النسب القحطاني والعدناني. وبالجملة فإن الهيئة الاجتماعية في أيام الأمويين كانت في بدء انتقالها من حالتها القديمة في عصر الروم والفرس إلى العصر الإسلامي. ولم يتم ذلك الانتقال والتكيّف بشكلها الخاص بالإسلام والتمدن الإسلامي إلا في العصر العباسي لترفع الأمويين عن الاختلاط بغير العرب ورغبتهم في البقاء على البداوة، ومع إيغال جنودهم في بلاد فارس وخراسان وتركستان ومصر وأفريقيا والأندلس قلما اختلطوا بأهلها أو اقتبسوا منهم أو قلّدوهم في شيء من عاداتهم وأخلاقهم حتى الخليفة المقيم في دمشق، إلا ما اتخذوه من الحرس والبريد والسرير. أما العباسيون فنظراً لتغلّبهم بالموالي وأهل الذمة على الأمويين جعلوا مقامهم بين أشياعهم الفرس فبنوا بغداد على الحدود بين الفرس والسريان أو بين الآريين والساميين أو بين المجوس والنصارى وقرّبوا الفرس واتخذوا منهم الوزراء والعمال ورجال الدولة فنظّموا لهم الدواوين على نحو ما كانت عليه في الدولة الساسانية.