يُعتبَر جبل ليلون من الجبال الكوردية الشامخة والغنية بالأثار وهو جزء من جبال (كورداغ) الواقعة في كوردستان سوريا, ويقع جنوب شرقي منطقة عفرين الكوردية، وشمال غرب محافظة حلب
ويمتد من سهل قطمة وكفرجنة شمالاً إلى سهل زرزيتا جنوباً، ويُشرف من الجهة الغربية على سهول نهر عفرين (قيبار, ترندة, عين دارة, غزاوية ).
وشهدت السفوح المنبسطة فوق سطح جبل ليلون (شيراوا) الذي يحتضن قلعة دير سمعان الأثرية، العديد من الحضارات الإنسانية التي تستحق أن يُبذل من أجلها الكثير من الجهود لتوضيح ما هو غامض ولم يتم الكشف عنه من تاريخها ومعالمها.
وتذكر الأبحاث والدراسات الجيولوجيا والتاريخية رغم قلتها، أنّ جبل ليلون كان منطلقاً للبشرية الأولى ومهداً للحضارات الإنسانية والدينية من الآيزيدية والمسيحية وغيرها.
وتـُظهر الأبحاث بأن هذا الجبل كان مأوى للإنسان حينما كان يقطن الكهوف، ويتغذى بالنباتات ويصطاد الحيوانات البرية، وقد كانت هذه المواقع الأثرية مركزاً لمعتقدات وأديان مختلفة في القرون التي سبقت الميلاد وتلته.
معنى تسمية ليلون
ورد اسم جبل ليلون في الكثير من المصادر التاريخية القديمة بتسميات مختلفة، ففي التوراة مثلاً ورد ذكره تحت اسم جبل نابو، وذلك نسبة للإله الرافدي الذي اشتهر خلال القرن التاسع قبل الميلاد في منطقة بلاد ما بين النهرين التي هي موطن الإمبراطوريات الكوردية القديمة.
ومما لا شك فيه بأن أصل تسمية ليلون هي كوردية صرفة من الناحية اللغوية، فكلمة ليلون تطلق على ثمرة الزيتون قبل نضوجها حينما تكون فجة، وتعني المرارة الزائدة المعروفة عن هذه الثمرة عندما تكون في طور النمو وليس النضج.
وقد تكون التسمية مشتقة من الكلمة الكوردية ليلان التي تعنى السراب ولا يستبعد أن تكون التسمية مصدرها من الكلمة الكوردية ليلان وهي جمع لمفرد (لول أو ليل أو ليلوز) والتي تعنى الدفلة وهي نبتة معروفة وموجود بكثافة في وادي لويلك الذي يقع في الطرف الشمالي الغربي من جبل ليلون، وقد تكون التسمية آتية من اسم الوادي نفسه وذلك لأهميته بالنسبة لأهالي جبل ليلون كونه يحتوي على نبع ماء جارٍ وهو الوحيد الصالح للشرب في الجبل.
أما الرواية الشعبية لأهالي منطقة جبل ليلون بخصوص التسمية فتقول بأنها لالان والتي تعني الزنابق أي (جبل الزنابق) والمعروف عن طبيعة جبل ليلون في فصل الربيع كثرة الزنابق البرية وبخاصة في القسم الجنوبي منه، وإلى يومنا هذا ما تزال توجد أماكن في جبل ليلون تسمى بـ لالان، مثلاً: في قرية كفر نبو هنالك منطقة عالية قليلاً يسميها الأهالي بتلة لالان، وفي الجهة الجنوبية من فافرتين يوجد وادٍ صغير يسمونه بوادي لالان.
أما التسمية الثالثة الدارجة لجبل ليلون فهي (شيراوا) وهي تسمية كوردية صرفة، ولها أكثر من دلالة: ويُرجّح أن تكون هذه التسمية قد أطلقت على منطقة جبل ليلون خلال القرن الثامن عشر الميلادي نسبة إلى أهاليها عشيرة شيروان، وذلك لأن القرى التي تقع في السفح الجنوبي من الجبل أهلها ينحدرون من عشيرة شيروان الموجودة في كردستان العراق...، أو قد تكون التسمية نسبة إلى الإلهة (شيراوا) التي كانت تعبد خلال القرن التاسع قبل الميلاد وحتى القرنين الأول والثاني بعد الميلاد.
وأما في وقتنا الحاضر فإن جبل ليلون في قيود الدولة السورية يعرف باسم جبل سمعان، وهذه التسمية نسبة إلى قلعة سمعان.
جبل ليلون قبل الميلاد وبعده
إن منطقة عفرين (كورداغ) الواقعة في كوردستان سوريا، خضعت عبر التاريخ للعديد من الإمبراطوريات والممالك التي ما زالت بعض آثارها تدلّ على أنها بسطت نفوذها في هذه المنطقة خلال الفترة التي سبقت (540 م)، وأهمها الحورية (أي الهورية) والميتانية (الميتاهورية) والحثية، المصرية (الفرعونية)، الآشورية، الأوراراتية، الميدية، الأخمينية، اليونانية، السلوقية، الرومانية والبيزنطية وغيرها.
وفي سنة (16هـ) دخلت الجيوش الإسلامية جبل ليلون وهدّمت قلعة سمعان ومن ثم دخلت قلعة هوري، وبهذا الشكل وقعت منطقة جبل ليلون ضمن حدود الدولة الإسلامية فيما بعد، ومع حلول عام (1105م) دخل الصليبيون إلى منطقة ليلون...، وفي عام (1113 م) هاجم صاحب إنطاكية حصن الأتارب في الحدود الجنوبية من جبل ليلون وحاصره ثم استولى...، وفي عام (1175م) انتقل الحكم في هذه المنطقة من الأسرة الزنكية إلى الأيوبين، وبعد وفاة السلطان صلاح الدين سنة (1193م) تولى ابنه الملك الظاهر حكم حلب ومعها جبل ليلون ومنطقة كورداغ.
وفي كل المراحل كانت منطقة جبل ليلون تتبع لمدينة إنطاكية وبخاصة من بداية الفترة الرومانية حتى انتقال حكم تلك المناطق إلى الأيوبين وإنشاء إمارة كلس، وحين انتقلت السلطة من الأيوبين إلى المماليك بقيت إمارة كلس شبه مستقلة بيد الأسرة المندية طيلة الفترة المملوكية...، وفي الفترة العثمانية انتقلت السلطة إلى السلطان سليمان القانوني عام (1520م) الذي قام بتسليم إدارة إمارة كلس إلى جان بولات بك (الكوردي) وحين توفي عام 1572م تولى ولده جعفر الحكم على كلس...، وبعد وفاته تسلم شقيقه حبيب بك إمارة كلس وحكمها ثلاثة أعوام...، ثم تم عزله وأسنده ثانية إلى حسين بك وفي عام (1602م) تم تعينه والياً على حلب...، وطيلة الفترة العثمانية كانت إمارة كلس تتبع لولاية حلب إدارياً...، وبعد أن قتل علي باشا جان بولات انتهى دور الأسرة المندية العريقة فسلمت حكومة الآستانة ولاية إمارة كلس عام (1620م) لأحد زعماء عشيرة برواري من الفرع الروباري, ولا تزال الأسرة الروبارية العريقة تتزعم الجبل وتسكن العديد من القرى في جبل الكورد وبخاصة سهل روبار في السفح الشمالي الشرقي من جبل ليلون.
وفي كانون الأول عام 1918م دخلت القوات الإنكليزية مدينة حلب...، وفي عام 1919م تسلمت القوات الفرنسية ولاية حلب من القوات الإنكليزية...، وبهذا أصبحت سورية تحت الانتداب الفرنسي الذي قام فيما بعد بإعطاء منطقة إنطاكية وكلس لتركيا ضمن منطقة لواء إسكندرون...، بينما بقيت منطقة عفرين تابعة لسوريا، وبذلك أصبحت مدينة عفرين مركز منطقة وأصبح جبل ليلون يتبع لها إدارياً حتى اليوم.
جميع قرى جبل ليلون أثرية ويسكنها أهلها الكورد:
يوجد في جبل ليلون عشرات القرى الكوردية والمواقع الأثرية وسكانها كورد شيراويين وروباريين وينحدرون من عشيرتي شيروان وبروار الكورديتان الاتان تسكنان بقسمهما الأكبر في كوردستان العراق حالياً، والمعروف أن سكان هذا الجبل الكوردستاني الصخري معروفون بقوتهم الجسدية وبطبعهم القاسي جداً، ويبلغ عدد سكان جبل ليلون بشكل تقديري رغم الهجرة الدائمة قرابة (75000) مئة ألف نسمة من الكورد الشيروانيين والبرواريين وغيرهم من العشائر الكوردية القاطنة حالياً في جبل ليلون.
يفوق عدد قرى ومزارع جبل ليلون ثلاثين قرية كلها غنية بالآثار، وهي: قلعة دير سمعان، كفر نبو، برادة، كيمار، صوغانكة، كلوتـة، دير مشمش، كوبلـة، زريقات، مياسـة، زعرانيـت، عقيبـة (آقيبة)، خراب شمسة، باصوفان، بعية، فافرتين، كِبَـشين، برج حيـدر، باشمرا، القرية الكبير، برج قازة، برجكة سليمان، زيارة، خالتان، كورزيلة، قرية جلبر، باصلحايا، أبين، خربة الحياة، كشتعار، ...إلخ.
وينتمي أهالي جبل ليلون إلى القومية الكوردية ويتكلمون اللغة الكوردية (اللهجة الكرمانجية) الأصيلة، وما زالوا يحافظون على أصالتها ونقائها أكثر من المناطق الأخرى في جبل الكورد (كورداغ), ويمكن التعرف على الشيراوي أو الروباري بمجرد النطق بالكلام لأنهم كما ذكرنا يحافظون على المفردات الكوردية التي تميزهم عن غيرهم من سكان منطقة جبل الكورد.
أهم قلاع جبل ليلون:
بدأت السياحة تنشط في جبل ليلون بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وتعتبر هذه المنطقة من المناطق المشهورة لوجود الكثير من المعالم الأثرية المعروفة عالمياً مثل كهف دودرييه التي سكنها الإنسان أكثر من /150/ ألف سنة قبل الميلاد, وكنيسة القديس سمعان العمودي المعروف بقلعة سمعان, وقبر المار (مارون) أبو الطائفة المارونية في قرية برادة، وقلعة كالوتة, وقلعة أو مزار الشيخ بركات الايزيدي على قمة جبل شيخ بركات العالي وقلعة الباسوطة وقلعة عيندارة وأثار كرزيلة وغيرها العشرات من المعالم الأثرية الهامة، ونظراً لأهمية قلعة سمعان وكهف دودرية وقبر مارمارون، سنتحدّث عنهم بشكل أوسع.
1 ـ قلعة سمعان:
تقع قلعة سمعان في أقصى النهاية الجنوبية من سفح جبل ليلون، وهي مبنية على نتوء صخري، يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر (564 م)، وكان القديس سمعان، قد اختار هذا المكان المنعزل والعالي، بقصد التقرب إلى الله للعبادة جريا على عادة الرهبنة، ولد سمعان أو سيمون حوالي عام 368 للميلاد في بلدة (سيس) القريبة من مدينة أضنة الحالية في تركيا، كان في صغره راعيا للماشية، وانضم في ريعان شبابه إلى جماعة من النساك قرب (سيس)، وبقي معهم مدة سنتين، ثم انتقل إلى منطقة دير تلعادة جنوبي جبل شيخ بركات وأمضى هناك عشر سنوات في الصلاة والتقشف، حيث كان يتناول الطعام مرة واحدة في الاسبوع، فطلب منه مغادرة الدير لشدة أذاه على نفسه، فلجأ في عام 412 م إلى بلدة تيلانيسوس (دير سمعان) الحالية وعاش فيها ثلاث سنوات، وصام هناك أربعين يوما دون أن يأكل أو يشرب، إلى أن أصبحت عادة لديه، ثم أرتقى إلى قمة الجبل، وربط نفسه هناك بسلسلة حديدية إلى صخرة، وراح الناس يقصدونه من كل حدب وصوب، فبنى لنفسه عمودا ليقيم عليه تلافيا لازدحام الناس وتقربا إلى الله، وظل يعلّي العمود بين الحين والآخر إلى أن وصل ارتفاعه إلى (16) مترا، وأمضى عليه اثنين واربعين عاما لحين وفاته وهو على عموده سنة 459 م، يصل موقع القلعة في الشمال بامتداد تضاريس سطح الجبل، وتتحدد الجهات الثلاث الأخرى بجروف صخرية عالية، خاصة من الناحية الغربية، حيث يزيد ارتفاعه هنا عن مائة متر، فالقلعة تنتصب على نتوء صخري يطل من جهة الغرب على سهل جومه (عفرين) الفسيح، الذي يخترقه نهر عفرين من وسطه، ويؤطر هذا المشهد الخلاب في أقصى الغرب جبل الآمانوس لتشكل لوحة طبيعية رائعة، خاصة وقت الغروب، فللغروب في القلعة سر خاص، وجمال لا يوصف، كان يؤجج نار الإيمان في قلب مار سمعان مع كل إطلالة لشمس أو غروبها وهو من فوق عموده متأملا هذه الطبيعة المدهشة من حوله. وتعتبر كنيسة مار سمعان من اكبر كنائس العالم، وأفخمها إلى يومنا هذا، فقد اتخذ البناءون من عمود (مار سمعان) مركزا لبنائها الذي أخذ شكل صليب، ذراعه الشرقي أطول قليلا من الأذرع الثلاثة الأخرى المتساوية، وتبلغ مساحة الكنيسة / 5000 / مترا مربعا، وبدأ العمل ببنائها عام / 476 / م، وتم الانتهاء منها سنة / 490 / م، ثم أضيفت ملحقات الكنيسة بعد ذلك لسنوات، وهي: (الدير الكبير، وبيت المعمودية، والمقبرة، وبعض دور السكن لطلاب العلم، وفنادق للضيوف)، حتى بلغت مساحة البناء الإجمالية / 1200 / مترا مربعا، في عامي / 536 و 528 / م، وقعت زلازل شديدة في المنطقة، فألحقت ضررا كبيرا بالكنيسة، وربما سقط سقفها الخشبي وقتئذ، وبعد خضوع المنطقة للمسلمين، بقيت الكنيسة بيد أصحابها المسيحيين مقابل دفع الجزية، واستمر الأمر على ذلك إلى أن ضعفت الدولة الإسلامية، فسيطر عليها البيزنطيون مجددا في أواسط القرن العاشر الميلادي، حينما انتصر (نقفور) البيزنطي على الحمدانيين في حلب عام 970 م، فبنى حولها سورا قويا مدعما بـ / 27 / برجاً وتحولت الكنيسة وملحقاتها من مركز ديني مرموق، إلى قلعة عسكرية حصينة، في منطقة حدودية بين البيزنطيين والمسلمين، وعرفت من يومها بقلعة سمعان.
2 ـ كهف دودَرييه (Sikefta Duderiye):
يقع كهف دودرييه (Duderiye ) في منطقة جبل ليلون (شيراوا) شمال غرب مدينة حلب على بعد /45 كم/ منها، وجنوب مدينة عفرين بـ /15كم/ وفوق قرية برج عبدالو التابعة لمنطقة عفرين, وغرب قرية براد بـ /4 كم/، ويبلغ عمق الكهف /60 م/ وعرضه /40 م/ وبعلو /450 م/ فوق مستوى سطح البحر...، ويقع على الضفة اليسرى من وادٍ يعبر المنحدر الغربي من جبل ليلون (شيراوا) الحد الشرقي من وادي عفرين .
ودودرييه واحد من مكتشفات عديدة نتجت عن مسح استطلاعي شامل لوادي عفرين، حيث تم اكتشاف كهف دودريية عام 1978 م، وبعد مرور ستة عشر عاماً من التنقيب وبشكل متقطع , في 23 / 8 / 1993 وبشراكة فريق ياباني سوري للتنقيب تم اكتشاف بقايا مستحاثة إنسانية في الكهف...، وتبين نتيجة البحث والتحليل بأن هذه العظام تنتمي إلى إنسان (انياندرتال) الذي عاش في العصر الحجري المتوسط أي /200 إلى 40/ ألف سنة قبل الميلاد...، ولقد تم تقدير عمر الطفل بحوالي سنتين..، وبالرغم من اكتشاف عدة هياكل لإنسان (نياندرتالي) في العالم فإن طفل (دودريية) يعتبر بالغ الأهمية لأنه يكاد يكون أول هيكل عظمي كامل اكتشف في مدفنه الأصلي, وجذب هذا الاكتشاف الباحثين عبر العالم.
ولكهف دودرييه (Du deriye ) بابين, الباب الشمالي وهو الكبير ويشرف على الوادي عرضه / 8 / أمتار, و الباب الثاني يقع في الجهة الجنوبية وهو أصغر من الباب الأول وهو شبيه بفتحة المغاور الآرامية التي كانت تستخدم للإنارة , أي شبيهة بالمدخنة ولكنه طبيعي.
أما مساحة الكهف التقريبية فهي: 60 × 40 = 2400 م2 تحديداً، وكلمة دودريّة في اللغة الكردية تعني البوابتين أو المدخلين.
وقبل هذا الاكتشاف تم العثور على مجموعة من العظام الآدمية تعود إلى ذلك التاريخ من الزمن, لكن لم يكتشف حتى تاريخ اكتشاف هكذا هيكل عظمي لطفل بقبر منهجي، هذا الطفل الذي يعود تاريخ دفنه إلى /40/ ألف عام مدفون بطريقة منهجية ويديه متحلقتين حول الجسم إلى الساقين الممدودتين...، يبلغ طول الطفل 80 سم، وبالنظر أو القياس إلى أسنان الطفل يتبين أن عمره كان حوالي عامين فقط..، لكن لم يستطع بعد أن يتأكدوا بأن هذا الهيكل العظمي لولد أو لبنت.
من خلال ما تقدم يتبين لنا بأن الإنسان الأول قد سكن منطقة جبل ليلون (شيراوا) قبل مئات الآلاف من السنين حين كان يأوي الكهوف, ويقتات النباتات ويفترس الحيوانات...، وما تزال هنالك أودية في جبل ليلون وخاصة وادي (لولكة) فيه الكثير من المغاور الشبيهة بكهف دودريية لم تخضع للبحث والتنقيب، لربما فيها الكثير من المفاجآت التاريخية الهامة .
3 ـ قبر القديس مار مارون في قرية بـراده: تم إكتشاف هذا القبر مؤخراً في قرية براد وأصل تسمية هذه القرية يعني باللغة الكردية الأخ من الأم..، وتقع قرية براده جنوب قرية كيمار على بعد / 4كم/ وهي من أكبر القرى الآثرية في جبل ليلون بعد قرية باصوفان الكبيرة جداً...، وفيها الكثير من الدور السكنية التي تعود إلى الفترة الرومانية, أكثرها يعود إلى الفترة الواقعة بين القرنين الثاني والسادس للميلاد، بما في ذلك مدفن روماني, وحمامات, وثلاث كنائس من نوع البازليك أضخمها تدعى كاتدرائية جوليانس, وفي القرن العاشر للميلاد, تحولت براد إلى مركز دفاعي بيزنطي فتحولت مبانيها إلى قلاع وحصون حربية، أما براد اليوم فسكانها كورد وهم ثلاث عائلات كبيرة وهي: (آل شمو ـ آل عبدو كوران ـ آل حمو)، ويقصدها كل عام آلاف السياح من داخل سوريا وخارجها وتنظم إليها رحلات جماعية وكل ذلك لمكانتها التاريخية ولوجود مزار المار مارون القديس.
ويمتد من سهل قطمة وكفرجنة شمالاً إلى سهل زرزيتا جنوباً، ويُشرف من الجهة الغربية على سهول نهر عفرين (قيبار, ترندة, عين دارة, غزاوية ).
وشهدت السفوح المنبسطة فوق سطح جبل ليلون (شيراوا) الذي يحتضن قلعة دير سمعان الأثرية، العديد من الحضارات الإنسانية التي تستحق أن يُبذل من أجلها الكثير من الجهود لتوضيح ما هو غامض ولم يتم الكشف عنه من تاريخها ومعالمها.
وتذكر الأبحاث والدراسات الجيولوجيا والتاريخية رغم قلتها، أنّ جبل ليلون كان منطلقاً للبشرية الأولى ومهداً للحضارات الإنسانية والدينية من الآيزيدية والمسيحية وغيرها.
وتـُظهر الأبحاث بأن هذا الجبل كان مأوى للإنسان حينما كان يقطن الكهوف، ويتغذى بالنباتات ويصطاد الحيوانات البرية، وقد كانت هذه المواقع الأثرية مركزاً لمعتقدات وأديان مختلفة في القرون التي سبقت الميلاد وتلته.
معنى تسمية ليلون
ورد اسم جبل ليلون في الكثير من المصادر التاريخية القديمة بتسميات مختلفة، ففي التوراة مثلاً ورد ذكره تحت اسم جبل نابو، وذلك نسبة للإله الرافدي الذي اشتهر خلال القرن التاسع قبل الميلاد في منطقة بلاد ما بين النهرين التي هي موطن الإمبراطوريات الكوردية القديمة.
ومما لا شك فيه بأن أصل تسمية ليلون هي كوردية صرفة من الناحية اللغوية، فكلمة ليلون تطلق على ثمرة الزيتون قبل نضوجها حينما تكون فجة، وتعني المرارة الزائدة المعروفة عن هذه الثمرة عندما تكون في طور النمو وليس النضج.
وقد تكون التسمية مشتقة من الكلمة الكوردية ليلان التي تعنى السراب ولا يستبعد أن تكون التسمية مصدرها من الكلمة الكوردية ليلان وهي جمع لمفرد (لول أو ليل أو ليلوز) والتي تعنى الدفلة وهي نبتة معروفة وموجود بكثافة في وادي لويلك الذي يقع في الطرف الشمالي الغربي من جبل ليلون، وقد تكون التسمية آتية من اسم الوادي نفسه وذلك لأهميته بالنسبة لأهالي جبل ليلون كونه يحتوي على نبع ماء جارٍ وهو الوحيد الصالح للشرب في الجبل.
أما الرواية الشعبية لأهالي منطقة جبل ليلون بخصوص التسمية فتقول بأنها لالان والتي تعني الزنابق أي (جبل الزنابق) والمعروف عن طبيعة جبل ليلون في فصل الربيع كثرة الزنابق البرية وبخاصة في القسم الجنوبي منه، وإلى يومنا هذا ما تزال توجد أماكن في جبل ليلون تسمى بـ لالان، مثلاً: في قرية كفر نبو هنالك منطقة عالية قليلاً يسميها الأهالي بتلة لالان، وفي الجهة الجنوبية من فافرتين يوجد وادٍ صغير يسمونه بوادي لالان.
أما التسمية الثالثة الدارجة لجبل ليلون فهي (شيراوا) وهي تسمية كوردية صرفة، ولها أكثر من دلالة: ويُرجّح أن تكون هذه التسمية قد أطلقت على منطقة جبل ليلون خلال القرن الثامن عشر الميلادي نسبة إلى أهاليها عشيرة شيروان، وذلك لأن القرى التي تقع في السفح الجنوبي من الجبل أهلها ينحدرون من عشيرة شيروان الموجودة في كردستان العراق...، أو قد تكون التسمية نسبة إلى الإلهة (شيراوا) التي كانت تعبد خلال القرن التاسع قبل الميلاد وحتى القرنين الأول والثاني بعد الميلاد.
وأما في وقتنا الحاضر فإن جبل ليلون في قيود الدولة السورية يعرف باسم جبل سمعان، وهذه التسمية نسبة إلى قلعة سمعان.
جبل ليلون قبل الميلاد وبعده
إن منطقة عفرين (كورداغ) الواقعة في كوردستان سوريا، خضعت عبر التاريخ للعديد من الإمبراطوريات والممالك التي ما زالت بعض آثارها تدلّ على أنها بسطت نفوذها في هذه المنطقة خلال الفترة التي سبقت (540 م)، وأهمها الحورية (أي الهورية) والميتانية (الميتاهورية) والحثية، المصرية (الفرعونية)، الآشورية، الأوراراتية، الميدية، الأخمينية، اليونانية، السلوقية، الرومانية والبيزنطية وغيرها.
وفي سنة (16هـ) دخلت الجيوش الإسلامية جبل ليلون وهدّمت قلعة سمعان ومن ثم دخلت قلعة هوري، وبهذا الشكل وقعت منطقة جبل ليلون ضمن حدود الدولة الإسلامية فيما بعد، ومع حلول عام (1105م) دخل الصليبيون إلى منطقة ليلون...، وفي عام (1113 م) هاجم صاحب إنطاكية حصن الأتارب في الحدود الجنوبية من جبل ليلون وحاصره ثم استولى...، وفي عام (1175م) انتقل الحكم في هذه المنطقة من الأسرة الزنكية إلى الأيوبين، وبعد وفاة السلطان صلاح الدين سنة (1193م) تولى ابنه الملك الظاهر حكم حلب ومعها جبل ليلون ومنطقة كورداغ.
وفي كل المراحل كانت منطقة جبل ليلون تتبع لمدينة إنطاكية وبخاصة من بداية الفترة الرومانية حتى انتقال حكم تلك المناطق إلى الأيوبين وإنشاء إمارة كلس، وحين انتقلت السلطة من الأيوبين إلى المماليك بقيت إمارة كلس شبه مستقلة بيد الأسرة المندية طيلة الفترة المملوكية...، وفي الفترة العثمانية انتقلت السلطة إلى السلطان سليمان القانوني عام (1520م) الذي قام بتسليم إدارة إمارة كلس إلى جان بولات بك (الكوردي) وحين توفي عام 1572م تولى ولده جعفر الحكم على كلس...، وبعد وفاته تسلم شقيقه حبيب بك إمارة كلس وحكمها ثلاثة أعوام...، ثم تم عزله وأسنده ثانية إلى حسين بك وفي عام (1602م) تم تعينه والياً على حلب...، وطيلة الفترة العثمانية كانت إمارة كلس تتبع لولاية حلب إدارياً...، وبعد أن قتل علي باشا جان بولات انتهى دور الأسرة المندية العريقة فسلمت حكومة الآستانة ولاية إمارة كلس عام (1620م) لأحد زعماء عشيرة برواري من الفرع الروباري, ولا تزال الأسرة الروبارية العريقة تتزعم الجبل وتسكن العديد من القرى في جبل الكورد وبخاصة سهل روبار في السفح الشمالي الشرقي من جبل ليلون.
وفي كانون الأول عام 1918م دخلت القوات الإنكليزية مدينة حلب...، وفي عام 1919م تسلمت القوات الفرنسية ولاية حلب من القوات الإنكليزية...، وبهذا أصبحت سورية تحت الانتداب الفرنسي الذي قام فيما بعد بإعطاء منطقة إنطاكية وكلس لتركيا ضمن منطقة لواء إسكندرون...، بينما بقيت منطقة عفرين تابعة لسوريا، وبذلك أصبحت مدينة عفرين مركز منطقة وأصبح جبل ليلون يتبع لها إدارياً حتى اليوم.
جميع قرى جبل ليلون أثرية ويسكنها أهلها الكورد:
يوجد في جبل ليلون عشرات القرى الكوردية والمواقع الأثرية وسكانها كورد شيراويين وروباريين وينحدرون من عشيرتي شيروان وبروار الكورديتان الاتان تسكنان بقسمهما الأكبر في كوردستان العراق حالياً، والمعروف أن سكان هذا الجبل الكوردستاني الصخري معروفون بقوتهم الجسدية وبطبعهم القاسي جداً، ويبلغ عدد سكان جبل ليلون بشكل تقديري رغم الهجرة الدائمة قرابة (75000) مئة ألف نسمة من الكورد الشيروانيين والبرواريين وغيرهم من العشائر الكوردية القاطنة حالياً في جبل ليلون.
يفوق عدد قرى ومزارع جبل ليلون ثلاثين قرية كلها غنية بالآثار، وهي: قلعة دير سمعان، كفر نبو، برادة، كيمار، صوغانكة، كلوتـة، دير مشمش، كوبلـة، زريقات، مياسـة، زعرانيـت، عقيبـة (آقيبة)، خراب شمسة، باصوفان، بعية، فافرتين، كِبَـشين، برج حيـدر، باشمرا، القرية الكبير، برج قازة، برجكة سليمان، زيارة، خالتان، كورزيلة، قرية جلبر، باصلحايا، أبين، خربة الحياة، كشتعار، ...إلخ.
وينتمي أهالي جبل ليلون إلى القومية الكوردية ويتكلمون اللغة الكوردية (اللهجة الكرمانجية) الأصيلة، وما زالوا يحافظون على أصالتها ونقائها أكثر من المناطق الأخرى في جبل الكورد (كورداغ), ويمكن التعرف على الشيراوي أو الروباري بمجرد النطق بالكلام لأنهم كما ذكرنا يحافظون على المفردات الكوردية التي تميزهم عن غيرهم من سكان منطقة جبل الكورد.
أهم قلاع جبل ليلون:
بدأت السياحة تنشط في جبل ليلون بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وتعتبر هذه المنطقة من المناطق المشهورة لوجود الكثير من المعالم الأثرية المعروفة عالمياً مثل كهف دودرييه التي سكنها الإنسان أكثر من /150/ ألف سنة قبل الميلاد, وكنيسة القديس سمعان العمودي المعروف بقلعة سمعان, وقبر المار (مارون) أبو الطائفة المارونية في قرية برادة، وقلعة كالوتة, وقلعة أو مزار الشيخ بركات الايزيدي على قمة جبل شيخ بركات العالي وقلعة الباسوطة وقلعة عيندارة وأثار كرزيلة وغيرها العشرات من المعالم الأثرية الهامة، ونظراً لأهمية قلعة سمعان وكهف دودرية وقبر مارمارون، سنتحدّث عنهم بشكل أوسع.
1 ـ قلعة سمعان:
تقع قلعة سمعان في أقصى النهاية الجنوبية من سفح جبل ليلون، وهي مبنية على نتوء صخري، يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر (564 م)، وكان القديس سمعان، قد اختار هذا المكان المنعزل والعالي، بقصد التقرب إلى الله للعبادة جريا على عادة الرهبنة، ولد سمعان أو سيمون حوالي عام 368 للميلاد في بلدة (سيس) القريبة من مدينة أضنة الحالية في تركيا، كان في صغره راعيا للماشية، وانضم في ريعان شبابه إلى جماعة من النساك قرب (سيس)، وبقي معهم مدة سنتين، ثم انتقل إلى منطقة دير تلعادة جنوبي جبل شيخ بركات وأمضى هناك عشر سنوات في الصلاة والتقشف، حيث كان يتناول الطعام مرة واحدة في الاسبوع، فطلب منه مغادرة الدير لشدة أذاه على نفسه، فلجأ في عام 412 م إلى بلدة تيلانيسوس (دير سمعان) الحالية وعاش فيها ثلاث سنوات، وصام هناك أربعين يوما دون أن يأكل أو يشرب، إلى أن أصبحت عادة لديه، ثم أرتقى إلى قمة الجبل، وربط نفسه هناك بسلسلة حديدية إلى صخرة، وراح الناس يقصدونه من كل حدب وصوب، فبنى لنفسه عمودا ليقيم عليه تلافيا لازدحام الناس وتقربا إلى الله، وظل يعلّي العمود بين الحين والآخر إلى أن وصل ارتفاعه إلى (16) مترا، وأمضى عليه اثنين واربعين عاما لحين وفاته وهو على عموده سنة 459 م، يصل موقع القلعة في الشمال بامتداد تضاريس سطح الجبل، وتتحدد الجهات الثلاث الأخرى بجروف صخرية عالية، خاصة من الناحية الغربية، حيث يزيد ارتفاعه هنا عن مائة متر، فالقلعة تنتصب على نتوء صخري يطل من جهة الغرب على سهل جومه (عفرين) الفسيح، الذي يخترقه نهر عفرين من وسطه، ويؤطر هذا المشهد الخلاب في أقصى الغرب جبل الآمانوس لتشكل لوحة طبيعية رائعة، خاصة وقت الغروب، فللغروب في القلعة سر خاص، وجمال لا يوصف، كان يؤجج نار الإيمان في قلب مار سمعان مع كل إطلالة لشمس أو غروبها وهو من فوق عموده متأملا هذه الطبيعة المدهشة من حوله. وتعتبر كنيسة مار سمعان من اكبر كنائس العالم، وأفخمها إلى يومنا هذا، فقد اتخذ البناءون من عمود (مار سمعان) مركزا لبنائها الذي أخذ شكل صليب، ذراعه الشرقي أطول قليلا من الأذرع الثلاثة الأخرى المتساوية، وتبلغ مساحة الكنيسة / 5000 / مترا مربعا، وبدأ العمل ببنائها عام / 476 / م، وتم الانتهاء منها سنة / 490 / م، ثم أضيفت ملحقات الكنيسة بعد ذلك لسنوات، وهي: (الدير الكبير، وبيت المعمودية، والمقبرة، وبعض دور السكن لطلاب العلم، وفنادق للضيوف)، حتى بلغت مساحة البناء الإجمالية / 1200 / مترا مربعا، في عامي / 536 و 528 / م، وقعت زلازل شديدة في المنطقة، فألحقت ضررا كبيرا بالكنيسة، وربما سقط سقفها الخشبي وقتئذ، وبعد خضوع المنطقة للمسلمين، بقيت الكنيسة بيد أصحابها المسيحيين مقابل دفع الجزية، واستمر الأمر على ذلك إلى أن ضعفت الدولة الإسلامية، فسيطر عليها البيزنطيون مجددا في أواسط القرن العاشر الميلادي، حينما انتصر (نقفور) البيزنطي على الحمدانيين في حلب عام 970 م، فبنى حولها سورا قويا مدعما بـ / 27 / برجاً وتحولت الكنيسة وملحقاتها من مركز ديني مرموق، إلى قلعة عسكرية حصينة، في منطقة حدودية بين البيزنطيين والمسلمين، وعرفت من يومها بقلعة سمعان.
2 ـ كهف دودَرييه (Sikefta Duderiye):
يقع كهف دودرييه (Duderiye ) في منطقة جبل ليلون (شيراوا) شمال غرب مدينة حلب على بعد /45 كم/ منها، وجنوب مدينة عفرين بـ /15كم/ وفوق قرية برج عبدالو التابعة لمنطقة عفرين, وغرب قرية براد بـ /4 كم/، ويبلغ عمق الكهف /60 م/ وعرضه /40 م/ وبعلو /450 م/ فوق مستوى سطح البحر...، ويقع على الضفة اليسرى من وادٍ يعبر المنحدر الغربي من جبل ليلون (شيراوا) الحد الشرقي من وادي عفرين .
ودودرييه واحد من مكتشفات عديدة نتجت عن مسح استطلاعي شامل لوادي عفرين، حيث تم اكتشاف كهف دودريية عام 1978 م، وبعد مرور ستة عشر عاماً من التنقيب وبشكل متقطع , في 23 / 8 / 1993 وبشراكة فريق ياباني سوري للتنقيب تم اكتشاف بقايا مستحاثة إنسانية في الكهف...، وتبين نتيجة البحث والتحليل بأن هذه العظام تنتمي إلى إنسان (انياندرتال) الذي عاش في العصر الحجري المتوسط أي /200 إلى 40/ ألف سنة قبل الميلاد...، ولقد تم تقدير عمر الطفل بحوالي سنتين..، وبالرغم من اكتشاف عدة هياكل لإنسان (نياندرتالي) في العالم فإن طفل (دودريية) يعتبر بالغ الأهمية لأنه يكاد يكون أول هيكل عظمي كامل اكتشف في مدفنه الأصلي, وجذب هذا الاكتشاف الباحثين عبر العالم.
ولكهف دودرييه (Du deriye ) بابين, الباب الشمالي وهو الكبير ويشرف على الوادي عرضه / 8 / أمتار, و الباب الثاني يقع في الجهة الجنوبية وهو أصغر من الباب الأول وهو شبيه بفتحة المغاور الآرامية التي كانت تستخدم للإنارة , أي شبيهة بالمدخنة ولكنه طبيعي.
أما مساحة الكهف التقريبية فهي: 60 × 40 = 2400 م2 تحديداً، وكلمة دودريّة في اللغة الكردية تعني البوابتين أو المدخلين.
وقبل هذا الاكتشاف تم العثور على مجموعة من العظام الآدمية تعود إلى ذلك التاريخ من الزمن, لكن لم يكتشف حتى تاريخ اكتشاف هكذا هيكل عظمي لطفل بقبر منهجي، هذا الطفل الذي يعود تاريخ دفنه إلى /40/ ألف عام مدفون بطريقة منهجية ويديه متحلقتين حول الجسم إلى الساقين الممدودتين...، يبلغ طول الطفل 80 سم، وبالنظر أو القياس إلى أسنان الطفل يتبين أن عمره كان حوالي عامين فقط..، لكن لم يستطع بعد أن يتأكدوا بأن هذا الهيكل العظمي لولد أو لبنت.
من خلال ما تقدم يتبين لنا بأن الإنسان الأول قد سكن منطقة جبل ليلون (شيراوا) قبل مئات الآلاف من السنين حين كان يأوي الكهوف, ويقتات النباتات ويفترس الحيوانات...، وما تزال هنالك أودية في جبل ليلون وخاصة وادي (لولكة) فيه الكثير من المغاور الشبيهة بكهف دودريية لم تخضع للبحث والتنقيب، لربما فيها الكثير من المفاجآت التاريخية الهامة .
3 ـ قبر القديس مار مارون في قرية بـراده: تم إكتشاف هذا القبر مؤخراً في قرية براد وأصل تسمية هذه القرية يعني باللغة الكردية الأخ من الأم..، وتقع قرية براده جنوب قرية كيمار على بعد / 4كم/ وهي من أكبر القرى الآثرية في جبل ليلون بعد قرية باصوفان الكبيرة جداً...، وفيها الكثير من الدور السكنية التي تعود إلى الفترة الرومانية, أكثرها يعود إلى الفترة الواقعة بين القرنين الثاني والسادس للميلاد، بما في ذلك مدفن روماني, وحمامات, وثلاث كنائس من نوع البازليك أضخمها تدعى كاتدرائية جوليانس, وفي القرن العاشر للميلاد, تحولت براد إلى مركز دفاعي بيزنطي فتحولت مبانيها إلى قلاع وحصون حربية، أما براد اليوم فسكانها كورد وهم ثلاث عائلات كبيرة وهي: (آل شمو ـ آل عبدو كوران ـ آل حمو)، ويقصدها كل عام آلاف السياح من داخل سوريا وخارجها وتنظم إليها رحلات جماعية وكل ذلك لمكانتها التاريخية ولوجود مزار المار مارون القديس.