تواجه البنت أوّل ولادتها وجوهاً عبوسة مكفهرّة ، ذلك أنّ الأهل كانوا ينتظرون الولد المبارك ، وها قد أتت البنت المشؤومة وهي تحمل معها العار والشنار .
«فولادة الذّكر تثير مشاعر البهجة وتنتشر بسرعة وتُستقبَل بالزغاريد ، أمّا الأنثى فتسمع كلمات الأسف والأمل والتمنِّي بمجيء الذكر بعدئذ ...» () .
ويُكنّى الرجل باسم ابنه ، ولو كُنِّيَ باسم بنته البِكر فإذا ما ولد له ذكر ، تُغيّر كنيته فوراً باسم الولد الذكر .
وتواجه البنت عقدة الحقارة في كل نظرة ينظر لها الأب ، فهي مقرونة بالأسى والتأسّف .. وفي أحسن الأحوال بالشفقة لهذه المسكينة التي لا يعلم أحد ماذا يخبئ لها الدهر .
وفي الوقت الذي يتلقّى الأهل الولد بالأحضان ، يُقبِّلونه ويلاعبونه ، فإنّ البنت هي التي يجب أن تتودّد وتظهر إنكسارها لأبيها حتى يحنّ لها قلبه ويشفق عليها بنظرة أو ابتسامة أو قبلة خجولة .
ويُربّى الولد وينشأ على أساس أ نّه وليّ العهد ، وأ نّه الذي يتولّى أمور البيت في غياب أبيه ومن بعده ، في نفس الوقت الذي تُربّى فيه البنت على أن تكون في كنف أخيها ، تطيعه وتظهر له الاحترام .
وتنشأ البنت ضعيفة مقهورة مطأطأة الرأس محرومة من كثير من متع الحياة كاللّعب في الأزقّة وممارسة الرياضة والفروسية ، والحضور في المجالس والأندية الاجتماعية ... وحتى حضور الصلاة ، بل حتى زيارة القبور ، في الوقت الذي يُربّى الولد على رفع الرأس وتنمية الشهامة والشجاعة فيه وعلى الظهور بمظهر اجتماعي لائق .
وفي الوقت الذي يحقّ للولد أن يتفرّس في وجوه النساء ليختار زوجة له ، وأن يجهر برغبته في الزواج وأن يقبل أو يرفض مَن يشاء ، وأن يحبّ ويُغازل ، بل حتى أن يسهو ويخطأ لأ نّه في سنّ الشباب .
في نفس الوقت يتحتّم على المرأة أن تحبس أنفاسها وأن تقتل رغبتها وأن تتجرّد من ميولها ، وأن لا تبدي رأياً يخالف أهلها ، فالصّلاح ما اختاره والداها ، فسكوتها من رضاها ، وأمّا النطق فهو دليل طيشها وهواها ، فالكلمة لأبيها ، وهي لا تزيد على كلمته حرفاً .
وتُساق العروس إلى بيت زوجها مشحونة بكلماتِ وداع أبدية ، فهي من لباس العرس الأبيض إلى لباس الكفن الأبيض ، ومن «المهد إلى اللّحد» ، وعليها أن تعيش مع زوجها مهما كان وعلى أي حال ، وأن لا تفكِّر بالعودة إلى بيتها .
وكثيراً ما عاشت نساء مع رجال مجرمين ومدمنين على المخدّرات ، وعتاة وظالمين ، وتحمّلن أنواع الأذى دون أن يفكِّرن بترك هؤلاء ، وسبّبن بذلك دمار حياتهنّ وحياة أبنائهنّ ، لأنّ العرف والأهل يجبراهنّ على العيش مع أزواجهنّ مهما كانوا .
وقد تضطرّ المرأة لمسخ شخصيتها وتقمّص شخصية الرجل حتى تستطيع التعايش معه والاستمرار في حياتها .
وفي بيت الزوجية ، يُلاحق شبح زواج الرجل من امرأة أخرى أو معاشرته لها خـيالها ليل نهار ، كلّما تأخّر الرجل خارج المنزل أو كلّما سها عنها ، لأنّ الرجال أحرار في أن يتزوّجوا ما شاؤوا ، وغلطتهم تُغتفَر ، في الوقت الذي لا يغسل عار المرأة إلاّ دمها .
ويسـتعمل الرجال عادة سلاح الزواج بأخرى لتهديد المـرأة و «تأديبها» ، كلّما «شذّت» عن الطريق فقصّرت في «واجباتها» أو طالبت بحقوقها و «تجاوزت حدّها» !! وهو ما يجعل المرأة تعيش دوماً في قلق مستمرٍّ وهوس دائم .
ولأنّ الرجال لا ينعمون بالديمقراطية في مجتمعاتهم ويتعرّضون للاستبداد المستمر من حكّامهم وحكوماتهم ، وهم يعانون من كبت الحريات ومصادرة الحقوق ، فإنّهم يعوِّضون أنفسهم في ممارسة حكومتهم في دولتهم المصغّرة «العائلة» ، فيطلقون لأنفسهم العنان للصراخ بأعلى أصواتهم وإصدار الأوامر دون قيد أو شرط وممارسة الاستبداد المطلق على رؤوس نسائهم وأولادهم .
وبالتالي نجد ظاهرة «الحصر» سائدة في معظم الاُسر ، والكآبة متفشية في كثير من النساء .
ولا تقف القضـية عند الممارسـات اليومية ، فالجنس من حق الرجال ، والمرأة تستسلم للرجل دون أن يكون لها حق الاستمتاع والمطالبة بالإشباع ، لأنّ في ذلك مساساً برجولة «الرجل» ومسّاً بكرامته .
والمرأة توصي زوجها بالزواج من أخرى عند وفاتها ، ولكن ينكر على المرأة أن تفكِّر في زوج آخر بعد وفاة زوجها ، وربّما ـ كما في الهند ـ عليها أن ترحل معه ، فترمي بنفسها فوق جثّته وسط النار المشـتعلة ، لتخدمه في الآخرة كما خدمته في الدنيا ... !!
وهكذا تواجه المرأة : الحقارة والكآبة واليأس منذ ولادتها حتى وفاتها ، بمختلف الأشكال الصريحة والمخفيّة وراء ستر من الأعراف والتقاليد الموروثة و «المقدّسة» أحياناً
«فولادة الذّكر تثير مشاعر البهجة وتنتشر بسرعة وتُستقبَل بالزغاريد ، أمّا الأنثى فتسمع كلمات الأسف والأمل والتمنِّي بمجيء الذكر بعدئذ ...» () .
ويُكنّى الرجل باسم ابنه ، ولو كُنِّيَ باسم بنته البِكر فإذا ما ولد له ذكر ، تُغيّر كنيته فوراً باسم الولد الذكر .
وتواجه البنت عقدة الحقارة في كل نظرة ينظر لها الأب ، فهي مقرونة بالأسى والتأسّف .. وفي أحسن الأحوال بالشفقة لهذه المسكينة التي لا يعلم أحد ماذا يخبئ لها الدهر .
وفي الوقت الذي يتلقّى الأهل الولد بالأحضان ، يُقبِّلونه ويلاعبونه ، فإنّ البنت هي التي يجب أن تتودّد وتظهر إنكسارها لأبيها حتى يحنّ لها قلبه ويشفق عليها بنظرة أو ابتسامة أو قبلة خجولة .
ويُربّى الولد وينشأ على أساس أ نّه وليّ العهد ، وأ نّه الذي يتولّى أمور البيت في غياب أبيه ومن بعده ، في نفس الوقت الذي تُربّى فيه البنت على أن تكون في كنف أخيها ، تطيعه وتظهر له الاحترام .
وتنشأ البنت ضعيفة مقهورة مطأطأة الرأس محرومة من كثير من متع الحياة كاللّعب في الأزقّة وممارسة الرياضة والفروسية ، والحضور في المجالس والأندية الاجتماعية ... وحتى حضور الصلاة ، بل حتى زيارة القبور ، في الوقت الذي يُربّى الولد على رفع الرأس وتنمية الشهامة والشجاعة فيه وعلى الظهور بمظهر اجتماعي لائق .
وفي الوقت الذي يحقّ للولد أن يتفرّس في وجوه النساء ليختار زوجة له ، وأن يجهر برغبته في الزواج وأن يقبل أو يرفض مَن يشاء ، وأن يحبّ ويُغازل ، بل حتى أن يسهو ويخطأ لأ نّه في سنّ الشباب .
في نفس الوقت يتحتّم على المرأة أن تحبس أنفاسها وأن تقتل رغبتها وأن تتجرّد من ميولها ، وأن لا تبدي رأياً يخالف أهلها ، فالصّلاح ما اختاره والداها ، فسكوتها من رضاها ، وأمّا النطق فهو دليل طيشها وهواها ، فالكلمة لأبيها ، وهي لا تزيد على كلمته حرفاً .
وتُساق العروس إلى بيت زوجها مشحونة بكلماتِ وداع أبدية ، فهي من لباس العرس الأبيض إلى لباس الكفن الأبيض ، ومن «المهد إلى اللّحد» ، وعليها أن تعيش مع زوجها مهما كان وعلى أي حال ، وأن لا تفكِّر بالعودة إلى بيتها .
وكثيراً ما عاشت نساء مع رجال مجرمين ومدمنين على المخدّرات ، وعتاة وظالمين ، وتحمّلن أنواع الأذى دون أن يفكِّرن بترك هؤلاء ، وسبّبن بذلك دمار حياتهنّ وحياة أبنائهنّ ، لأنّ العرف والأهل يجبراهنّ على العيش مع أزواجهنّ مهما كانوا .
وقد تضطرّ المرأة لمسخ شخصيتها وتقمّص شخصية الرجل حتى تستطيع التعايش معه والاستمرار في حياتها .
وفي بيت الزوجية ، يُلاحق شبح زواج الرجل من امرأة أخرى أو معاشرته لها خـيالها ليل نهار ، كلّما تأخّر الرجل خارج المنزل أو كلّما سها عنها ، لأنّ الرجال أحرار في أن يتزوّجوا ما شاؤوا ، وغلطتهم تُغتفَر ، في الوقت الذي لا يغسل عار المرأة إلاّ دمها .
ويسـتعمل الرجال عادة سلاح الزواج بأخرى لتهديد المـرأة و «تأديبها» ، كلّما «شذّت» عن الطريق فقصّرت في «واجباتها» أو طالبت بحقوقها و «تجاوزت حدّها» !! وهو ما يجعل المرأة تعيش دوماً في قلق مستمرٍّ وهوس دائم .
ولأنّ الرجال لا ينعمون بالديمقراطية في مجتمعاتهم ويتعرّضون للاستبداد المستمر من حكّامهم وحكوماتهم ، وهم يعانون من كبت الحريات ومصادرة الحقوق ، فإنّهم يعوِّضون أنفسهم في ممارسة حكومتهم في دولتهم المصغّرة «العائلة» ، فيطلقون لأنفسهم العنان للصراخ بأعلى أصواتهم وإصدار الأوامر دون قيد أو شرط وممارسة الاستبداد المطلق على رؤوس نسائهم وأولادهم .
وبالتالي نجد ظاهرة «الحصر» سائدة في معظم الاُسر ، والكآبة متفشية في كثير من النساء .
ولا تقف القضـية عند الممارسـات اليومية ، فالجنس من حق الرجال ، والمرأة تستسلم للرجل دون أن يكون لها حق الاستمتاع والمطالبة بالإشباع ، لأنّ في ذلك مساساً برجولة «الرجل» ومسّاً بكرامته .
والمرأة توصي زوجها بالزواج من أخرى عند وفاتها ، ولكن ينكر على المرأة أن تفكِّر في زوج آخر بعد وفاة زوجها ، وربّما ـ كما في الهند ـ عليها أن ترحل معه ، فترمي بنفسها فوق جثّته وسط النار المشـتعلة ، لتخدمه في الآخرة كما خدمته في الدنيا ... !!
وهكذا تواجه المرأة : الحقارة والكآبة واليأس منذ ولادتها حتى وفاتها ، بمختلف الأشكال الصريحة والمخفيّة وراء ستر من الأعراف والتقاليد الموروثة و «المقدّسة» أحياناً